الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        6682 حدثنا إسحاق بن شاهين الواسطي حدثنا خالد عن بيان عن وبرة بن عبد الرحمن عن سعيد بن جبير قال خرج علينا عبد الله بن عمر فرجونا أن يحدثنا حديثا حسنا قال فبادرنا إليه رجل فقال يا أبا عبد الرحمن حدثنا عن القتال في الفتنة والله يقول وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة فقال هل تدري ما الفتنة ثكلتك أمك إنما كان محمد صلى الله عليه وسلم يقاتل المشركين وكان الدخول في دينهم فتنة وليس كقتالكم على الملك

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الحديث الثالث : قوله ( حدثنا إسحاق الواسطي ) هو ابن شاهين ، وخالد هو ابن عبد الله ، وبيان بموحدة ثم تحتانية خفيفة هو ابن عمرو ، ووبرة بفتح الواو والموحدة عند الجميع وبه جزم ابن عبد البر ، وقال عياض ضبطناه في مسلم بسكون الموحدة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : أن يحدثنا حديثا حسنا ) أي حسن اللفظ يشتمل على ذكر الترجمة والرخصة ، فشغله الرجل فصده عن إعادته حتى عدل إلى التحدث عن الفتنة .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( فقام إليه رجل ) تقدم في الأنفال أن اسمه حكيم ، أخرجه البيهقي من رواية زهير بن معاوية عن بيان " أن وبرة حدثه " فذكره ، وفيه : فمررنا برجل يقال له حكيم " .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( يا أبا عبد الرحمن ) هي كنية عبد الله بن عمر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : حدثنا عن القتال في الفتنة والله يقول ) يريد أن يحتج بالآية على مشروعية القتال في الفتنة وأن فيها الرد على من ترك ذلك كابن عمر ، وقوله : ثكلتك أمك " ظاهره الدعاء وقد يرد مورد الزجر كما هنا ، وحاصل جواب ابن عمر له أن الضمير في قوله تعالى : وقاتلوهم للكفار ، فأمر المؤمنين بقتال الكافرين حتى لا يبقى أحد يفتن عن دين الإسلام ويرتد إلى الكفر ، ووقع نحو هذا السؤال من نافع بن الأزرق وجماعة لعمران بن حصين فأجابهم بنحو جواب ابن عمر أخرجه ابن ماجه ، وقد تقدم في سورة الأنفال من رواية زهير بن معاوية عن بيان بزيادة : فقال " بدل قوله " وكان الدخول في دينهم فتنة ، فكان الرجل يفتن عن دينه إما يقتلونه وإما يوثقونه حتى كثر الإسلام فلم تكن فتنة " . أي لم يبق فتنة أي من أحد من الكفار لأحد من المؤمنين . ثم ذكر سؤاله عن علي وعثمان وجواب ابن عمر . وقوله هنا : وليس كقتالكم على الملك " ؛ أي في طلب الملك ، يشير إلى ما وقع بين مروان ثم عبد الملك ابنه وبين ابن الزبير وما أشبه ذلك ، وكان رأي ابن عمر ترك القتال في الفتنة ولو ظهر أن إحدى الطائفتين محقة والأخرى مبطلة ، وقيل الفتنة مختصة بما إذا وقع القتال بسبب التغالب في طلب الملك ، وأما إذا علمت الباغية فلا تسمى فتنة وتجب مقاتلتها حتى ترجع إلى الطاعة ; وهذا قول الجمهور .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية