القول في تأويل قوله تعالى ( قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون    ( 80 ) ) 
قال أبو جعفر   : لما قالت اليهود  ما قالت من قولها : ( لن تمسنا النار إلا أياما معدودة   )  [ ص: 279 ]  - على ما قد بينا من تأويل ذلك - قال الله لنبيه محمد  صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد ،  لمعشر اليهود   : ( أتخذتم عند الله عهدا   ) : أأخذتم بما تقولون من ذلك من الله ميثاقا ، فالله لا ينقض ميثاقه ، ولا يبدل وعده وعقده ، أم تقولون على الله الباطل جهلا وجراءة عليه  ؟ كما : - 
1415 - حدثنا محمد بن عمرو  قال ، حدثنا أبو عاصم  ، عن عيسى  ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد   : ( قل أتخذتم عند الله عهدا   ) أي : موثقا من الله بذلك أنه كما تقولون . 
1416 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا أبو حذيفة  قال ، حدثنا شبل  ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد  مثله . 
1417 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا آدم  قال ، حدثنا أبو جعفر  ، عن قتادة  قال : قالت اليهود   : لن ندخل النار إلا تحلة القسم ، عدة الأيام التي عبدنا فيها العجل ، فقال الله : ( أتخذتم عند الله عهدا   ) ، بهذا الذي تقولونه ؟ ألكم بهذا حجة وبرهان ؟ فلن يخلف الله عهده ، فهاتوا حجتكم وبرهانكم ، أم تقولون على الله ما لا تعلمون ؟ 
1418 - حدثنا أبو كريب  قال ، حدثنا عثمان بن سعيد  ، عن بشر بن عمارة  ، عن أبي روق  ، عن الضحاك  ، عن ابن عباس  قال : لما قالت اليهود  ما قالت ، قال الله جل ثناؤه لمحمد ، قل " أتخذتم عند الله عهدا " ، يقول : أدخرتم عند الله عهدا ؟ يقول : أقلتم لا إله إلا الله لم تشركوا ولم تكفروا به ؟ فإن كنتم قلتموها فارجوا بها ، وإن كنتم لم تقولوها ، فلم تقولون على الله ما لا تعلمون ؟ يقول : لو كنتم قلتم لا إله إلا الله ولم تشركوا به شيئا ، ثم متم على ذلك ، لكان لكم ذخرا عندي ، ولم أخلف وعدي لكم : أني أجازيكم بها  . 
1419 - حدثني موسى بن هارون  قال ، حدثنا عمرو  قال ، حدثنا أسباط  عن  السدي  قال : لما قالت اليهود  ما قالت ، قال الله عز وجل : ( قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده   )  [ ص: 280 ]  - وقال في مكان آخر : ( وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون   ) . [ آل عمران : 24 ] ، ثم أخبر الخبر فقال : ( بلى من كسب سيئة   )  . 
قال أبو جعفر   : وهذه الأقوال التي رويناها عن ابن عباس  ومجاهد  وقتادة ،  بنحو ما قلنا في تأويل قوله : ( قل أتخذتم عند الله عهدا   ) ؛ لأن مما أعطاه الله عباده من ميثاقه : أن من آمن به وأطاع أمره ، نجاه من ناره يوم القيامة . ومن الإيمان به الإقرار بأن لا إله إلا الله . وكذلك من ميثاقه الذي واثقهم به : أن من أتى الله يوم القيامة بحجة تكون له نجاة من النار ، فينجيه منها . وكل ذلك ، وإن اختلفت ألفاظ قائليه ، فمتفق المعاني على ما قلنا فيه ، والله تعالى أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					