القول في تأويل قوله تعالى ( فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله    ) 
قال أبو جعفر   : يعني تعالى ذكره بقوله : " فإذا تطهرن فأتوهن   " ، فإذا اغتسلن فتطهرن بالماء فجامعوهن . 
فإن قال قائل : أففرض جماعهن حينئذ؟ 
قيل : لا . 
فإن قال : فما معنى قوله إذا : " فأتوهن " ؟ 
قيل : ذلك إباحة ما كان منع قبل ذلك من جماعهن ، وإطلاق لما كان حظر في حال الحيض ، وذلك كقوله : ( وإذا حللتم فاصطادوا   ) [ سورة المائدة : 2 ] ، وقوله : ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض   ) [ سورة الجمعة : 10 ] ، وما أشبه ذلك . 
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله : " فإذا تطهرن   " . 
 [ ص: 386 ] 
فقال بعضهم : معنى ذلك ، فإذا اغتسلن . 
ذكر من قال ذلك : 4269 - حدثني المثنى  قال : حدثنا أبو صالح  قال : حدثني معاوية بن صالح  عن علي بن أبي طلحة  عن ابن عباس   : " فإذا تطهرن " يقول : فإذا طهرت من الدم وتطهرت بالماء  . 
4270 - حدثنا  محمد بن بشار  قال : حدثني ابن مهدي  ومؤمل  قالا حدثنا سفيان  عن ابن أبي نجيح  عن مجاهد   : " فإذا تطهرن   " ، فإذا اغتسلن  . 
4271 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا  يحيى بن واضح  قال : حدثنا عبيد الله العتكي  عن عكرمة  في قوله : " فإذا تطهرن   " ، يقول : اغتسلن  . 
4272 - حدثني محمد بن عمرو  قال : حدثنا أبو عاصم  عن سفيان   - أو عثمان بن الأسود   : - " فإذا تطهرن   " ، إذا اغتسلن  . 
4273 - حدثنا عمران بن موسى  حدثنا عبد الوارث  حدثنا عامر عن الحسن   : في الحائض ترى الطهر ، قال : لا يغشاها زوجها حتى تغتسل وتحل لها الصلاة  . 
4275 - حدثني يعقوب بن إبراهيم  قال : حدثنا هشيم  عن مغيرة  عن إبراهيم   : أنه كره أن يطأها حتى تغتسل - يعني المرأة إذا طهرت  . 
وقال آخرون : معنى ذلك : فإذا تطهرن للصلاة . 
ذكر من قال ذلك : 
4276 - حدثني يعقوب بن إبراهيم  قال : حدثنا هشيم  قال : أخبرنا ليث  عن طاوس  ومجاهد  أنهما قالا إذا طهرت المرأة من الدم فشاء زوجها أن يأمرها  [ ص: 387 ] بالوضوء قبل أن تغتسل - إذا أدركه الشبق فليصب  . 
قال أبو جعفر   : وأولى التأويلين بتأويل الآية ، قول من قال : معنى قوله : " فإذا تطهرن   " ، فإذا اغتسلن ، لإجماع الجميع على أنها لا تصير بالوضوء بالماء طاهرا الطهر الذي يحل لها به الصلاة . وإن القول لا يخلو في ذلك من أحد أمرين : 
إما أن يكون معناه : فإذا تطهرن من النجاسة فأتوهن . 
فإن كان ذلك معناه ، فقد ينبغي أن يكون متى انقطع عنها الدم فجائز لزوجها جماعها ، إذا لم تكن هنالك نجاسة ظاهرة . هذا ، إن كان قوله : " فإذا تطهرن   " جائزا استعماله في التطهر من النجاسة ، ولا أعلمه جائزا إلا على استكراه الكلام . 
أو يكون معناه : فإذا تطهرن للصلاة . وفي إجماع الجميع من الحجة على أنه غير جائز لزوجها غشيانها بانقطاع دم حيضها ، إذا لم يكن هنالك نجاسة ، دون التطهر بالماء إذا كانت واجدته أدل الدليل على أن معناه : فإذا تطهرن الطهر الذي يجزيهن به الصلاة . 
وفي إجماع الجميع من الأمة على أن الصلاة لا تحل لها إلا بالاغتسال ، أوضح الدلالة على صحة ما قلنا : من أن غشيانها حرام إلا بعد الاغتسال ، وأن معنى قوله : " فإذا تطهرن   " ، فإذا اغتسلن فصرن طواهر الطهر الذي يجزيهن به الصلاة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					