يقول تعالى ذكره : فلما وفى موسى صاحبه الأجل الذي فارقه عليه ، عند إنكاحه إياه ابنته ، وذكر أن الذي وفاه من الأجلين ، أتمهما وأكملهما ، وذلك العشر الحجج ، على أن بعض أهل العلم قد روي عنه أنه قال : زاد مع العشر عشرا أخرى .
ذكر من قال : الذي قضى من ذلك هو الحجج العشر :
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، قال : سألت ابن عباس : أي الأجلين قضى موسى ؟ قال : خيرهما وأوفاهما .
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن سفيان ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس سئل : أي الأجلين قضى موسى ؟ قال : أتمهما وأخيرهما .
حدثني محمد بن عمارة ، قال : ثنا ، قال : ثنا عبيد الله بن موسى موسى بن عبيدة ، عن أخيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قضى موسى آخر الأجلين .
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا ابن عبيدة ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، سئل [ ص: 569 ] ابن عباس : أي الأجلين قضى موسى ؟ قال : أتمهما وأوفاهما .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، قال : ثني ابن إسحاق ، عن حكيم بن جبير ، عن سعيد بن جبير ، قال : قال يهودي بالكوفة وأنا أتجهز للحج : إني أراك رجلا تتتبع العلم ، أخبرني أي الأجلين قضى موسى ؟ قلت : لا أعلم ، وأنا الآن قادم على حبر العرب ، يعني ابن عباس ، فسائله عن ذلك ; فلما قدمت مكة سألت ابن عباس عن ذلك وأخبرته بقول اليهودي ، فقال ابن عباس : قضى أكثرهما وأطيبهما ، إن النبي إذا وعد لم يخلف ، قال سعيد : فقدمت العراق فلقيت اليهودي ، فأخبرته ، فقال : صدق ، وما أنزل على موسى هذا ، والله العالم .
قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا الأصبغ بن زيد ، عن القاسم بن أبي أيوب ، عن سعيد بن جبير ، قال : سألني رجل من أهل النصرانية : أي الأجلين قضى موسى ؟ قلت : لا أعلم ، وأنا يومئذ لا أعلم ، فلقيت ابن عباس ، فذكرت له الذي سألني عنه النصراني ، فقال : أما كنت تعلم أن ثمانيا واجب عليه ، لم يكن نبي الله نقص منها شيئا ، وتعلم أن الله كان قاضيا عن موسى عدته التي وعده ، فإنه قضى عشر سنين .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( فلما قضى موسى الأجل ) قال : حدث ابن عباس ، قال : رعى عليه نبي الله أكثرها وأطيبها .
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن أبي معشر ، عن ، قال : محمد بن كعب القرظي موسى ؟ قال : " أوفاهما وأتمهما " . سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الأجلين قضى
حدثنا أحمد بن محمد الطوسي ، قال : ثنا الحميدي أبو بكر بن عبد الله بن الزبير قال : ثنا سفيان ، قال : ثني إبراهيم بن يحيى بن أبي يعقوب ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، جبرائيل : أي الأجلين قضى موسى ؟ قال : أتمهما وأكملهما " . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " سألت
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن قال : قال ابن جريج ، مجاهد : إن النبي صلى الله عليه وسلم سأل جبرائيل : " أي الأجلين قضى موسى ؟ قال سوف أسال إسرافيل ، فسأله فقال : سوف أسأل الله تبارك وتعالى ، فسأله ، [ ص: 570 ] فقال : أبرهما وأوفاهما " .
ذكر من قال : قضى العشر الحجج وزاد على العشر عشرا أخرى :
حدثنا محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( فلما قضى موسى الأجل ) قال : عشر سنين ، ثم مكث بعد ذلك عشرا أخرى .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا حجاج ، عن عن ابن جريج ، مجاهد : ( قضى موسى الأجل ) عشر سنين ، ثم مكث بعد ذلك عشرا أخرى .
حدثني المثنى ، قال : ثنا ، قال : ثنا أبي ، عن معاذ بن هشام قتادة ، قال : ثنا أنس ، قال : لما دعا نبي الله موسى صاحبه إلى الأجل الذي كان بينهما ، قال له صاحبه : كل شاة ولدت على غير لونها فلك ولد ، فعمد ، فرفع خيالا على الماء ، فلما رأت الخيال فزعت ، فجالت جولة فولدن كلهن بلقا ، إلا شاة واحدة ، فذهب بأولادهن ذلك العام .
وقوله : ( وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا ) يقول تعالى ذكره : ( فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله ) شاخصا بهم إلى منزله من مصر ( آنس من جانب الطور ) يعني بقوله : آنس : أبصر وأحس كما قال العجاج :
آنس خربان قضاء فانكدر دانى جناحيه من الطور فمر
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ، وقد ذكرنا الرواية بذلك فيما مضى قبل ، غير أنا نذكر ههنا بعض ما لم نذكر قبل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني آنست نارا ) : أي أحسست نارا .
وقد بينا معنى الطور فيما مضى بشواهده ، وما فيه من الرواية عن أهل التأويل .
وقوله : ( لأهله امكثوا إني آنست نارا ) يقول : قال موسى لأهله : تمهلوا وانتظروا : إني أبصرت نارا ( لعلي آتيكم منها ) يعني من النار ( بخبر أو جذوة من النار ) يقول : أو آتيكم بقطعة غليظة من الحطب فيها النار ، وهي مثل الجذمة من أصل الشجرة ; ومنه قول ابن مقبل :
باتت حواطب ليلى يلتمسن لها جزل الجذا غير خوار ولا دعر
وفي الجذوة لغات للعرب ثلاث : جذوة بكسر الجيم ، وبها قرأت قراء الحجاز والبصرة وبعض أهل الكوفة . وهي أشهر اللغات الثلاث فيها ، وجذوة بفتح الجيم ، وبها قرأ أيضا بعض قراء الكوفة . وهذه اللغات الثلاث وإن كن مشهورات في كلام العرب ، فالقراءة بأشهرها أعجب إلي ، وإن لم أنكر قراءة من قرأ بغير الأشهر منهن .
وبنحو الذي قلنا في معنى الجذوة قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( أو جذوة من النار ) يقول : شهاب .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( أو جذوة ) والجذوة : أصل شجرة فيها نار .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا أبو سفيان ، عن معمر ، عن قتادة ، قوله : ( إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار ) قال : أصل الشجرة [ ص: 572 ] في طرفها النار ، فذلك قوله : ( أو جذوة ) قال : السعف فيه النار . قال معمر ، وقال قتادة ( أو جذوة ) : أو شعلة من النار .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( أو جذوة من النار ) قال : أصل شجرة .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن عن ابن جريج ، مجاهد ( أو جذوة من النار ) قال : أصل شجرة .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( أو جذوة من النار ) قال : الجذوة : العود من الحطب الذي فيه النار ، ذلك الجذوة .
وقوله : ( لعلكم تصطلون ) يقول : لعلكم تسخنون بها من البرد ، وكان في شتاء .