، يقول : وأقسم بالليل إذا عسعس . أقسم ربنا جل ثناؤه بالليل إذا عسعس
واختلف أهل التأويل في قوله : ( والليل إذا عسعس ) فقال بعضهم : عني بقوله : ( إذا عسعس ) إذا أدبر .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( والليل إذا عسعس ) يقول : إذا أدبر .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( والليل إذا عسعس ) يعني : إذا أدبر .
حدثنا عبد الحميد بن بيان اليشكري ، قال : ثنا محمد بن يزيد ، عن إسماعيل [ ص: 256 ] بن أبي خالد ، عن رجل عن قال : كنت أتبع أبي ظبيان ، رضي الله عنه ، وهو خارج نحو المشرق ، فاستقبل الفجر ، فقرأ هذه الآية : ( علي بن أبي طالب والليل إذا عسعس ) .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن إدريس ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن سعد بن عبيدة ، عن أبي عبد الرحمن ، قال : خرج علي عليه السلام مما يلي باب السوق ، وقد طلع الصبح أو الفجر ، فقرأ : ( والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس ) أين السائل عن الوتر ، نعم ساعة الوتر هذه .
ثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : ( والليل إذا عسعس ) قال : إقباله ، ويقال : إدباره .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( والليل إذا عسعس ) : إذا أدبر .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( إذا عسعس ) قال : إذا أدبر .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( إذا عسعس ) إذا أدبر .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عن وكيع ، مسعر ، عن أبي حصين ، عن أبي عبد الرحمن ، قال : خرج علي عليه السلام بعد ما أذن المؤذن بالصبح ، فقال : ( والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس ) أين السائل عن الوتر ؟ قال : نعم ساعة الوتر هذه .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( والليل إذا عسعس ) قال : عسعس تولى ، وقال : تنفس الصبح من هاهنا ، وأشار إلى المشرق طلاع الفجر .
وقال آخرون : عني بقوله : ( إذا عسعس ) إذا أقبل بظلامه .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن ( والليل إذا عسعس ) قال : إذا غشي الناس .
حدثنا الحسين بن علي الصدائي ، قال : ثني أبي ، عن الفضيل ، عن عطية ( والليل إذا عسعس ) [ ص: 257 ] قال : أشار بيده إلى المغرب .
وأولى التأويلين في ذلك بالصواب عندي قول من قال : معنى ذلك : إذا أدبر ، وذلك لقوله : ( والصبح إذا تنفس ) فدل بذلك على أن القسم بالليل مدبرا ، وبالنهار مقبلا والعرب تقول : عسعس الليل ، وسعسع الليل : إذا أدبر ، ولم يبق منه إلا اليسير; ومن ذلك قول : رؤبة بن العجاج
يا هند ما أسرع ما تسعسعا ولو رجا تبع الصبا تتبعا
فهذه لغة من قال : سعسع; وأما لغة من قال : عسعس ، فقول علقمة بن قرط :
حتى إذا الصبح لها تنفسا وانجاب عنها ليلها وعسعسا
يعني أدبر . وقد كان بعض أهل المعرفة بكلام العرب ، يزعم أن عسعس : دنا من أوله وأظلم . وقال الفراء : كان أبو البلاد النحوي ينشد بيتا :
عسعس حتى لو يشاء إدنا كان له من ضوئه مقبس
يقول : لو يشاء إذ دنا ، ولكنه أدغم الذال في الدال ، قال الفراء : فكانوا يرون أن هذا البيت مصنوع .
وقوله : ( والصبح إذا تنفس ) يقول : وضوء النهار إذا أقبل وتبين .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . [ ص: 258 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد ، في قوله : ( والصبح إذا تنفس ) قال : إذا نشأ .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( والصبح إذا تنفس ) : إذا أضاء وأقبل .
إنه لقول رسول كريم ) يقول تعالى ذكره : إن هذا القرآن لتنزيل رسول كريم; يعني : وقوله : ( جبريل ، نزله على محمد بن عبد الله .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، أنه كان يقول : ( إنه لقول رسول كريم ) يعني : جبريل .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، أنه كان يقول : ( إنه لقول رسول كريم ) قال : هو جبريل .
ذي قوة عند ذي العرش مكين ) يقول تعالى ذكره : ذي قوة ، يعني : وقوله : ( جبرائيل على ما كلف من أمر غير عاجز ( عند ذي العرش مكين ) يقول : هو مكين عند رب العرش العظيم .