القول في أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ( 179 ) ) تأويل قوله (
قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : ( أولئك كالأنعام ) ، هؤلاء الذين ذرأهم لجهنم ، هم كالأنعام ، وهي البهائم التي لا تفقه ما يقال لها ، ولا تفهم ما أبصرته لما يصلح وما لا يصلح ، ولا تعقل بقلوبها الخير من الشر ، فتميز [ ص: 281 ] بينهما . فشبههم الله بها ، إذ كانوا لا يتذكرون ما يرون بأبصارهم من حججه ، ولا يتفكرون فيما يسمعون من آي كتابه . ثم قال : ( بل هم أضل ) ، يقول : هؤلاء الكفرة الذين ذرأهم لجهنم ، أشد ذهابا عن الحق ، وألزم لطريق الباطل من البهائم ، لأن البهائم لا اختيار لها ولا تمييز ، فتختار وتميز ، وإنما هي مسخرة ، ومع ذلك تهرب من المضار ، وتطلب لأنفسها من الغذاء الأصلح . والذين وصف الله صفتهم في هذه الآية ، مع ما أعطوا من الأفهام والعقول المميزة بين المصالح والمضار ، تترك ما فيه صلاح دنياها وآخرتها ، وتطلب ما فيه مضارها ، فالبهائم منها أسد ، وهي منها أضل ، كما وصفها به ربنا جل ثناؤه .
وقوله : ( أولئك هم الغافلون ) ، يقول تعالى ذكره : هؤلاء الذين وصفت صفتهم ، القوم الذين غفلوا يعني : سهوا عن آياتي وحججي ، وتركوا تدبرها والاعتبار بها والاستدلال على ما دلت عليه من توحيد ربها ، لا البهائم التي قد عرفها ربها ما سخرها له .