انتقال من خطاب النفس إلى خطاب الملكين الموكلين السائق والشهيد . والكلام مقول قول محذوف . والجملة استئناف ابتدائي انتقال من خطاب فريق إلى خطاب فريق آخر ، وصيغة المثنى في قوله : " ألقيا " تجوز أن تكون مستعملة في أصلها فيكون الخطاب للسائق والشهيد . ويجوز أن تكون مستعملة في خطاب الواحد وهو الملك الموكل بجهنم وخوطب بصيغة المثنى جريا على طريقة مستعملة في الخطاب جرت على ألسنتهم لأنهم يكثر فيهم أن يرافق السائر رفيقان ، وهي طريقة مشهورة ، كما قال امرؤ القيس :
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
وقولهم : يا خليلي ، ويا صاحبي . يرى أن تثنية الفاعل نزلت منزلة تثنية الفعل لاتحادهما كأنه قيل : ألق ألق للتأكيد . والمبرد[ ص: 312 ] وهذا أمر بأن يعم الإلقاء في جهنم كل كفار عنيد ، فيعلم منه كل حاضر في الحشر من هؤلاء أنه مدفوع به إلى جهنم .
والكفار : القوي الكفر ، أي الشرك .
والعنيد : القوي العناد ، أي المكابرة والمدافعة للحق وهو يعلم أنه مبطل .
والمناع : الكثير المنع ، أي صد الناس عن الخير ، والخير هو الإيمان ، كانوا يمنعون أبناءهم وذويهم من اتباع الإيمان ومن هؤلاء الوليد بن المغيرة كان يقول لبني أخيه : من دخل منكم في الإسلام لا أنفعه بشيء ما عشت .
ويحتمل أن يراد به أيضا منع الفقراء من المال لأن الخير يطلق على المال وكان أهل الجاهلية يمنعون الفقراء ويعطون المال لأكابرهم تقربا وتلطفا .
والمعتدي : الظالم الذي يعتدي على المسلمين بالأذى وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم بالتكذيب والقول الباطل .
والمريب الذي أراب غيره ، أي جعله مرتابا ، أي شاكا ، أي بما يلقونه إلى الناس من صنوف المغالطة ليشككوهم في صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وصحة الإيمان والتوحيد . وبين لفظي عتيد وعنيد الجناس المصحف .