باب في قول الله تعالى أو يلبسكم شيعا

6883 حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان قال عمرو سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم قال أعوذ بوجهك أو من تحت أرجلكم قال أعوذ بوجهك فلما نزلت أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض قال هاتان أهون أو أيسر [ ص: 309 ]

التالي السابق

الشرح

[ ص: 309 ] قَوْلُهُ : بَابُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ جَابِرٍ فِي نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَنْعَامِ ، وَوَجْهُ مُنَاسَبَتِهِ لِمَا قَبْلَهُ أَنَّ ظُهُورَ بَعْضِ الْأُمَّةِ عَلَى عَدُوِّهُمْ دُونَ بَعْضٍ يَقْتَضِي أَنَّ بَيْنَهُمُ اخْتِلَافًا حَتَّى انْفَرَدَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بِالْوَصْفِ ، لِأَنَّ غَلَبَةَ الطَّائِفَةِ الْمَذْكُورَةِ إِنْ كَانَتْ عَلَى الْكُفَّارِ ثَبَتَ الْمُدَّعَى ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَيْضًا فَهُوَ أَظْهَرُ فِي ثُبُوتِ الِاخْتِلَافِ فَذَكَرَ بَعْدَهُ أَصْلَ وُقُوعِ الِاخْتِلَافِ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُرِيدُ أَنْ لَا يَقَعَ فَأَعْلَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ قَضَى بِوُقُوعِهِ ، وَأَنَّ كُلَّ مَا قَدَّرَهُ لَا سَبِيلَ إِلَى رَفْعِهِ ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ أَجَابَ اللَّهُ تَعَالَى دُعَاءَ نَبِيِّهِ فِي عَدَمِ اسْتِئْصَالِ أُمَّتِهِ بِالْعَذَابِ ، وَلَمْ يُجِبْهُ فِي أَنْ لَا يُلْبِسَهُمْ شِيَعًا ، أَيْ فِرَقًا مُخْتَلِفِينَ وَأَنْ لَا يُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ أَيْ بِالْحَرْبِ وَالْقَتْلِ بِسَبَبِ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ لَكِنْ أَخَفُّ مِنَ الِاسْتِئْصَالِ وَفِيهِ لِلْمُؤْمِنِينَ كَفَّارَةٌ .

[ ص: 309 ] قوله : باب في قول الله تعالى أو يلبسكم شيعا ) ذكر فيه حديث جابر في نزول قوله تعالى قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا وقد تقدم شرحه مستوفى في تفسير سورة الأنعام ، ووجه مناسبته لما قبله أن ظهور بعض الأمة على عدوهم دون بعض يقتضي أن بينهم اختلافا حتى انفردت طائفة منهم بالوصف ، لأن غلبة الطائفة المذكورة إن كانت على الكفار ثبت المدعى ، وإن كانت على طائفة من هذه الأمة أيضا فهو أظهر في ثبوت الاختلاف فذكر بعده أصل وقوع الاختلاف وأنه صلى الله عليه وسلم كان يريد أن لا يقع فأعلمه الله تعالى أنه قضى بوقوعه ، وأن كل ما قدره لا سبيل إلى رفعه ، قال ابن بطال أجاب الله تعالى دعاء نبيه في عدم استئصال أمته بالعذاب ، ولم يجبه في أن لا يلبسهم شيعا ، أي فرقا مختلفين وأن لا يذيق بعضهم بأس بعض أي بالحرب والقتل بسبب ذلك ، وإن كان ذلك من عذاب الله لكن أخف من الاستئصال وفيه للمؤمنين كفارة .