شأن الشاة المسمومة
وقال عن ليث بن سعد ، سعيد ، عن قال : أبي هريرة ، خيبر أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اجمعوا من كان هاهنا من اليهود " فجمعوا له ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني سائلكم عن شيء فهل أنتم صادقي عنه ؟ " قالوا : نعم ؛ يا أبا القاسم . فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أبوكم " ؟ قالوا : أبونا فلان . قال : " كذبتم ، بل أبوكم فلان " قالوا : صدقت وبررت . قال لهم : " هل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه " ؟ قالوا : نعم ؛ يا أبا القاسم ، وإن كذبناك عرفت كذبنا كما عرفته في آبائنا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أهل النار " ؟ قالوا : نكون فيها يسيرا ثم تخلفوننا فيها . فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اخسئوا فيها فوالله لا نخلفكم ، ثم قال : " هل أنتم صادقي ؟ " قالوا : نعم . قال : " أجعلتم في هذه الشاة سما " ؟ قالوا : نعم . قال : " فما حملكم على ذلك " ؟ قالوا : أردنا إن كنت كاذبا أن نستريح منك ، وإن كنت نبيا لم يضرك . أخرجه لما فتحت . البخاري
وقال خالد بن الحارث : حدثنا شعبة ، عن هشام بن زيد ، عن أنس . متفق عليه من حديث [ ص: 87 ] أن يهودية أتت النبي صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة ، فأكل منها ، فجيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسألها عن ذلك ، قالت : أردت لأقتلك . فقال : " ما كان الله ليسلطك على ذلك " أو قال : " علي " قالوا : ألا نقتلها . قال : " لا " فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد .
وقال عباد بن العوام ، عن سفيان بن حسين ، عن الزهري عن أبي سلمة ، عن وابن المسيب أبي هريرة ; . وروي عن أن امرأة من اليهود أهدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مسمومة ، فقال : " أمسكوا فإنها مسمومة " وقال : " ما حملك على ما صنعت ؟ " قالت : أردت أن أعلم إن كنت نبيا فسيطلعك الله ، وإن كنت كاذبا أريح الناس منك . قال : فما عرض لها رسول الله صلى الله عليه وسلم جابر نحوه .
وقال معمر ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن كعب ، بخيبر ، فأكل وأكلوا ، ثم قال : " أمسكوا " وقال لها : " هل سميت هذه الشاة ؟ " قالت : من أخبرك ؟ قال : " هذا العظم " . قالت : نعم فاحتجم على الكاهل ، وأمر أصحابه فاحتجموا ، فمات بعضهم . أن يهودية أهدت إلى النبي صلى الله عليه وسلم شاة مصلية
قال الزهري : فأسلمت ؛ فتركها .
وقال أبو داود في سننه : حدثنا سليمان المهري ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، قال : كان جابر يحدث أن يهودية سمت شاة أهدتها للنبي صلى الله عليه وسلم . . الحديث .
وقال خالد الطحان ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدت له يهودية بخيبر شاة ، نحو حديث جابر ، قال : فمات بشر بن [ ص: 88 ] البراء بن معرور ، وأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فقتلت .
ويحتمل أنه لم يقتلها أولا ، ثم لما مات بشر قتلها .
وبشر شهد العقبة وبدرا ، وأبوه فأحد النقباء ليلة العقبة . وهو الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا بني سلمة ، من سيدكم " ؟ قالوا : الجد بن قيس ، على بخل فيه . فقال : " وأي داء أدوى من البخل ؟ بل سيدكم الأبيض الجعد بشر بن البراء " .
وقال موسى بن عقبة ، وابن شهاب ، وعروة ، واللفظ لموسى ، قالوا : لما فتحت خيبر أهدت زينب بنت الحارث اليهودية - وهي ابنة أخي مرحب - شاة مصلية وسمتها وأكثرت في الذراع ؛ لأنه بلغها أن النبي صلى الله عليه وسلم يحب الذراع . وذكر الحديث . لصفية
وعن عروة ، قالا : كان بين وموسى بن عقبة ، قريش حين سمعوا بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر تراهن وتبايع ، منهم من يقول : يظهر محمد ، ومنهم من يقول : يظهر الحليفان ويهود خيبر . وكان الحجاج بن علاط السلمي البهزي قد أسلم وشهد فتح خيبر ، وكانت تحته أم شيبة العبدرية ، وكان الحجاج ذا مال ، وله معادن من أرض بني سليم . فلما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم على خيبر ، قال الحجاج : يا رسول الله ، إن لي ذهبا عند امرأتي ، وإن تعلم هي وأهلها بإسلامي فلا مال لي ، فائذن لي فأسرع السير ولا يسبق الخبر .
وقال محمد بن ثور - واللفظ له - وعبد الرزاق ، عن معمر : سمعت عن ثابتا البناني ، أنس ، قال : لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر ، قال الحجاج بن علاط : يا رسول الله ، إن لي بمكة مالا ، وإن لي بها أهلا أريد إتيانهم ، فأنا في حل إن أنا نلت منك فقلت شيئا ؟ فأذن له رسول الله [ ص: 89 ] صلى الله عليه وسلم . فقال لامرأته ، وقال لها : أخفي علي واجمعي ما كان عندك لي ، فإني أريد أن أشتري من غنائم محمد وأصحابه ، فإنهم قد استبيحوا وأصيبت أموالهم . ففشا ذلك بمكة ، واشتد على المسلمين وبلغ منهم ، وأظهر المشركون فرحا وسرورا . فبلغ العباس الخبر فعقر وجعل لا يستطيع أن يقوم .
قال معمر : فأخبرني عثمان الجريري ، عن مقسم ، قال : فأخذ العباس ابنا له يقال له قثم واستلقى ووضعه على صدره وهو يقول :
حي قثم شبيه ذي الأنف الأشم فتى ذي النعم برغم من رغم قال معمر في حديث أنس : فأرسل العباس غلاما له إلى الحجاج ، أن ويلك ، ما جئت به وما تقول ؟ والذي وعد الله خير مما جئت به . قال الحجاج : يا غلام ، أقرئ أبا الفضل السلام ، وقل له فليخل لي في بعض بيوته فآتيه ، فإن الأمر على ما يسره . فلما بلغ العبد باب الدار ، قال : أبشر يا أبا الفضل . فوثب العباس فرحا حتى قبل ما بين عينيه وأعتقه ، ثم جاء الحجاج فأخبره بافتتاح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر ، وغنم أموالهم ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم اصطفى صفية ، ولكن جئت لمالي ، وأني استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم فأذن لي ، فأخف علي يا أبا الفضل ثلاثا ، ثم اذكر ما شئت . قال : وجمعت له امرأته متاعه ، ثم انشمر ، فلما كان بعد ثلاث ، أتى العباس امرأة الحجاج فقال : ما فعل زوجك ؟ قالت : ذهب ، لا يحزنك الله يا أبا الفضل لقد شق علينا الذي بلغك . فقال : أجل ، لا يحزنني الله ، ولم يكن بحمد الله إلا ما أحب ; فتح الله على رسوله ، [ ص: 90 ] وجرت سهام الله في خيبر ، واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية لنفسه ، فإن كان لك في زوجك حاجة فالحقي به . قالت : أظنك والله صادقا . ثم أتى مجالس قريش وحدثهم . فرد الله ما كان بالمسلمين من كآبة وجزع على المشركين .