فاعتزلوا النساء في المحيض ) القول في تأويل قوله تعالى (
قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : " فاعتزلوا النساء في المحيض " ، فاعتزلوا جماع النساء ونكاحهن في محيضهن كما : -
4238 - حدثني علي بن داود قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله : " فاعتزلوا النساء في المحيض " ، يقول : اعتزلوا نكاح فروجهن .
واختلف أهل العلم في . الذي يجب على الرجل اعتزاله من الحائض
فقال بعضهم : الواجب على الرجل اعتزال جميع بدنها أن يباشره بشيء من بدنه .
ذكر من قال ذلك :
4239 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا حماد بن مسعدة قال : حدثنا عوف عن محمد قال : قلت لعبيدة : ما يحل لي من امرأتي إذا كانت حائضا ؟ قال : الفراش واحد ، واللحاف شتى . [ ص: 376 ]
4240 - حدثني تميم بن المنتصر قال : أخبرنا يزيد قال : حدثنا محمد عن الزهري عن عروة عن ندبة مولاة آل عباس قالت : بعثتني - أو : ميمونة ابنة الحارث - إلى امرأة حفصة ابنة عمر وكانت بينهما قرابة من قبل النساء ، فوجدت فراشها معتزلا فراشه ، فظننت أن ذلك عن الهجران ، فسألتها عن اعتزال فراشه فراشها ، فقالت : إني طامث ، وإذا طمثت اعتزل فراشي . فرجعت فأخبرت بذلك عبد الله بن عباس ميمونة - أو حفصة - فردتني إلى ابن عباس تقول لك أمك : أرغبت عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فوالله لقد . كان النبي صلى الله عليه وسلم ينام مع المرأة من نسائه وإنها لحائض ، وما بينه وبينها إلا ثوب ما يجاوز الركبتين
4241 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا عن ابن علية أيوب عن وابن عون محمد قال : قلت لعبيدة : ما للرجل من امرأته إذا كانت حائضا ؟ قال : الفراش واحد واللحاف شتى ، فإن لم يجد إلا أن يرد عليها من ثوبه رد عليها منه . [ ص: 377 ]
واعتل قائلو هذه المقالة بأن الله تعالى ذكره أمر باعتزال النساء في حال حيضهن ، ولم يخصص منهن شيئا دون شيء ، وذلك عام على جميع أجسادهن ، واجب اعتزال كل شيء من أبدانهن في حيضهن .
وقال آخرون : بل الذي أمر الله تعالى ذكره باعتزاله منهن موضع الأذى ، وذلك موضع مخرج الدم .
ذكر من قال ذلك :
4242 - حدثنا حميد بن مسعدة قال : حدثنا قال : حدثني يزيد بن زريع عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن قال : حدثنا مروان الأصفر عن مسروق بن الأجدع قال : قلت : ما يحل للرجل من امرأته إذا كانت حائضا ؟ قالت : كل شيء إلا الجماع . [ ص: 378 ] لعائشة
4243 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا سعيد بن زريع قال : حدثنا سعيد وحدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الأعلى قال : حدثنا سعيد عن قتادة قال : ذكر لنا عن عائشة أنها قالت : وأين كان ذو الفراشين وذو اللحافين ؟ !
4244 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الأعلى قال : حدثنا سعيد عن قتادة عن عن سالم بن أبي الجعد مسروق قال : قلت : ما يحرم على الرجل من امرأته إذا كانت حائضا ؟ قالت : فرجها . لعائشة
4245 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الوهاب قال : حدثنا أيوب عن كتاب أبي قلابة : أن مسروقا ركب إلى عائشة فقال : السلام على النبي وعلى أهل بيته . فقالت عائشة : أبو عائشة ! مرحبا ! فأذنوا له فدخل ، فقال : إني أريد أن أسألك عن شيء وأنا أستحيي ! فقالت : إنما أنا أمك وأنت ابني ! فقال : ما للرجل من امرأته وهي حائض ؟ قالت له : كل شيء إلا فرجها .
4246 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن أبي زائدة قال : حدثنا حجاج عن عن ميمون بن مهران عائشة قالت : له ما فوق الإزار . [ ص: 379 ]
4247 - حدثني يعقوب قال : حدثنا قال : أخبرنا ابن علية أيوب عن نافع : أن عائشة قالت في مضاجعة الحائض : لا بأس بذلك إذا كان عليها إزار .
4248 - حدثني يعقوب قال : حدثنا عن ابن علية أيوب عن أبي معشر قال : سألت عائشة : ما للرجل من امرأته إذا كانت حائضا ؟ فقالت : كل شيء إلا الفرج .
4249 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن أبي زائدة عن محمد بن عمرو عن قال : قال محمد بن إبراهيم بن الحارث ابن عباس : إذا جعلت الحائض على فرجها ثوبا أو ما يكف الأذى ، فلا بأس أن يباشر جلدها زوجها .
4250 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن إدريس قال : حدثنا يزيد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : أنه سئل : ؟ قال : ما فوق الإزار . ما للرجل من امرأته إذا كانت حائضا
4251 - حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا قال : حدثنا هاشم بن القاسم الحكم بن فضيل عن خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس قال : اتق من الدم مثل موضع النعل . [ ص: 380 ]
4252 - حدثني يعقوب قال : حدثنا قال : أخبرنا ابن علية أيوب عن عكرمة عن أم سلمة قالت في مضاجعة الحائض : لا بأس بذلك إذا كان على فرجها خرقة .
4253 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة عن الحسن قال : للرجل من امرأته كل شيء ما خلا الفرج - يعني وهي حائض .
4254 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا ابن أبي عدي عن عوف عن الحسن قال : يبيتان في لحاف واحد - يعني : الحائض - إذا كان على الفرج ثوب .
4255 - حدثنا تميم قال : أخبرنا إسحاق عن شريك عن ليث قال : تذاكرنا عند مجاهد الرجل يلاعب امرأته وهي حائض ، قال : اطعن بذكرك حيث شئت فيما بين الفخذين والأليتين والسرة ، ما لم يكن في الدبر أو الحيض .
4256 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن أبي زائدة عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر قال : يباشر الرجل امرأته وهي حائض ؟ قال : إذا كفت الأذى .
4257 - حدثنا حميد بن مسعدة قال : حدثنا قال : حدثني [ ص: 381 ] يزيد بن زريع عمران بن حدير قال سمعت عكرمة يقول ، كل شيء من الحائض لك حلال غير مجرى الدم .
قال أبو جعفر : وعلة قائل هذه المقالة ، قيام الحجة بالأخبار المتواترة ، ولو كان الواجب اعتزال جميعهن لما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما صح ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، علم أن مراد الله تعالى ذكره بقوله : " عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يباشر نساءه وهن حيض فاعتزلوا النساء في المحيض " ، هو اعتزال بعض جسدها دون بعض . وإذا كان ذلك كذلك ، وجب أن يكون ذلك هو الجماع المجمع على تحريمه على الزوج في قبلها ، دون ما كان فيه اختلاف من جماعها في سائر بدنها .
وقال آخرون : بل الذي أمر الله تعالى ذكره باعتزاله منهن في حال حيضهن ، ما بين السرة إلى الركبة ، وما فوق ذلك ودونه منها .
ذكر من قال ذلك :
4258 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن أبي زائدة عن ابن عون عن ابن سيرين عن شريح قال : له ما فوق السرة - وذكر الحائض .
4259 - حدثنا أبو كريب وأبو السائب قالا حدثنا ابن إدريس قال : أخبرنا يزيد عن سعيد بن جبير قال : سئل ابن عباس عن الحائض : ما لزوجها منها؟ فقال : ما فوق الإزار .
4260 - حدثني يعقوب قال : حدثنا عن ابن علية أيوب عن وابن عون محمد قال : قال شريح : له ما فوق سرتها .
4261 - حدثنا قال : حدثنا ابن المثنى ابن أبي عدي عن شعبة عن واقد [ ص: 382 ] بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر قال : سئل : ما للرجل من الحائض؟ قال : ما فوق الإزار . سعيد بن المسيب
وعلة من قال هذه المقالة ، صحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما : -
4262 - حدثني به ابن أبي الشوارب قال : حدثنا عبد الواحد بن زياد قال : حدثنا وحدثني سليمان الشيباني أبو السائب قال : حدثنا حفص قال : حدثنا الشيباني قال حدثنا قال : سمعت عبد الله بن شداد بن الهاد ميمونة تقول : " . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه وهي حائض ، أمرها فأتزرت
4263 - حدثنا المثنى قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : حدثنا سفيان عن الشيباني عن عبد الله بن شداد . عن ميمونة : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يباشرها وهي حائض فوق الإزار
4264 - حدثني سفيان بن وكيع قال : حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت : . كانت إحدانا إذا كانت حائضا ، أمرها فأتزرت بإزار ثم يباشرها
4265 - حدثنا سفيان بن وكيع قال : حدثنا المحاربي عن الشيباني عن عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن الأسود عائشة قالت : . [ ص: 383 ] كانت إحدانا إذا كانت حائضا أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تأتزر ، ثم يباشرها
ونظائر ذلك من الأخبار التي يطول باستيعاب ذكر جميعها الكتاب
قالوا : فما فعل النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك فجائز ، وهو مباشرة الحائض ما دون الإزار وفوقه ، وذلك دون الركبة وفوق السرة ، وما عدا ذلك من جسد الحائض فواجب اعتزاله ، لعموم الآية .
قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، قول من قال : إن للرجل من امرأته الحائض ما فوق المؤتزر ودونه ، لما ذكرنا من العلة لهم .