عطف على وجاءت سكرة الموت بالحق على تفسير الجمهور . فأما على تفسير الفخر فالجملة مستأنفة وصيغة المضي في قوله : " ونفخ " مستعملة في معنى المضارع ، أي ينفخ في الصور فصيغ له المضي لتحقق وقوعه مثل قوله تعالى : أتى أمر الله فلا تستعجلوه ، والمشار إليه بذلك في قوله : ذلك يوم الوعيد إذ أن ذلك الزمان الذي نفخ في الصور عنده هو يوم الوعيد .
والنفخ في الصور تقدم القول فيه عند قوله تعالى : وله الملك يوم ينفخ في الصور في سورة الأنعام .
وجملة ذلك يوم الوعيد معترضة .
والإشارة في قوله : ذلك يوم الوعيد راجعة إلى النفع المأخوذ من فعل ونفخ في الصور . والإخبار عن النفخ بأنه يوم الوعيد بتقدير مضاف ، أي ذلك حلول يوم الوعيد .
وإضافة يوم إلى الوعيد من إضافة الشيء إلى ما يقع فيه ، أي يوم حصول الوعيد الذي كانوا توعدوا به ، والاقتصار على ذكر الوعيد لما علمت من أن المقصود الأول من هذه الآية هم المشركون . وفي الكلام اكتفاء ، تقديره : ويوم الوعد .
وعطفت جملة ( جاءت كل نفس ) على جملة نفخ في الصور . والمراد بـ " كل نفس " كل نفس من المتحدث عنهم وهم المشركون ، ويدل عليه أمور :
[ ص: 308 ] أحدها : السياق .
والثاني : قوله : " معها سائق " لأن السائق يناسب إزجاء أهل الجرائم ، وأما المهديون إلى الكرامة فإنما يهديهم قائد يسير أمامهم قال تعالى : كأنما يساقون إلى الموت .
والثالث : قوله بعده لقد كنت في غفلة من هذا .
والرابع : قوله بعده وقال قرينه هذا ما لدي عتيد الآية .
وجملة معها سائق وشهيد بدل اشتمال من جملة ( جاءت كل نفس ) . و " سائق " مرفوع بالظرف الذي هو معها على رأي من أجازه ، أو مبتدأ خبره معها . ويجوز أن يكون جملة معها سائق وشهيد حالا من كل نفس . وعطف " وشهيد " على سائق يجوز أن يكون من عطف ذات على ذات فيكون المراد ملكين أحدهما يسوق النفس إلى المحشر والآخر يشهد عليها بما حوته صحائف أعمالها . ويجوز أن يكون من عطف الصفات مثل :
إلى الملك القرم وابن الهمام
فهو ملك واحد .
والسائق الذي يجعل غيره أمامه يزجيه في السير ليكون بمرأى منه كيلا ينفلت وذلك من شأن المشي به إلى ما يسوء قال تعالى : كأنما يساقون إلى الموت وقال وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا ، وأما قوله : وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا فمشاكلة . وضد السوق : القود .