فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا
ضمير الرفع المستتر في ناداها عائد إلى ما عاد عليه الضمير الغائب في فحملته ، أي ناداها المولود .
[ ص: 87 ] قرأ نافع ، وحمزة ، والكسائي وحفص ، وأبو جعفر ، وخلف ، وروح عن يعقوب من تحتها بكسر ميم من على أنها حرف ابتداء متعلق بـ ناداها وبجر تحتها .
وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وأبو بكر عن عاصم ، ورويس عن يعقوب ( من ) بفتح الميم على أنها اسم موصول ، وفتح ( تحتها ) على أنه ظرف جعل صلة . والمعني بالموصول هو الغلام الذي تحتها . وهذا إرهاص لعيسى وكرامة لأمه عليهما السلام .
وقيد من تحتها لتحقيق ذلك ، ولإفادة أنه ناداها عند وضعه قبل أن ترفعه مبادرة للتسلية والبشارة وتصويرا لتلك الحالة التي هي حالة تمام اتصال الصبي بأمه . و ( أن ) من قوله ألا تحزني تفسيرية لفعل ناداها . وجملة قد جعل ربك تحتك سريا خبر مراد به التعليل لجملة ألا تحزني ، أي أن حالتك حالة جديرة بالمسرة دون الحزن لما فيها من الكرامة الإلهية . السري : الجدول من الماء كالساقية ، كثير الماء الجاري .
وهبها الله طعاما طيبا وشرابا طيبا كرامة لها يشهدها كل من يراها ، وكان معها خطيبها يوسف النجار ، ومن عسى أن يشهدها فيكون شاهدا بعصمتها وبراءتها مما يظن بها . فأما الماء فلأنه لم يكن الشأن أن تأوي إلى مجرى ماء لتضع عنده . وأما الرطب فقيل كان الوقت شتاء ولم يكن إبان رطب وكان جذع النخلة جذع نخلة ميتة فسقوط الرطب منها خارق للعادة . وإنما أعطيت رطبا دون التمر لأن الرطب أشهى للنفس إذ هو كالفاكهة وأما التمر فغذاء .