[ ص: 371 ] nindex.php?page=treesubj&link=28973_11004القول في تأويل قوله تعالى ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون ( 221 ) )
قال
أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : " أولئك " ، هؤلاء الذين حرمت عليكم أيها المؤمنون مناكحتهم من رجال أهل الشرك ونسائهم ، يدعونكم إلى النار يعني : يدعونكم إلى العمل بما يدخلكم النار ، وذلك هو العمل الذي هم به عاملون من الكفر بالله ورسوله . يقول : ولا تقبلوا منهم ما يقولون ، ولا تستنصحوهم ، ولا تنكحوهم ولا تنكحوا إليهم ، فإنهم لا يألونكم خبالا ولكن اقبلوا من الله ما أمركم به فاعملوا به ، وانتهوا عما نهاكم عنه ، فإنه يدعوكم إلى الجنة يعني بذلك يدعوكم إلى العمل بما يدخلكم الجنة ، ويوجب لكم النجاة إن عملتم به من النار ، وإلى ما يمحو خطاياكم أو ذنوبكم ، فيعفو عنها ويسترها عليكم .
وأما قوله : " بإذنه " ، فإنه يعني : أنه يدعوكم إلى ذلك بإعلامه إياكم سبيله وطريقه الذي به الوصول إلى الجنة والمغفرة .
ثم قال تعالى ذكره : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون " ، يقول : ويوضح حججه وأدلته في كتابه الذي أنزله على لسان رسوله لعباده ، ليتذكروا فيعتبروا ، ويميزوا بين الأمرين اللذين أحدهما دعاء إلى النار والخلود فيها ، والآخر دعاء إلى الجنة وغفران الذنوب ، فيختاروا خيرهما لهم . ولم يجهل التمييز بين هاتين إلا غبي [ غبين ] الرأي مدخول العقل .
[ ص: 371 ] nindex.php?page=treesubj&link=28973_11004الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ( 221 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ : " أُولَئِكَ " ، هَؤُلَاءِ الَّذِينَ حَرَّمْتُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ مُنَاكَحَتَهُمْ مِنْ رِجَالِ أَهْلِ الشِّرْكِ وَنِسَائِهِمْ ، يَدْعُونَكُمْ إِلَى النَّارِ يَعْنِي : يَدْعُونَكُمْ إِلَى الْعَمَلِ بِمَا يُدْخِلُكُمُ النَّارَ ، وَذَلِكَ هُوَ الْعَمَلُ الَّذِي هُمْ بِهِ عَامِلُونَ مِنَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ . يَقُولُ : وَلَا تَقْبَلُوا مِنْهُمْ مَا يَقُولُونَ ، وَلَا تَسْتَنْصِحُوهُمْ ، وَلَا تُنْكِحُوهُمْ وَلَا تَنْكِحُوا إِلَيْهِمْ ، فَإِنَّهُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَلَكِنِ اقْبَلُوا مِنَ اللَّهِ مَا أَمَرَكُمْ بِهِ فَاعْمَلُوا بِهِ ، وَانْتَهُوا عَمَّا نَهَاكُمْ عَنْهُ ، فَإِنَّهُ يَدْعُوكُمْ إِلَى الْجَنَّةِ يَعْنِي بِذَلِكَ يَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَمَلِ بِمَا يُدْخِلُكُمُ الْجَنَّةَ ، وَيُوجِبُ لَكُمُ النَّجَاةَ إِنْ عَمِلْتُمْ بِهِ مِنَ النَّارِ ، وَإِلَى مَا يَمْحُو خَطَايَاكُمْ أَوْ ذُنُوبَكُمْ ، فَيَعْفُو عَنْهَا وَيَسْتُرُهَا عَلَيْكُمْ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : " بِإِذْنِهِ " ، فَإِنَّهُ يَعْنِي : أَنَّهُ يَدْعُوكُمْ إِلَى ذَلِكَ بِإِعْلَامِهِ إِيَّاكُمْ سَبِيلَهُ وَطَرِيقَهُ الَّذِي بِهِ الْوُصُولُ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ " ، يَقُولُ : وَيُوَضِّحُ حُجَجَهُ وَأَدِلَّتَهُ فِي كِتَابِهِ الَّذِي أَنَزَلَهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ لِعِبَادِهِ ، لِيَتَذَكَّرُوا فَيَعْتَبِرُوا ، وَيُمَيِّزُوا بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ أَحَدُهُمَا دَعَّاءٌ إِلَى النَّارِ وَالْخُلُودِ فِيهَا ، وَالْآخِرُ دَعَّاءٌ إِلَى الْجَنَّةِ وَغُفْرَانِ الذُّنُوبِ ، فَيَخْتَارُوا خَيْرَهُمَا لَهُمْ . وَلَمْ يَجْهَلِ التَّمْيِيزَ بَيْنَ هَاتَيْنِ إِلَّا غَبِيٌّ [ غَبِينُ ] الرَّأْيِ مَدْخُولُ الْعَقْلِ .