قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في الذين عنوا بقوله : ( يسألونك عن الساعة ) . فقال بعضهم : عني بذلك قوم رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش ، [ ص: 292 ] وكانوا سألوا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ذكر من قال ذلك :
15462 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قال : قالت قريش لمحمد صلى الله عليه وسلم : إن بيننا وبينك قرابة ، فأسر إلينا متى الساعة! فقال الله : ( يسألونك كأنك حفي عنها ) .
وقال آخرون : بل عني به قوم من اليهود .
ذكر من قال ذلك :
15463 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا قال : حدثنا يونس بن بكير محمد بن إسحاق قال : حدثني محمد بن أبي محمد مولى قال : حدثني زيد بن ثابت سعيد بن جبير أو عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال جبل بن أبي قشير ، وشمول بن زيد ، لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا محمد ، أخبرنا متى الساعة إن كنت نبيا كما تقول ، فإنا نعلم متى هي؟ فأنزل الله تبارك وتعالى : ( يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي ) ، إلى قوله : ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) .
15464 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قال : طارق بن شهاب كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يزال يذكر من شأن الساعة حتى نزلت : ( يسألونك عن الساعة أيان مرساها ) . [ ص: 293 ]
قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن قوما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة ، فأنزل الله هذه الآية . وجائز أن يكون كانوا من قريش وجائز أن يكونوا كانوا من اليهود ; ولا خبر بذلك عندنا يجوز قطع القول على أي ذلك كان .
قال أبو جعفر : فتأويل الآية إذا : يسألك القوم الذين يسألونك عن الساعة ( أيان مرساها ) ؟ يقول : متى قيامها؟
ومعنى "أيان" : متى ، في كلام العرب ، ومنه قول الراجز :
أيان تقضي حاجتي أيانا أما ترى لنجحها إبانا
ومعنى قوله : ( مرساها ) ، قيامها ، من قول القائل : "أرساها الله فهي مرساة" ، و"أرساها القوم" ، إذا حبسوها ، و"رست هي ، ترسو رسوا" .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
15465 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : [ ص: 294 ] حدثنا أسباط ، عن : ( السدي يسألونك عن الساعة أيان مرساها ) ، : يقول متى قيامها .
15466 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( يسألونك عن الساعة أيان مرساها ) ، : متى قيامها؟
وقال آخرون : معنى ذلك : منتهاها ، وذلك قريب المعنى من معنى من قال : معناه : "قيامها" ، لأن انتهاءها ، بلوغها وقتها . وقد بينا أن أصل ذلك : الحبس والوقوف .
ذكر من قال ذلك :
15467 - حدثنا المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( يسألونك عن الساعة أيان مرساها ) ، يعني : منتهاها .
وأما قوله : ( قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ) ، فإنه أمر من الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بأن يجيب سائليه عن الساعة بأنه لا يعلم وقت قيامها إلا الله الذي يعلم الغيب ، وأنه لا يظهرها لوقتها ولا يعلمها غيره جل ذكره ، كما : -
15468 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ) ، يقول : علمها عند الله ، هو يجليها لوقتها ، لا يعلم ذلك إلا الله .
15469 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( لا يجليها ) ، : يأتي بها .
15470 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن قال : قال ابن جريج مجاهد : ( لا يجليها ) ، قال : لا يأتي بها إلا هو . [ ص: 295 ]
15471 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن : ( السدي لا يجليها لوقتها إلا هو ) ، يقول : لا يرسلها لوقتها إلا هو .