قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : قالت امرأة العزيز للنسوة اللاتي قطعن أيديهن ، فهذا الذي أصابكن في رؤيتكن إياه ، وفي نظرة منكن نظرتن إليه ما أصابكن من ذهاب العقل وعزوب الفهم ولها ، ألهتن حتى قطعتن أيديكن ، هو الذي لمتنني في حبي إياه ، وشغف فؤادي به ، فقلتن : قد شغف امرأة العزيز فتاها حبا ، إنا لنراها في ضلال مبين! ثم أقرت لهن بأنها قد راودته عن نفسه ، [ ص: 86 ] وأن الذي تحدثن به عنها في أمره حق فقالت : ( ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ) ، مما راودته عليه من ذلك كما : -
19243 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن ، قالت : ( السدي فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ) : ، تقول : بعد ما حل السراويل استعصى ، لا أدري ما بدا له .
19244 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( فاستعصم ) ، أي : فاستعصى .
19245 - حدثني علي بن داود ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( فاستعصم ) ، يقول : فامتنع .
وقوله : ( ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين ) ، تقول : ولئن لم يطاوعني على ما أدعوه إليه من حاجتي إليه ( ليسجنن ) ، تقول : ليحبسن وليكونا من أهل الصغار والذلة بالحبس والسجن ، ولأهيننه
والوقف على قوله : " ليسجنن " ، بالنون ، لأنها مشددة ، كما قيل : ( ليبطئن ) ، [ سورة النساء : 72 ]
وأما قوله : ( وليكونا ) فإن الوقف عليه بالألف ، لأنها النون الخفيفة ، وهي شبيهة نون الإعراب في الأسماء في قول القائل : " رأيت رجلا عندك " ، فإذا وقف على " الرجل " قيل : " رأيت رجلا " ، فصارت النون ألفا . فكذلك ذلك في : " وليكونا " ، ومثله قوله : ( لنسفعا بالناصية ناصية ) ، [ سورة العلق : 15 ، 16 ] الوقف عليه بالألف لما ذكرت ; ومنه قول الأعشى : [ ص: 87 ]
وصل على حين العشيات والضحى ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا
وإنما هو : " فاعبدن " ، ولكن إذا وقف عليه كان الوقف بالألف .