قال أبو جعفر : يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل للمشركين : وإن تدعوا ، أيها المشركون ، آلهتكم إلى الهدى وهو الاستقامة إلى السداد ( لا يسمعوا ) ، يقول : لا يسمعوا دعاءكم ( وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون ) .
وهذا خطاب من الله نبيه صلى الله عليه وسلم . يقول : وترى ، يا محمد ، آلهتهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون ولذلك وحد . ولو كان أمر النبي صلى الله عليه وسلم بخطاب المشركين ، لقال : " وترونهم ينظرون إليكم " .
وقد روي عن في ذلك ما : - السدي
15533 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن : ( السدي وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون ) قال : هؤلاء المشركين .
وقد يحتمل قول هذا أن يكون أراد بقوله : " هؤلاء المشركون " ، قول الله : ( السدي وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا ) . وقد كان مجاهد يقول في ذلك ، ما : -
15534 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن [ ص: 325 ] ابن أبي نجيح عن مجاهد : ( وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون ) ، ما تدعوهم إلى الهدى . وكأن وجه معنى الكلام إلى أن معناه : وترى المشركين ينظرون إليك وهم لا يبصرون فهو وجه ، ولكن الكلام في سياق الخبر عن الآلهة ، فهو بوصفها أشبه . مجاهدا
قال أبو جعفر : فإن قال قائل : فما معنى قوله : ( وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون ) ؟ وهل يجوز أن يكون شيء ينظر إلى شيء ولا يراه ؟
قيل : إن العرب تقول للشيء إذا قابل شيئا أو حاذاه : " هو ينظر إلى كذا " ، ويقال : " منزل فلان ينظر إلى منزلي " إذا قابله . وحكي عنها : " إذا أتيت موضع كذا وكذا ، فنظر إليك الجبل ، فخذ يمينا أو شمالا " . وحدثت عن أبي عبيد قال : قال الكسائي : " الحائط ينظر إليك " إذا كان قريبا منك حيث تراه ، ومنه قول الشاعر :
إذا نظرت بلاد بني تميم بعين أو بلاد بني صباح
[ ص: 326 ]يريد : تقابل نبتها وعشبها وتحاذى .
قال أبو جعفر : فمعنى الكلام : وترى ، يا محمد ، آلهة هؤلاء المشركين من عبدة الأوثان ، يقابلونك ويحاذونك ، وهم لا يبصرونك ، لأنه لا أبصار لهم . وقيل : " وتراهم " ، ولم يقل : " وتراها " ، لأنها صور مصورة على صور بني آدم عليه السلام .