[ ص: 433 ] تفسير سورة فاطر
[ ص: 434 ] [ ص: 435 ] بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله تعالى : (
nindex.php?page=treesubj&link=29006_28734_33679nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير ( 1 ) )
يقول - تعالى ذكره - : الشكر الكامل للمعبود الذي لا تصلح العبادة إلا له ، ولا ينبغي أن تكون لغيره خالق السماوات السبع والأرض ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1جاعل الملائكة رسلا ) إلى من يشاء من عباده ، وفيما شاء من أمره ونهيه (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع ) يقول : أصحاب أجنحة يعني ملائكة ، فمنهم من له اثنان من الأجنحة ، ومنهم من له ثلاثة أجنحة ، ومنهم من له أربعة .
كما حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع ) قال : بعضهم له جناحان ، وبعضهم ثلاثة ، وبعضهم أربعة .
واختلف أهل العربية في علة ترك إجراء مثنى وثلاث ورباع ، وهي ترجمة عن أجنحة ، وأجنحة نكرة فقال بعض نحويي
البصرة : ترك إجراؤهن لأنهن مصروفات عن وجوههن ، وذلك أن مثنى مصروف عن اثنين ، وثلاث عن ثلاثة ، ورباع عن أربعة ، فصرف نظير عمر وزفر ، إذ صرف هذا عن عامر إلى عمر ، وهذا عن زافر إلى زفر ، وأنشد بعضهم في ذلك :
[ ص: 436 ] ولقد قتلتكم ثناء وموحدا وتركت مرة مثل أمس المدبر
وقال آخر منهم : لم يصرف ذلك لأنه يوهم به الثلاثة والأربعة قال : وهذا لا يستعمل إلا في حال العدد .
وقال بعض نحويي
الكوفة : هن مصروفات عن المعارف ، لأن الألف واللام لا تدخلها ، والإضافة لا تدخلها قال : ولو دخلتها الإضافة والألف واللام لكانت نكرة ، وهي ترجمة عن النكرة قال : وكذلك ما كان في القرآن مثل (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=46أن تقوموا لله مثنى وفرادى ) وكذلك وحاد وأحاد ، وما أشبهه من مصروف العدد .
وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1يزيد في الخلق ما يشاء ) وذلك زيادته تبارك وتعالى في خلق هذا الملك من الأجنحة على الآخر ما يشاء ، ونقصانه عن الآخر ما أحب ، وكذلك ذلك في جميع خلقه يزيد ما يشاء في خلق ما شاء منه ، وينقص ما شاء من خلق ما شاء ، له الخلق والأمر وله القدرة والسلطان (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1إن الله على كل شيء قدير ) يقول : إن الله - تعالى ذكره - قدير على زيادة ما شاء من ذلك فيما شاء ، ونقصان ما شاء منه ممن شاء ، وغير ذلك من الأشياء كلها ، لا يمتنع عليه فعل شيء أراده سبحانه وتعالى .
[ ص: 433 ] تَفْسِيرُ سُورَةِ فَاطِرٍ
[ ص: 434 ] [ ص: 435 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=treesubj&link=29006_28734_33679nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 1 ) )
يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : الشُّكْرُ الْكَامِلُ لِلْمَعْبُودِ الَّذِي لَا تَصْلُحُ الْعِبَادَةُ إِلَّا لَهُ ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لِغَيْرِهِ خَالِقِ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَالْأَرْضِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا ) إِلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ، وَفِيمَا شَاءَ مِنْ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ) يَقُولُ : أَصْحَابُ أَجْنِحَةٍ يَعْنِي مَلَائِكَةً ، فَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ اثْنَانِ مِنَ الْأَجْنِحَةِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ ثَلَاثَةُ أَجْنِحَةٍ ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ أَرْبَعَةٌ .
كَمَا حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ) قَالَ : بَعْضُهُمْ لَهُ جَنَاحَانِ ، وَبَعْضُهُمْ ثَلَاثَةٌ ، وَبَعْضُهُمْ أَرْبَعَةٌ .
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي عِلَّةِ تَرْكِ إِجْرَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ، وَهِيَ تَرْجَمَةٌ عَنْ أَجْنِحَةٍ ، وَأَجْنِحَةٌ نَكِرَةٌ فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي
الْبَصْرَةِ : تُرِكَ إِجْرَاؤُهُنَّ لِأَنَّهُنَّ مَصْرُوفَاتٌ عَنْ وُجُوهِهِنَّ ، وَذَلِكَ أَنَّ مَثْنَى مَصْرُوفٌ عَنِ اثْنَيْنِ ، وَثُلَاثَ عَنْ ثَلَاثَةٍ ، وَرُبَاعَ عَنْ أَرْبَعَةٍ ، فَصُرِفَ نَظِيرَ عُمَرَ وَزُفَرَ ، إِذْ صُرِفَ هَذَا عَنْ عَامِرٍ إِلَى عُمَرَ ، وَهَذَا عَنْ زَافِرٍ إِلَى زُفَرَ ، وَأَنْشَدَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ :
[ ص: 436 ] وَلَقَدْ قَتَلْتُكُمْ ثُنَاءَ وَمَوْحَدَا وَتَرَكْتُ مُرَّةَ مِثْلَ أَمْسِ الْمُدْبِرِ
وَقَالَ آخَرُ مِنْهُمْ : لَمْ يَصْرِفْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُوهِمُ بِهِ الثَّلَاثَةَ وَالْأَرْبَعَةَ قَالَ : وَهَذَا لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِي حَالِ الْعَدَدِ .
وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي
الْكُوفَةِ : هُنَّ مَصْرُوفَاتٌ عَنِ الْمَعَارِفِ ، لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ لَا تَدْخُلُهَا ، وَالْإِضَافَةُ لَا تَدْخُلُهَا قَالَ : وَلَوْ دَخَلَتْهَا الْإِضَافَةُ وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ لَكَانَتْ نَكِرَةً ، وَهِيَ تَرْجَمَةٌ عَنِ النَّكِرَةِ قَالَ : وَكَذَلِكَ مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ مِثْلَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=46أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ) وَكَذَلِكَ وِحَادٌ وَأَحَادٌ ، وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ مَصْرُوفِ الْعَدَدِ .
وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ) وَذَلِكَ زِيَادَتُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي خَلْقِ هَذَا الْمَلَكِ مِنَ الْأَجْنِحَةِ عَلَى الْآخَرِ مَا يَشَاءُ ، وَنُقْصَانُهُ عَنِ الْآخَرِ مَا أَحَبَّ ، وَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ خَلْقِهِ يَزِيدُ مَا يَشَاءُ فِي خَلْقِ مَا شَاءَ مِنْهُ ، وَيَنْقُصُ مَا شَاءَ مِنْ خَلْقِ مَا شَاءَ ، لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ وَلَهُ الْقُدْرَةُ وَالسُّلْطَانُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) يَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - قَدِيرٌ عَلَى زِيَادَةِ مَا شَاءَ مِنْ ذَلِكَ فِيمَا شَاءَ ، وَنُقْصَانِ مَا شَاءَ مِنْهُ مِمَّنْ شَاءَ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا ، لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ فِعْلُ شَيْءٍ أَرَادَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى .