قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : فلما نكثوا عهودهم "انتقمنا منهم" ، يقول : انتصرنا منهم بإحلال نقمتنا بهم ، وذلك عذابه " فأغرقناهم في اليم " ، وهو البحر ، كما قال : ذو الرمة
داوية ودجى ليل كأنهما يم تراطن في حافاته الروم
[ ص: 75 ]وكما قال الراجز :
كباذح اليم سقاه اليم
( بأنهم كذبوا بآياتنا ) ، يقول : فعلنا ذلك بهم بتكذيبهم بحججنا وأعلامنا التي أريناهموها ( وكانوا عنها غافلين ) ، يقول : وكانوا عن النقمة التي أحللناها بهم ، غافلين قبل حلولها بهم أنها بهم حالة .
و"الهاء والألف" في قوله : "عنها" ، كناية من ذكر "النقمة" ، فلو قال قائل : هي كناية من ذكر "الآيات" ، ووجه تأويل الكلام إلى : وكانوا عنها معرضين فجعل إعراضهم عنها غفولا منهم إذ لم يقبلوها ، كان مذهبا . يقال من "الغفلة" ، "غفل الرجل عن كذا يغفل عنه غفلة وغفولا وغفلا" . [ ص: 76 ]