[ ص: 461 ] القول في تأويل قوله تعالى : (
nindex.php?page=treesubj&link=29006_31763_29485_33679nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ( 27 )
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=28ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور ( 28 ) )
يقول - تعالى ذكره - : ألم تر يا
محمد أن الله أنزل من السماء غيثا فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها : يقول : فسقيناه أشجارا في الأرض فأخرجنا به من تلك الأشجار ثمرات مختلفا ألوانها ; منها الأحمر ومنها الأسود والأصفر ، وغير ذلك من ألوانها (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27ومن الجبال جدد بيض وحمر ) يقول - تعالى ذكره - : ومن الجبال طرائق ، وهي الجدد ، وهي الخطط تكون في الجبال بيض وحمر وسود ، كالطرق واحدتها جدة ، ومنه قول
امرئ القيس في صفة حمار :
كأن سراته وجدة متنه كنائن يجري فوقهن دليص
يعني بالجدة : الخطة السوداء تكون في متن الحمار .
وقوله ( مختلف ألوانها ) يعني : مختلف ألوان الجدد ( وغرابيب سود ) وذلك من المقدم الذي هو بمعنى التأخير ، وذلك أن العرب تقول : هو أسود غربيب ، إذا وصفوه بشدة السواد ، وجعل السواد هاهنا صفة للغرابيب .
[ ص: 462 ] وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=28ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك ) كما من الثمرات والجبال مختلف ألوانه بالحمرة والبياض والسواد والصفرة ، وغير ذلك .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ) أحمر وأخضر وأصفر (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27ومن الجبال جدد بيض ) أي : طرائق بيض (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27وحمر مختلف ألوانها ) أي : جبال حمر وبيض (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27وغرابيب سود ) هو الأسود يعني لونه كما اختلف ألوان هذه اختلف ألوان الناس والدواب والأنعام كذلك .
حدثت عن
الحسين قال : سمعت
أبا معاذ يقول : أخبرنا
عبيد قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27ومن الجبال جدد بيض ) طرائق بيض وحمر وسود ، وكذلك الناس مختلف ألوانهم .
حدثنا
عمرو بن عبد الحميد الآملي قال : ثنا
مروان ، عن
جويبر عن
الضحاك قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27ومن الجبال جدد بيض ) قال : هي طرائق حمر وسود .
nindex.php?page=treesubj&link=29006_18467وقوله ( nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=28إنما يخشى الله من عباده العلماء ) يقول - تعالى ذكره - : إنما يخاف الله فيتقي عقابه بطاعته العلماء ، بقدرته على ما يشاء من شيء ، وأنه يفعل ما يريد ، لأن من علم ذلك أيقن بعقابه على معصيته ; فخافه ورهبه خشية منه أن يعاقبه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي قال : ثنا
عبد الله قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=28إنما يخشى الله من عباده العلماء ) قال : الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير .
[ ص: 463 ] حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=28إنما يخشى الله من عباده العلماء ) قال : كان يقال : كفى بالرهبة علما .
وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=28إن الله عزيز غفور ) يقول - تعالى ذكره - : إن الله عزيز في انتقامه ممن كفر به غفور لذنوب من آمن به وأطاعه .
[ ص: 461 ] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=treesubj&link=29006_31763_29485_33679nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ( 27 )
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=28وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ( 28 ) )
يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : أَلَمْ تَرَ يَا
مُحَمَّدُ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ غَيْثًا فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا : يَقُولُ : فَسَقَيْنَاهُ أَشْجَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ تِلْكَ الْأَشْجَارِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ; مِنْهَا الْأَحْمَرُ وَمِنْهَا الْأَسْوَدُ وَالْأَصْفَرُ ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَلْوَانِهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ ) يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : وَمِنَ الْجِبَالِ طَرَائِقُ ، وَهِيَ الْجُدَدُ ، وَهِيَ الْخُطَطُ تَكُونُ فِي الْجِبَالِ بِيضٌ وَحُمْرٌ وَسُودٌ ، كَالطُّرُقِ وَاحِدَتُهَا جُدَّةٌ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
امْرِئِ الْقَيْسِ فِي صِفَةِ حِمَارٍ :
كَأَنَّ سَرَاتَهُ وَجُدَّةَ مَتْنِهِ كَنَائِنُ يَجْرِي فَوْقَهُنَّ دَلِيصُ
يَعْنِي بِالْجُدَّةِ : الْخُطَّةَ السَّوْدَاءَ تَكُونُ فِي مَتْنِ الْحِمَارِ .
وَقَوْلُهُ ( مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا ) يَعْنِي : مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُ الْجُدَدِ ( وَغَرَابِيبُ سُودٌ ) وَذَلِكَ مِنَ الْمُقَدَّمِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى التَّأْخِيرِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ : هُوَ أَسْوَدُ غِرْبِيبٌ ، إِذَا وَصَفُوهُ بِشِدَّةِ السَّوَادِ ، وَجَعَلَ السَّوَادَ هَاهُنَا صِفَةً لِلْغَرَابِيبِ .
[ ص: 462 ] وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=28وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ ) كَمَا مِنَ الثَّمَرَاتِ وَالْجِبَالِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ بِالْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ وَالسَّوَادِ وَالصُّفْرَةِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ) أَحْمَرُ وَأَخْضَرُ وَأَصْفَرُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ ) أَيْ : طَرَائِقُ بِيضٌ (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا ) أَيْ : جِبَالٌ حُمْرٌ وَبِيضٌ (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27وَغَرَابِيبُ سُودٌ ) هُوَ الْأَسْوَدُ يَعْنِي لَوْنَهُ كَمَا اخْتَلَفَ أَلْوَانُ هَذِهِ اخْتَلَفَ أَلْوَانُ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ كَذَلِكَ .
حُدِّثْتُ عَنِ
الْحُسَيْنِ قَالَ : سَمِعْتُ
أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ : أَخْبَرَنَا
عُبَيْدٌ قَالَ : سَمِعْتُ
الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ ) طَرَائِقُ بِيضٌ وَحُمْرٌ وَسُودٌ ، وَكَذَلِكَ النَّاسُ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُمْ .
حَدَّثَنَا
عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْآمُلِيُّ قَالَ : ثَنَا
مَرْوَانُ ، عَنْ
جُوَيْبِرٍ عَنِ
الضَّحَّاكِ قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ ) قَالَ : هِيَ طَرَائِقُ حُمْرٌ وَسُودٌ .
nindex.php?page=treesubj&link=29006_18467وَقَوْلُهُ ( nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=28إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ) يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : إِنَّمَا يَخَافُ اللَّهَ فَيَتَّقِي عِقَابَهُ بِطَاعَتِهِ الْعُلَمَاءُ ، بِقُدْرَتِهِ عَلَى مَا يَشَاءُ مِنْ شَيْءٍ ، وَأَنَّهُ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ، لِأَنَّ مِنْ عَلِمَ ذَلِكَ أَيْقَنَ بِعِقَابِهِ عَلَى مَعْصِيَتِهِ ; فَخَافَهُ وَرَهِبَهُ خَشْيَةً مِنْهُ أَنْ يُعَاقِبَهُ .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
عَلِيٌّ قَالَ : ثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ قَالَ : ثَنِي
مُعَاوِيَةُ ، عَنْ
عَلِيٍّ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=28إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ) قَالَ : الَّذِينَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .
[ ص: 463 ] حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=28إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ) قَالَ : كَانَ يُقَالُ : كَفَى بِالرَّهْبَةِ عِلْمًا .
وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=28إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ) يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ فِي انْتِقَامِهِ مِمَّنْ كَفَرَ بِهِ غَفُورٌ لِذُنُوبِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَأَطَاعَهُ .