الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
3808 حدثني nindex.php?page=showalam&ids=15106إسحاق أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=15679حبان أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=15662جويرية بن أسماء عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما nindex.php?page=hadith&LINKID=653728أن النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=treesubj&link=33414_30866_32625حرق نخل بني النضير قال ولها يقول حسان بن ثابت
وهان على سراة بني لؤي حريق بالبويرة مستطير
قال فأجابه nindex.php?page=showalam&ids=9809أبو سفيان بن الحارث
أدام الله ذلك من صنيع
وحرق في نواحيها السعير ستعلم أينا منها بنزه وتعلم أي أرضينا تضير
قوله في الرواية الثانية : ( أخبرنا حبان ) هو ابن هلال ، وهو بفتح المهملة بعدها موحدة ثقيلة ، وإسحاق الراوي عنه هو nindex.php?page=showalam&ids=12418ابن راهويه .
قوله : ( ولها nindex.php?page=treesubj&link=32625يقول حسان بن ثابت :
وهان على سراة بني لؤي
) كذا للأكثر ، وفي رواية الكشميهني " لهان باللام " بدل الواو ، وسقطت اللام والواو من رواية nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي . وقوله " سراة " بفتح المهملة وتخفيف الراء جمع سري وهو الرئيس ، وقوله : " حريق بالبويرة مستطير " أي مشتعل ، وإنما قال حسان ذلك تعييرا لقريش لأنهم كانوا أغروهم بنقض العهد وأمروهم به ووعدوهم أن ينصروهم إن قصدهم النبي صلى الله عليه وسلم .
قوله : ( فأجابه nindex.php?page=treesubj&link=31411أبو سفيان بن الحارث ) أي ابن عبد المطلب ، وهو ابن عم النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان حينئذ لم يسلم وقد أسلم بعد في الفتح وثبت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بحنين ، وذكر إبراهيم بن المنذر أن اسمه المغيرة وجزم nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة أن المغيرة أخوه ، وبه جزم nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر والسهيلي .
[ ص: 388 ] قوله : ( ستعلم أينا منها بنزه ) بنون ثم زاي ساكنة أي ببعد وزنا ومعنى ، ويقال بفتح النون أيضا . وقوله : " وتعلم أي أرضينا " بالتثنية ، وقوله " تضير " بفتح المثناة وكسر الضاد المعجمة من الضير وهو بمعنى الضر ، ويطلق الضير ويراد به المضرة . ونسبة هذه الأبيات nindex.php?page=showalam&ids=144لحسان بن ثابت وجوابها nindex.php?page=showalam&ids=9809لأبي سفيان بن الحارث هو المشهور كما وقع في هذا الصحيح ، وعند مسلم بعض ذلك ، وعند شيخ شيوخنا أبي الفتح بن سيد الناس في " عيون الأثر " له عن nindex.php?page=showalam&ids=12112أبي عمرو الشيباني أن الذي قال له : "
وهان على سراة بني لؤي
" هو nindex.php?page=showalam&ids=9809أبو سفيان بن الحارث ، وأنه إنما قال : " عز " بدل هان ، وأن الذي أجاب بقوله : "
أدام الله ذلك من صنيع
" البيتين هو حسان ، قال : وهو أشبه من الرواية التي وقعت في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ا هـ . ولم يذكر مستندا للترجيح ، والذي يظهر أن الذي في الصحيح أصح ، وذلك أن قريشا كانوا يظاهرون كل من عادى النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه ويعدونهم النصر والمساعدة ، فلما وقع لبني النضير من الخذلان ما وقع قال حسان الأبيات المذكورة موبخا لقريش - وهم بنو لؤي - كيف خذلوا أصحابهم .
وقد ذكر ابن إسحاق أن حسان قال ذلك في غزوة بني قريظة ، وأنه إنما ذكر بني النضير استطرادا ، فمن الأبيات المذكورة :
ألا يا سعد سعد بني معاذ فما فعلت قريظة والنضير
وفيها :
وقد قال الكريم أبو حباب أقيموا قينقاع ولا تسيروا
وأولها :
تقاعد معشر نصروا قريشا وليس لهم ببلدتهم نصير
هم أوتوا الكتاب فضيعوه فهم عمي عن التوراة بور
كفرتم بالقرآن لقد لقيتم بتصديق الذي قال النذير
وفي جواب nindex.php?page=showalam&ids=9809أبي سفيان بن الحارث في قوله : و " تعلم أي أرضينا تضير " ما يرجح ما وقع في الصحيح ؛ لأن أرض بني النضير مجاورة لأرض الأنصار ، فإذا خربت أضرت بما جاورها ، بخلاف أرض قريش فإنها بعيدة منها بعدا شديدا فلا تبالي بخرابها ، فكان أبو سفيان يقول : تخربت أرض بني النضير وتخريبها إنما يضر أرض من جاورها ، وأرضكم هي التي تجاورها فهي التي تتضرر لا أرضنا ، ولا يتهيأ مثل هذا في عكسه إلا بتكلف ، وهو أن يقال : إن الميرة كانت تحمل من أرض بني النضير إلى مكة فكانوا يرتفقون بها ، فإذا خربت تضرهم ، بخلاف المدينة فإنها في غنية عن أرض بني النضير بغيرها كخيبر ونحوها فيتجه بعض اتجاه ، لكن إذا تعارضا كان ما في الصحيح أصح . ويحتمل إن كان ما قال أبو عمرو الشيباني محفوظا أن أبا سفيان بن الحارث ضمن في جوابه بيتا من قصيدة حسان فاهتدمه ، فلما قال حسان : " وهان على سراة بني لؤي " اهتدمه أبو سفيان فقال : " وعز على سراة بني لؤي " وهو عمل سائغ ، وكأن من أنكر ذلك استبعد أن يدعو nindex.php?page=showalam&ids=9809أبو سفيان بن الحارث على أرض الكفرة مثله بالتحريق في قوله : " أدام الله ذلك من صنيع " والجواب عنه أن اسم الكفرة وإن جمعهم لكن العداوة الدينية كانت قائمة بينهم كما بين أهل الكتاب وعبدة الأوثان من التباين ، وأيضا فقوله : " وحرق في نواحيها السعير " يريد بنواحيها المدينة فيرجع ذلك دعاء على المسلمين أيضا . ولكعب بن مالك في هذه القصة قصيدة على هذا الوزن والروي أيضا ذكرها ابن إسحاق أولها :
لقد منيت بغدرتها الحبور كذاك الدهر ذو صرف يدور
[ ص: 389 ] يقول فيها :
فغودر منهم كعب صريعا فذلت عند مصرعه النضير
يشير إلى كعب بن الأشرف الذي سيذكر قتله عقب هذا ، وفيها :
فذاقوا غب أمرهم وبالا لكل ثلاثة منهم بعير فأجلوا عامدين بقينقاع وغودر منهم نخل ودور