قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : فلما سمعت امرأة العزيز بمكر النسوة اللاتي قلن في المدينة ما ذكره الله عز وجل عنهن
وكان مكرهن ما : - [ ص: 69 ]
19164 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن : ( السدي فلما سمعت بمكرهن ) ، يقول : بقولهن .
19165 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : لما أظهر النساء ذلك ، من قولهن : " تراود عبدها! " مكرا بها لتريهن يوسف ، وكان يوصف لهن بحسنه وجماله ; ( فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ ) .
19166 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( فلما سمعت بمكرهن ) : ، أي بحديثهن ، ( أرسلت إليهن ) ، يقول : أرسلت إلى النسوة اللاتي تحدثن بشأنها وشأن يوسف .
( وأعتدت ) ، " أفعلت " من العتاد ، وهو العدة ، ومعناه : أعدت لهن " متكأ " ، يعني : مجلسا للطعام ، وما يتكئن عليه من النمارق والوسائد :
وهو " مفتعل " من قول القائل : " اتكأت " ، يقال : " ألق له متكأ " ، يعني : ما يتكئ عليه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
19167 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا يحيى بن اليمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد : ( وأعتدت لهن متكأ ) قال : طعاما وشرابا ومتكأ .
19168 - . . . . قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن : ( السدي وأعتدت لهن متكأ ) ، قال : يتكئن عليه . [ ص: 70 ]
19169 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني معاوية عن علي ، عن ابن عباس : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، قال : مجلسا .
19170 - . . . . قال : حدثنا ، قال : أخبرنا عمرو بن عون هشيم ، عن أبي الأشهب ، عن الحسن أنه كان يقرأ : ( متكآء ) ، ويقول : هو المجلس والطعام .
19171 - . . . . قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله بن يزيد : من قرأ : " متكأ " ، خفيفة ، يعني طعاما . ومن قرأ ( متكأ ) ، يعني المتكأ .
فهذا الذي ذكرنا عمن ذكرنا عنه تأويل هذه الكلمة ، هو معنى الكلمة ، وتأويل " المتكأ " ، وأنها أعدت للنسوة مجلسا فيه متكأ وطعام وشراب وأترج . ثم فسر بعضهم " المتكأ " بأنه الطعام على وجه الخبر عن الذي أعد من أجله المتكأ وبعضهم عن الخبر عن الأترج . إذ كان في الكلام : ( وآتت كل واحدة منهن سكينا ) ، لأن السكين إنما تعد للأترج وما أشبهه مما يقطع به وبعضهم على البزماورد .
19172 - حدثني هارون بن حاتم المقرئ ، قال : حدثنا هشيم بن الزبرقان ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، في قوله : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، قال : البزماورد .
وقال : " المتكأ : " هو النمرق يتكأ عليه . وقال : زعم قوم أنه الأترج . قال : وهذا أبطل باطل في الأرض ، ولكن عسى أن يكون مع " المتكأ " أترج يأكلونه . [ ص: 71 ] أبو عبيدة معمر بن المثنى
وحكى قول أبو عبيد القاسم بن سلام أبي عبيدة ، ثم قال : والفقهاء أعلم بالتأويل منه . ثم قال : ولعله بعض ما ذهب من كلام العرب ، فإن الكسائي كان يقول : قد ذهب من كلام العرب شيء كثير انقرض أهله .
قال أبو جعفر : والقول في أن الفقهاء أعلم بالتأويل من أبي عبيدة ، كما قال أبو عبيد لا شك فيه ، غير أن أبا عبيدة لم يبعد من الصواب في هذا القول ، بل القول كما قال ، من أن من قال للمتكأ : هو الأترج ، إنما بين المعد في المجلس الذي فيه المتكأ ، والذي من أجله أعطين السكاكين ، لأن السكاكين معلوم أنها لا تعد للمتكأ إلا لتخريقه! ولم يعطين السكاكين لذلك .
ومما يبين صحة ذلك القول الذي ذكرناه عن ابن عباس ، من أن " المتكأ " هو المجلس ، ثم روي عن مجاهد عنه ، ما : -
19173 - حدثني به سليمان بن عبد الجبار ، قال ، حدثنا محمد بن الصلت ، قال : حدثنا أبو كدينة ، عن حصين ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : ( وأعتدت لهن متكأ وآتت كل واحدة منهن سكينا ) ، قال : أعطتهن أترجا ، وأعطت كل واحدة منهن سكينا .
فبين ابن عباس في رواية مجاهد هذه ، ما أعطت النسوة ، وأعرض عن ذكر بيان معنى " المتكأ " ، إذ كان معلوما معناه .
ذكر من قال في تأويل " المتكأ " ما ذكرنا :
19174 - حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي ، قال : حدثنا ، عن فضيل بن عياض حصين ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، قال : الترنج .
19175 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا عمرو بن عون هشيم ، [ ص: 72 ] عن عوف ، قال : حدثت عن ابن عباس أنه كان يقرؤها : " متكا " مخففة ، ويقول : هو الأترج .
19176 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن إدريس ، عن أبيه ، عن عطية : " وأعتدت لهن متكأ " ، قال الطعام .
19177 - حدثني يعقوب والحسن بن محمد ، قالا حدثنا ، عن ابن علية أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، قال : طعاما .
19178 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ، عن ابن علية أبي رجاء ، عن الحسن ، مثله .
19179 - حدثنا ابن بشار ، قالا حدثنا وابن وكيع غندر ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، في قوله : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، قال : طعاما .
19180 - حدثنا ، قال : حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا وهب بن جرير شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، نحوه .
19181 - حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، قال : من قرأ ( متكأ ) فهو الطعام ، ومن قرأها " متكأ " فخففها ، فهو الأترج .
19182 - حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : ( متكأ ) ، قال : طعاما
19183 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
19184 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد
[ ص: 73 ] 19185 - وحدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
19186 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا أبو خالد القرشي ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، قال : من قرأ : " متكأ " ، خفيفة ، فهو الأترج .
19187 - حدثني الحارث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، بنحوه .
19188 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا جرير ، عن ليث ، قال سمعت بعضهم يقول : الأترج .
19189 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( وأعتدت لهن متكأ ) : ، أي طعاما .
19190 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، مثله .
19191 - . . . . قال : حدثنا يزيد ، عن أبي رجاء ، عن عكرمة ، في قوله : ( متكأ ) ، قال : طعاما .
19192 - حدثني محمد بن سعد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، يعني الأترج .
19193 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، والمتكأ ، الطعام .
19194 - . . . . قال : حدثنا جرير عن ليث ، عن مجاهد : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، قال : الطعام .
[ ص: 74 ] 19195 - حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، قال : طعاما .
19196 - حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ ، قال : حدثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( متكأ ) ، فهو كل شيء يجز بالسكين .
قال أبو جعفر : قال الله تعالى ذكره ، مخبرا عن امرأة العزيز والنسوة اللاتي تحدثن بشأنها في المدينة : ( وآتت كل واحدة منهن سكينا ) ، يعني بذلك جل ثناؤه : وأعطت كل واحدة من النسوة اللاتي حضرنها ، سكينا لتقطع به من الطعام ما تقطع به . وذلك ما ذكرت أنها آتتهن إما من الأترج ، وإما من البزماورد ، أو غير ذلك مما يقطع بالسكين ، كما : -
19197 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن : ( السدي وآتت كل واحدة منهن سكينا ) ، وأترجا يأكلنه .
19198 - حدثنا سليمان بن عبد الجبار ، قال : حدثنا محمد بن الصلت ، قال : حدثنا أبو كدينة ، عن حصين ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : ( وآتت كل واحدة منهن سكينا ) ، قال : أعطتهن أترجا ، وأعطت كل واحدة منهن سكينا .
19199 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : ( وآتت كل واحدة منهن سكينا ) ، ليحتززن به من طعامهن .
19200 - حدثني ، قال : أخبرنا يونس بن عبد الأعلى ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وآتت كل واحدة منهن سكينا ) ، وأعطتهن ترنجا وعسلا فكن يحززن الترنج بالسكين ، ويأكلن بالعسل .
قال أبو جعفر : وفي هذه الكلمة بيان صحة ما قلنا واخترنا في قوله [ ص: 75 ] ( وأعتدت لهن متكأ ) . وذلك أن الله تعالى ذكره أخبر عن إيتاء امرأة العزيز النسوة السكاكين ، وترك ما له آتتهن السكاكين ، إذ كان معلوما أن السكاكين لا تدفع إلى من دعي إلى مجلس إلا لقطع ما يؤكل إذا قطع بها . فاستغني بفهم السامع بذكر إيتائها صواحباتها السكاكين ، عن ذكر ما له آتتهن ذلك . فكذلك استغني بذكر اعتدادها لهن المتكأ ، عن ذكر ما يعتد له المتكأ مما يحضر المجالس من الأطعمة والأشربة والفواكه وصنوف الالتهاء ; لفهم السامعين بالمراد من ذلك ، ودلالة قوله : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، عليه . فأما نفس " المتكأ " فهو ما وصفنا خاصة دون غيره .
وقوله : ( وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه ) ، يقول تعالى ذكره : وقالت امرأة العزيز ليوسف : ( اخرج عليهن ) ، فخرج عليهن يوسف ( فلما رأينه أكبرنه ) ، يقول جل ثناؤه : فلما رأين يوسف أعظمنه وأجللنه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
19201 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال ، حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( أكبرنه ) ، أعظمنه .
19202 - حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .
19203 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح . قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله . [ ص: 76 ]
19204 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( فلما رأينه أكبرنه ) : ، أي : أعظمنه .
19205 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن : ( السدي وقالت اخرج عليهن ) ، ليوسف ( فلما رأينه أكبرنه ) : عظمنه .
19206 - حدثنا إسماعيل بن سيف العجلي ، قال : حدثنا علي بن عابس ، قال : سمعت يقول في قوله : ( السدي فلما رأينه أكبرنه ) ، قال : أعظمنه .
19207 - حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( اخرج عليهن ) ، فخرج ، فلما رأينه أعظمنه وبهتن .
19208 - حدثنا إسماعيل بن سيف . قال : حدثنا عبد الصمد بن علي الهاشمي ، عن أبيه ، عن جده ، في قوله : ( فلما رأينه أكبرنه ) ، قال : حضن .
19209 - حدثنا علي بن داود ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله : ( فلما رأينه أكبرنه ) ، يقول : أعظمنه .
19210 - حدثني الحارث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا يحيى بن أبي زائدة ، عن ، عن ابن جريج مجاهد ، مثله .
قال أبو جعفر : وهذا القول أعني القول الذي روي عن عبد الصمد ، عن أبيه ، عن جده ، في معنى ( أكبرنه ) ، أنه حضن إن لم يكن عنى به أنهن حضن من إجلالهن يوسف وإعظامهن لما كان الله قسم له من البهاء والجمال ، ولما يجد من مثل ذلك النساء عند معاينتهن إياه فقول لا معنى له . لأن [ ص: 77 ] تأويل ذلك : فلما رأين يوسف أكبرنه ، فالهاء التي في " أكبرنه " ، من ذكر يوسف ، ولا شك أن من المحال أن يحضن يوسف . ولكن الخبر ، إن كان صحيحا عن ابن عباس على ما روي ، فخليق أن يكون كان معناه في ذلك أنهن حضن لما أكبرن من حسن يوسف وجماله في أنفسهن ، ووجدن ما يجد النساء من مثل ذلك .
وقد زعم بعض الرواة أن بعض الناس أنشده في " أكبرن " بمعنى حضن ، بيتا لا أحسب أن له أصلا لأنه ليس بالمعروف عند الرواة ، وذلك :
نأتي النساء على أطهارهن ولا نأتي النساء إذا أكبرن إكبارا
وزعم أن معناه : إذا حضن .
وقوله : ( وقطعن أيديهن ) ، اختلف أهل التأويل في معنى ذلك .
فقال بعضهم : معناه : أنهن حززن بالسكين في أيديهن ، وهن يحسبن أنهن يقطعن الأترج .
ذكر من قال ذلك :
19211 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( وقطعن أيديهن ) ، حزا حزا بالسكين .
19212 - حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وقطعن أيديهن ) ، قال : حزا حزا بالسكاكين .
[ ص: 78 ] 19213 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد
19214 - . . . . قال : وحدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وقطعن أيديهن ) ، قال : حزا حزا بالسكين .
19215 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن : ( السدي وقطعن أيديهن ) قال : جعل النسوة يحززن أيديهن ، يحسبن أنهن يقطعن الأترج .
19216 - حدثنا إسماعيل بن سيف ، قال : حدثنا علي بن عابس ، قال : سمعت يقول : كانت في أيديهن سكاكين مع الأترج ، فقطعن أيديهن ، وسالت الدماء ، فقلن : نحن نلومك على حب هذا الرجل ، ونحن قد قطعنا أيدينا وسالت الدماء ! السدي
19217 - حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : جعلن يحززن أيديهن بالسكين ، ولا يحسبن إلا أنهن يحززن الترنج ، قد ذهبت عقولهن مما رأين!
19218 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( وقطعن أيديهن ) ، وحززن أيديهن .
19219 - حدثني سليمان بن عبد الجبار ، قال : حدثنا محمد بن الصلت ، قال : حدثنا أبو كدينة ، عن حصين ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : جعلن يقطعن أيديهن وهن يحسبن أنهن يقطعن الأترج .
19220 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : ( وقطعن أيديهن ) ، قال : جعلن يحززن أيديهن ، ولا يشعرن بذلك .
[ ص: 79 ] 19221 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : قالت ليوسف : ( اخرج عليهن ) ، فخرج عليهن ( فلما رأينه أكبرنه ) ، وغلبت عقولهن عجبا حين رأينه ، فجعلن يقطعن أيديهن بالسكاكين التي معهن ، ما يعقلن شيئا مما يصنعن ( وقلن حاش لله ما هذا بشرا ) .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : أنهن قطعن أيديهن حتى أبنها ، وهن لا يشعرن .
ذكر من قال ذلك :
19222 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : قطعن أيديهن حتى ألقينها .
19223 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( وقطعن أيديهن ) ، قال : قطعن أيديهن حتى ألقينها .
قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن الله أخبر عنهن أنهن قطعن أيديهن وهن لا يشعرن لإعظام يوسف ، وجائز أن يكون ذلك قطعا بإبانة وجائز أن يكون كان قطع حز وخدش ولا قول في ذلك أصوب من التسليم لظاهر التنزيل .
19224 - حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن بشار عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، قال : أعطي يوسف وأمه ثلث الحسن .
[ ص: 80 ] 19225 - حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن المثنى محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، مثله .
19226 - . . . . وبه عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، قال : قسم ليوسف وأمه ثلث الحسن .
19227 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ; وحدثنا وكيع ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، قال : أعطي يوسف وأمه ثلث حسن الخلق .
19228 - حدثني أحمد بن ثابت ، وعبد الله بن محمد الرازيان ، قالا حدثنا عفان ، قال : أخبرنا حماد بن سلمة ، قال : أخبرنا ثابت ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : أعطي يوسف وأمه شطر الحسن .
19229 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن أبي معاذ ، عن يونس ، عن الحسن ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أعطي يوسف وأمه ثلث [ ص: 81 ] حسن أهل الدنيا ، وأعطي الناس الثلثين أو قال : أعطي يوسف وأمه الثلثين ، وأعطي الناس الثلث .
19230 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ; وحدثنا وكيع ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ربيعة الجرشي ، قال : قسم الحسن نصفين ، فأعطي يوسف وأمه سارة نصف الحسن ، والنصف الآخر بين سائر الخلق .
19231 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ربيعة الجرشي ، قال : قسم الحسن نصفين : فقسم ليوسف وأمه النصف ، والنصف لسائر الناس .
19232 - حدثنا ابن وكيع وابن حميد ، قالا حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ربيعة الجرشي ، قال : قسم الحسن نصفين ، فجعل ليوسف وسارة النصف ، وجعل لسائر الخلق نصف .
19233 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن عيسى بن يزيد ، عن الحسن : أعطي يوسف وأمه ثلث حسن الدنيا ، وأعطي الناس الثلثين .
وقوله : ( وقلن حاش لله ) ، اختلفت القرأة في قراءة ذلك .
فقرأته عامة قرأة الكوفيين : ( حاش لله ) بفتح الشين وحذف الياء .
وقرأه بعض البصريين بإثبات الياء " حاشى لله " . [ ص: 82 ]
وفيه لغات لم يقرأ بها : " حاشى الله " ، كما قال الشاعر :
حاشى أبي ثوبان إن به ضنا عن الملحاة والشتم
وذكر عن ابن مسعود أنه كان يقرأ بهذه اللغة : " حشى الله " ، و " حاش الله " ، بتسكين الشين والألف ، يجمع بين الساكنين .
وأما القراءة فإنما هي بإحدى اللغتين الأوليين ، فمن قرأ : ( حاش لله ) بفتح الشين وإسقاط الياء ، فإنه أراد لغة من قال : " حاشى لله " ، بإثبات الياء ، ولكنه حذف الياء لكثرتها على ألسن العرب ، كما حذفت العرب الألف من قولهم : " لا أب لغيرك " ، و " لا أب لشانيك " ، وهم يعنون : " لا أبا لغيرك " . و " لا أبا لشانيك " . [ ص: 83 ]
وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يزعم أن لقولهم : " حاشى لله " ، موضعين في الكلام :
أحدهما : التنزيه .
والآخر : الاستثناء . وهو في هذا الموضع عندنا بمعنى التنزيه لله ، كأنه قيل : معاذ الله .
قال أبو جعفر : وأما القول في قراءة ذلك . فإنه يقال : للقارئ الخيار في قراءته بأي القراءتين شاء ، إن شاء بقراءة الكوفيين ، وإن شاء بقراءة البصريين ، وهو : ( حاش لله ) و " حاشى لله " ، لأنهما قراءتان مشهورتان ، ولغتان معروفتان بمعنى واحد ، وما عدا ذلك فلغات لا تجوز القراءة بها ، لأنا لا نعلم قارئا قرأ بها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
19234 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وقلن حاش لله ) ، قال : معاذ الله .
19235 - حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : ( حاش لله ) ، معاذ الله .
19236 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وقلن حاش لله ) : معاذ الله .
19237 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( حاش لله ) : معاذ الله .
19238 - . . . . قال : حدثنا عبد الوهاب ، عن عمرو ، عن الحسن : ( حاش لله ) : معاذ الله .
[ ص: 84 ] 19239 - حدثني الحارث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا يحيى ، عن ، عن ابن جريج مجاهد ، مثله .
ما هذا بشرا ) ، يقول : قلن ما هذا بشرا ، لأنهن لم يرين في حسن صورته من البشر أحدا ، فقلن : لو كان من البشر ، لكان كبعض ما رأينا من صورة البشر ، ولكنه من الملائكة لا من البشر ، كما : - وقوله : (
19240 - حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وقلن حاش لله ما هذا بشرا ) : ما هكذا تكون البشر!
وبهذه القراءة قرأ عامة قرأة الأمصار . وقد : -
19241 - حدثت عن ، قال : حدثني يحيى بن زياد الفراء دعامة بن رجاء التيمي وكان غزاء عن أبي الحويرث الحنفي أنه قرأ : " ما هذا بشرى " ، أي ما هذا بمشترى .
يريد بذلك أنهن أنكرن أن يكون مثله مستعبدا يشترى ويباع .
قال أبو جعفر : وهذه القراءة لا أستجيز القراءة بها ، لإجماع قرأة الأمصار على خلافها . وقد بينا أن ما أجمعت عليه ، فغير جائز خلافها فيه .
وأما " نصب " البشر ، فمن لغة أهل الحجاز إذا أسقطوا " الباء " من الخبر نصبوه ، فقالوا : " ما عمرو قائما " . وأما أهل نجد ، فإن من لغتهم رفعه ، يقولون : " ما عمرو قائم " ; ومنه قول بعضهم حيث يقول : [ ص: 85 ]
لشتان ما أنوي وينوي بنو أبي جميعا ، فما هذان مستويان
تمنوا لي الموت الذي يشعب الفتى وكل فتى والموت يلتقيان
وأما القرآن ، فجاء بالنصب في كل ذلك ، لأنه نزل بلغة أهل الحجاز .
إن هذا إلا ملك كريم ) ، يقول : قلن ما هذا إلا ملك من الملائكة ، كما : - وقوله : (
19242 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : ( إن هذا إلا ملك كريم ) ، قال : قلن : ملك من الملائكة .