القول في تأويل قوله تعالى : (
nindex.php?page=treesubj&link=29011_29534_28850_30502nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=58وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء قليلا ما تتذكرون ( 58 ) )
وما يستوي الأعمى الذي لا يبصر شيئا ، وهو مثل الكافر الذي لا يتأمل حجج الله بعينيه ، فيتدبرها ويعتبر بها ، فيعلم وحدانيته وقدرته على خلق ما شاء من شيء ، ويؤمن به ويصدق . والبصير الذي يرى بعينيه ما شخص لهما ويبصره ، وذلك مثل للمؤمن الذي يرى بعينيه حجج الله ، فيتفكر فيها ويتعظ ، ويعلم ما دلت عليه من توحيد صانعه ، وعظيم سلطانه وقدرته على خلق ما يشاء؛ يقول - جل ثناؤه - : كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن . (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=58والذين آمنوا وعملوا الصالحات ) يقول - جل ثناؤه - : ولا يستوي أيضا كذلك المؤمنون بالله ورسوله ، المطيعون لربهم ، ولا المسيء ، وهو الكافر بربه ، العاصي له ، المخالف أمره (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=58قليلا ما تتذكرون ) يقول - جل ثناؤه - : قليلا ما تتذكرون أيها الناس حجج الله ، فتعتبرون وتتعظون؛ يقول : لو تذكرتم آياته واعتبرتم ، لعرفتم خطأ ما أنتم عليه مقيمون من إنكاركم قدرة الله على إحيائه من فني من خلقه من بعد الفناء ، وإعادتهم لحياتهم من بعد وفاتهم ، وعلمتم قبح شرككم من تشركون في عبادة ربكم .
[ ص: 406 ]
واختلفت القراء في قراءة قوله : ( تتذكرون ) فقرأت ذلك عامة قراء
أهل المدينة والبصرة : " يتذكرون " بالياء على وجه الخبر ، وقرأته عامة
قراء الكوفة : ( تتذكرون ) بالتاء على وجه الخطاب ، والقول في ذلك أن القراءة بهما صواب .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=treesubj&link=29011_29534_28850_30502nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=58وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ ( 58 ) )
وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى الَّذِي لَا يُبْصِرُ شَيْئًا ، وَهُوَ مِثْلُ الْكَافِرِ الَّذِي لَا يَتَأَمَّلُ حُجَجَ اللَّهِ بِعَيْنَيْهِ ، فَيَتَدَبَّرُهَا وَيَعْتَبِرُ بِهَا ، فَيَعْلَمُ وَحْدَانِيَّتَهُ وَقُدْرَتَهُ عَلَى خَلْقِ مَا شَاءَ مِنْ شَيْءٍ ، وَيُؤْمِنُ بِهِ وَيُصَدِّقُ . وَالْبَصِيرُ الَّذِي يَرَى بِعَيْنَيْهِ مَا شُخِّصَ لَهُمَا وَيُبْصِرُهُ ، وَذَلِكَ مَثَلٌ لِلْمُؤْمِنِ الَّذِي يَرَى بِعَيْنَيْهِ حُجَجَ اللَّهِ ، فَيَتَفَكَّرُ فِيهَا وَيَتَّعِظُ ، وَيَعْلَمُ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ مِنْ تَوْحِيدِ صَانِعِهِ ، وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى خَلْقِ مَا يَشَاءُ؛ يَقُولُ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - : كَذَلِكَ لَا يَسْتَوِي الْكَافِرُ وَالْمُؤْمِنُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=58وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) يَقُولُ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - : وَلَا يَسْتَوِي أَيْضًا كَذَلِكَ الْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ، الْمُطِيعُونَ لِرَبِّهِمْ ، وَلَا الْمُسِيءُ ، وَهُوَ الْكَافِرُ بِرَبِّهِ ، الْعَاصِي لَهُ ، الْمُخَالِفُ أَمْرَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=58قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ ) يَقُولُ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - : قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ أَيُّهَا النَّاسُ حُجَجَ اللَّهِ ، فَتَعْتَبِرُونَ وَتَتَّعِظُونَ؛ يَقُولُ : لَوْ تَذَكَّرْتُمْ آيَاتِهِ وَاعْتَبَرْتُمْ ، لَعَرَفْتُمْ خَطَأَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مُقِيمُونَ مِنْ إِنْكَارِكُمْ قُدْرَةَ اللَّهِ عَلَى إِحْيَائِهِ مَنْ فَنِيَ مِنْ خَلْقِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَنَاءِ ، وَإِعَادَتِهِمْ لِحَيَاتِهِمْ مِنْ بَعْدِ وَفَاتِهِمْ ، وَعَلِمْتُمْ قُبْحَ شِرْكِكُمْ مَنْ تُشْرِكُونَ فِي عِبَادَةِ رَبِّكُمْ .
[ ص: 406 ]
وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ : ( تَتَذَكَّرُونَ ) فَقَرَأَتْ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ : " يَتَذَكَّرُونَ " بِالْيَاءِ عَلَى وَجْهِ الْخَبَرِ ، وَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ
قُرَّاءِ الْكُوفَةِ : ( تَتَذَكَّرُونَ ) بِالتَّاءِ عَلَى وَجْهِ الْخِطَابِ ، وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ بِهِمَا صَوَابٌ .