القول في تأويل قوله ( وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة   )  
قال أبو جعفر   : يعني بقوله : ( وقالوا ) ، اليهود ، يقول : وقالت اليهود : ( لن تمسنا النار ) ، يعني لن تلاقي أجسامنا النار ولن ندخلها ، " إلا أياما معدودة " . وإنما قيل " معدودة " وإن لم يكن مبينا عددها في التنزيل ، لأن الله جل ثناؤه أخبر عنهم بذلك وهم عارفون عدد الأيام ، التي يوقتونها لمكثهم في النار . فلذلك ترك ذكر تسمية عدد تلك الأيام ، وسماها " معدودة " لما وصفنا . 
ثم اختلف أهل التأويل في مبلغ الأيام المعدودة التي عينها اليهود  ، القائلون ما أخبر الله عنهم من ذلك فقال بعضهم بما : - 
1399 - حدثنا به أبو كريب  قال ، حدثنا عثمان بن سعيد  ، عن بشر بن عمارة  ، عن أبي روق  ، عن الضحاك  ، عن ابن عباس   : ( وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة   ) ، قال ذلك أعداء الله اليهود  ، قالوا : لن يدخلنا الله النار إلا  [ ص: 275 ] تحلة القسم ، الأيام التي أصبنا فيها العجل : أربعين يوما ، فإذا انقضت عنا تلك الأيام ، انقطع عنا العذاب والقسم  . 
1400 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال ، أخبرنا عبد الرزاق  قال ، أخبرنا معمر  ، عن قتادة  في قوله : ( لن تمسنا النار إلا أياما معدودة   ) ، قالوا : أياما معدودة بما أصبنا في العجل . 
1401 - حدثنا موسى  قال ، حدثنا عمرو  قال ، حدثنا أسباط  ، عن  السدي   : ( وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة   ) ، قال : قالت اليهود   : إن الله يدخلنا النار فنمكث فيها أربعين ليلة ، حتى إذا أكلت النار خطايانا واستنقيتنا ، نادى مناد : أخرجوا كل مختون من ولد بني إسرائيل . فلذلك أمرنا أن نختتن . قالوا : فلا يدعون منا في النار أحدا إلا أخرجوه  . 
1402 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا آدم  قال ، حدثنا أبو جعفر  ، عن الربيع  ، عن أبي العالية  قال : قالت اليهود   : إن ربنا عتب علينا في أمرنا ، فأقسم ليعذبنا أربعين ليلة ، ثم يخرجنا . فأكذبهم الله  . 
1403 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا آدم  قال ، حدثنا أبو جعفر  ، عن قتادة  قال : قالت اليهود   : لن ندخل النار إلا تحلة القسم ، عدد الأيام التي عبدنا فيها العجل  . 
1404 - حدثني محمد بن سعد  قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس  قوله : ( لن تمسنا النار إلا أياما معدودة   ) الآية ، قال ابن عباس   : ذكر أن اليهود  وجدوا في التوراة مكتوبا ، أن ما بين طرفي جهنم مسيرة أربعين سنة ، إلى أن ينتهوا إلى شجرة الزقوم نابتة في أصل الجحيم - وكان ابن عباس  يقول : إن الجحيم سقر ، وفيه شجرة الزقوم - فزعم أعداء الله ،  [ ص: 276 ] أنه إذا خلا العدد الذي وجدوا في كتابهم أياما معدودة - وإنما يعني بذلك المسير الذي ينتهي إلى أصل الجحيم - فقالوا : إذا خلا العدد انتهى الأجل . فلا عذاب ، وتذهب جهنم وتهلك . فذلك قوله : ( لن تمسنا النار إلا أياما معدودة   ) ، يعنون بذلك الأجل . فقال ابن عباس   : لما اقتحموا من باب جهنم ، ساروا في العذاب حتى انتهوا إلى شجرة الزقوم آخر يوم من الأيام المعدودة ، قال لهم خزان سقر : زعمتم أنكم لن تمسكم النار إلا أياما معدودة ! فقد خلا العدد وأنتم في الأبد ! فأخذ بهم في الصعود في جهنم يرهقون  . 
1405 - حدثني محمد بن سعد  قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس   : ( وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة   ) ، إلا أربعين ليلة . 
1406 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا إسحاق  قال ، حدثنا حفص بن عمر  ، عن الحكم بن أبان  ، عن عكرمة  قال : خاصمت اليهود  رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : لن ندخل النار إلا أربعين ليلة ، وسيخلفنا فيها قوم آخرون - يعنون محمدا  وأصحابه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده على رءوسهم " بل أنتم فيها خالدون ، لا يخلفكم فيها أحد . فأنزل الله جل ثناؤه : ( وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة   ) . 
1407 - حدثنا القاسم  قال ، حدثنا الحسين  قال ، حدثنا حجاج  ، عن  ابن جريج  قال ، أخبرني الحكم بن أبان  ، عن عكرمة ،  قال : اجتمعت يهود يوما تخاصم النبي صلى الله عليه وسلم . فقالوا : ( لن تمسنا النار إلا أياما معدودة   ) ،  [ ص: 277 ]  - وسموا أربعين يوما - ثم يخلفنا ، أو يلحقنا ، فيها أناس . فأشاروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كذبتم ، بل أنتم فيها خالدون مخلدون ، لا نلحقكم ولا نخلفكم فيها إن شاء الله أبدا " . 
1408 - حدثني  يونس بن عبد الأعلى  قال ، أخبرنا علي بن معبد  ، عن أبي معاوية  ، عن جويبر  ، عن الضحاك  في قوله : ( لن تمسنا النار إلا أياما معدودة   ) ، قال : قالت اليهود   : لا نعذب في النار يوم القيامة إلا أربعين يوما مقدار ما عبدنا العجل  . 
1409 - حدثني يونس  قال ، أخبرنا ابن وهب  قال ، قال ابن زيد   : حدثني أبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم : " أنشدكم بالله وبالتوراة التي أنزلها الله على موسى  يوم طور سيناء ، من أهل النار الذين أنزلهم الله في التوراة ؟ وقالوا : إن ربهم غضب عليهم غضبة ، فنمكث في النار أربعين ليلة ، ثم نخرج فتخلفوننا فيها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كذبتم والله ، لا نخلفكم فيها أبدا " . فنزل القرآن تصديقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم وتكذيبا لهم : ( وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا   ) إلى قوله : ( هم فيها خالدون   )  . 
وقال آخرون في ذلك بما : - 
1410 - حدثنا أبو كريب  قال ، حدثنا  يونس بن بكير  قال ، حدثنا ابن إسحاق  قال ، حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت  قال ، حدثني سعيد بن جبير  أو عكرمة  ، عن ابن عباس  قال : كانت يهود يقولون : إنما مدة الدنيا سبعة آلاف سنة ، وإنما يعذب الله الناس يوم القيامة بكل ألف سنة من أيام الدنيا يوما واحدا من أيام الآخرة ، وإنها سبعة أيام . فأنزل الله في ذلك من  [ ص: 278 ] قولهم : ( وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة   ) الآية . 
1411 - حدثنا ابن حميد  قال ، حدثنا سلمة  ، عن محمد بن إسحاق  قال ، حدثني محمد بن أبي محمد  ، عن سعيد بن جبير  أو عكرمة  ، عن ابن عباس  قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ،  ويهود تقول : إنما مدة الدنيا سبعة آلاف سنة ، وإنما يعذب الناس في النار بكل ألف سنة من أيام الدنيا يوما واحدا في النار من أيام الآخرة ، فإنما هي سبعة أيام ، ثم ينقطع العذاب . فأنزل الله عز وجل في ذلك من قولهم : ( لن تمسنا النار   ) الآية  . 
1412 - حدثني محمد بن عمرو  قال ، حدثنا أبو عاصم  ، عن عيسى  ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد  في قول الله : ( قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة   ) ، قال : كانت تقول : إنما الدنيا سبعة آلاف سنة ، وإنما نعذب مكان كل ألف سنة يوما  . 
1413 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا أبو حذيفة  قال ، حدثنا شبل  ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد  مثله - إلا أنه قال : كانت اليهود  تقول : إنما الدنيا ، وسائر الحديث مثله . 
1414 - حدثنا القاسم  قال ، حدثنا الحسين  قال ، حدثني حجاج  قال ، قال  ابن جريج  ، قال مجاهد   : وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة من الدهر . وسموا عدة سبعة آلاف سنة ، من كل ألف سنة يوما . يهود تقوله  . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					