فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا .
هذا التفريع المقصود على التكاليف السابقة وخاصة على قوله ( وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ) وهو نتيجة ما مهد له به من قوله ( وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله ) .
وفي نداء المؤمنين بوصف ( أولي الألباب ) إيماء إلى أن العقول الراجحة تدعو إلى تقوى الله لأنها كمال نفساني ، ولأن فوائدها حقيقية دائمة ، ولأن بها اجتناب المضار في الدنيا والآخرة ، قال تعالى ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون ) ، وقوله ( أولي ) معناه ذوي ، وتقدم بيانه عند قوله ( واللائي يئسن من المحيض ) آنفا ، و ( الذين آمنوا ) بدل من ( أولي الألباب ) . وهذا الاتباع يومئ إلى أن قبولهم الإيمان عنوان على رجاحة عقولهم . والإتيان بصلة الموصول إشعار بأن الإيمان سبب للتقوى وجامع لمعظمها ولكن للتقوى درجات هي التي أمروا بأن يحيطوا بها .