القول في تأويل قوله تعالى : ( والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور ( 9 ) )
يقول - تعالى ذكره - : والله الذي أرسل الرياح فتثير السحاب للحيا والغيث ( فسقناه إلى بلد ميت ) يقول : فسقناه إلى بلد مجدب الأهل ، محل الأرض ، داثر لا نبت فيه ولا زرع ( فأحيينا به الأرض بعد موتها ) يقول : فأخصبنا بغيث ذلك السحاب الأرض التي سقناه إليها بعد جدوبها ، وأنبتنا فيها الزرع بعد المحل ( كذلك النشور ) يقول - تعالى ذكره - : هكذا ينشر الله الموتى بعد بلائهم في قبورهم ، فيحييهم بعد فنائهم ، كما أحيينا هذه الأرض بالغيث بعد مماتها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
[ ص: 443 ] ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار قال : ثنا عبد الرحمن قال : ثنا سفيان ، عن سلمة بن كهيل قال : ثنا أبو الزعراء ، عن عبد الله قال : يكون بين النفختين ما شاء الله أن يكون ، فليس من بني آدم إلا وفي الأرض منه شيء قال : فيرسل الله ماء من تحت العرش ; منيا كمني الرجل ، فتنبت أجسادهم ولحمانهم من ذلك ، كما تنبت الأرض من الثرى ، ثم قرأ ( والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت . . . ) إلى قوله ( كذلك النشور ) قال : ثم يقوم ملك بالصور بين السماء والأرض ، فينفخ فيه فتنطلق كل نفس إلى جسدها فتدخل فيه .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا ) قال : يرسل الرياح فتسوق السحاب ، فأحيا الله به هذه الأرض الميتة بهذا الماء ، فكذلك يبعثه يوم القيامة .