(
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=45وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=46وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=47نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=48انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=49وقالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا ) .
نزلت (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=45وإذا قرأت القرآن ) في
أبي سفيان والنضر وأبي جهل وأم جميل امرأة
أبي [ ص: 42 ] لهب ، كانوا يؤذون الرسول إذا قرأ القرآن ، فحجب الله أبصارهم إذا قرأ فكانوا يمرون به ولا يرونه ، قاله
الكلبي : وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس نزلت في امرأة أبي لهب ، دخلت منزل أبي بكر وبيدها فهر والرسول - صلى الله عليه وسلم - عنده ، فقالت : هجاني صاحبك ، قال : ما هو بشاعر ، قالت : قال : ( nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=5في جيدها حبل من مسد ) وما يدريه ما في جيدي ؟ فقال لأبي بكر : " سلها هل ترى غيرك ؟ فإن ملكا لم يزل يسترني عنها " فسألها ، فقالت : أتهزأ بي ما أرى غيرك ، فانصرفت ولم تر الرسول - صلى الله عليه وسلم . وقيل : نزلت في قوم من
بني عبد الدار كانوا يؤذونه في الليل إذا صلى وجهر بالقراءة ، فحال الله بينهم وبين أذاه .
ولما تقدم الكلام في تقرير الإلهية جاء بعده تقرير النبوة وذكر شيء من أحوال الكفرة في إنكارها وإنكار المعاد ، والمعنى : وإذا شرعت في القراءة ، وليس المعنى على الفراغ من القراءة بل المعنى على أنك إذا التبست بقراءة القرآن ، ولا يراد بالقرآن جميعه بل ما ينطلق عليه الاسم ، فإنك تقول لمن يقرأ شيئا من القرآن : هذا يقرأ القرآن ، والظاهر أن القرآن هنا هو ما قرئ من القرآن أي شيء كان منه ، وقيل : ثلاث آيات منه معينة ، وهي في النحل (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=108أولئك الذين طبع - إلى -
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=108الغافلون ) وفي الكهف (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=57ومن أظلم - إلى -
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=57إذا أبدا ) وفي الجاثية (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=23أفرأيت من اتخذ إلهه هواه - إلى -
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=23أفلا تذكرون ) وعن
كعب أن الرسول كان يستتر بهذه الآيات ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين : أنه عينها له هاتف من جانب البيت ، وعن بعضهم : أنه أسر زمانا ثم اهتدى قراءتها فخرج لا يبصره الكفار وهم يتطلبونه تمس ثيابهم ثيابه . قال
القرطبي : ويزاد إلى هذه الآي أول يس إلى (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9فهم لا يبصرون ) ففي السيرة
أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حين نام على فراشه خرج ينثر التراب على رءوس الكفار فلا يرونه ، وهو يتلو هذه الآيات من يس ، ولم يبق أحدا منهم إلا وضع على رأسه ترابا ، والظاهر أن المعنى : جعلنا بين رؤيتك وبين أبصار الذين لا يؤمنون بالآخرة كما ورد في سبب النزول .
وقال
قتادة nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج وجماعة ما معناه : جعلنا بين فهم ما تقرأ وبينهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=45حجابا ) فلا يقرون بنبوتك ولا بالبعث ، فالمعنى قريب من الآية بعدها ، والظاهر إقرار (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=45مستورا ) على موضوعه من كونه اسم مفعول أي مستورا عن أعين الكفار فلا يرونه ، أو (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=45مستورا ) به الرسول عن رؤيتهم . ونسب الستر إليه لما كان مستورا به ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد ، ويؤول معناه إلى أنه ذو ستر كما جاء في صيغة لابن وتامر أي : ذو لبن ، وذو تمر . وقالوا : رجل مرطوب أي : ذو رطبة ، ولا يقال رطبته ، ومكان مهول أي : ذو هول ، وجارية مغنوجة ، ولا يقال : هلت المكان ، ولا غنجت الجارية . وقال
الأخفش وجماعة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=45مستورا ) ساترا واسم الفاعل قد يجيء بلفظ المفعول ، كما قالوا : مشئوم وميمون يريدون شائم ويامن . وقيل : مستور : وصف على جهة المبالغة ، كما قالوا : شعر شاعر ، ورد بأن المبالغة إنما تكون باسم الفاعل ومن لفظ الأول (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=46وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا ) تقدم تفسيره في أوائل الأنعام (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=46وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ) . قيل :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374637دخل ملأ قريش على أبي طالب يزورونه ، فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأ ومر بالتوحيد ، ثم قال : " يا معشر قريش ، قولوا لا إله إلا الله تملكون بها العرب وتدين لكم العجم " فولوا ونفروا ، فنزلت هذه الآية . والظاهر أن الآية في حال الفارين عند وقت قراءته ومروره بتوحيد الله ، والمعنى : إذا جاءت مواضع التوحيد فر الكفار إنكارا له واستبشاعا لرفض آلهتهم واطراحها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وحد يحد وحدا وحدة نحو وعد يعد
[ ص: 43 ] وعدا وعدة و ( وحده ) من باب رجع عوده على بدئه ، وافعله جهدك وطاقتك في أنه مصدر ساد مسد الحال ، أصله يحد وحده بمعنى واحدا . انتهى . وما ذهب إليه من أن ( وحده ) مصدر ساد مسد الحال ، خلاف مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، و ( وحده ) عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ليس مصدرا بل هو اسم وضع موضع المصدر الموضوع موضع الحال ، فـ وحده عنده موضوع موضع إيحاد ، وإيحاد موضوع موضع موحد . وذهب
يونس إلى أن ( وحده ) منصوب على الظرف ، وذهب قوم إلى أنه مصدر لا فعل له ، وقوم إلى أنه مصدر لأوحد على حذف الزيادة ، وقوم إلى أنه مصدر لوحد كما ذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، وحجج هذه الأقوال مذكورة في كتب النحو . وإذا ذكرت ( وحده ) بعد فاعل ومفعول نحو : ضربت زيدا فمذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه أنه حال من الفاعل ، أي : موحدا له بالضرب ، ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد أنه يجوز أن يكون حالا من المفعول فعلى مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه يكون التقدير (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=46وإذا ذكرت ربك ) موحدا له بالذكر ، وعلى مذهب
أبي العباس يجوز أن يكون التقدير موحدا بالذكر .
و ( نفورا ) حال جمع نافر كقاعد وقعود ، أو مصدر على غير الصدر ; لأن معنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=46ولوا ) نفروا ، والظاهر عود الضمير في (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=46ولوا ) على الكفار المتقدم ذكرهم . وقالت فرقة : هو ضمير الشياطين ; لأنهم يفرون من القرآن دل على ذلك المعنى ، وإن لم يجر لهم ذكر . وقال
أبو الحوراء أوس بن عبد الله : ليس شيء أطرد للشيطان من القلب من لا إله إلا الله ، ثم تلا (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=46وإذا ذكرت ) الآية . وقال
علي بن الحسين : هو البسملة (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=47نحن أعلم بما يستمعون به ) أي : بالاستخفاف الذي يستمعون به والهزء بك واللغو ، كان إذا قرأ - صلى الله عليه وسلم - قام رجلان من بني
عبد الله عن يمينه ورجلان منهم عن يساره ، فيصفقون ويصفرون ويخلطون عليه بالأشعار . و بما متعلق بأعلم ، وما كان في معنى العلم والجهل ، وإن كان متعديا لمفعول بنفسه فإنه إذا كان في باب أفعل في التعجب ، وفي أفعل التفضيل تعدى بالباء ، تقول : ما أعلم زيدا بكذا وما أجهله بكذا ، وهو أعلم بكذا وأجهل بكذا بخلاف سائر الأفعال المتعدية لمفعول بنفسه ، فإنه يتعدى في أفعل في التعجب وأفعل التفضيل باللام ، تقول : ما أضرب زيدا لعمرو ، وزيد أضرب
لعمرو من بكر ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في موضع الحال كما تقول : يستمعون بالهزء أي : هازئين ( وإذ يستمعون ) نصب بأعلم أي : أعلم وقت استماعهم بما به يستمعون وبما به يتناجون ، إذ هم ذوو نجوى (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=47إذ يقول ) بدل من ( إذ هم ) . انتهى .
وقال
الحوفي : لم يقل : يستمعونه ولا يستمعونك ، لما كان الغرض ليس الإخبار عن الاستماع فقط ، وكان مضمنا أن الاستماع كان على طريق الهزء بأن يقولوا : مجنون أو مسحور ، جاء الاستماع بالباء وإلى ; ليعلم أن الاستماع ليس المراد به تفهم المسموع دون هذا المقصد (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=47إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى ) فإذ الأولى تتعلق بـ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=47يستمعون به وكذا (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=47وإذ هم نجوى ) لأن المعنى نحن أعلم بالذي يستمعون به إليك وإلى قراءتك وكلامك ، إنما يستمعون لسقطك وتتبع عيبك والتماس ما يطعنون به عليك ، يعني في زعمهم ، ولهذا ذكر تعديته بالباء وإلى . انتهى . وقال
أبو البقاء : يستمعون به . قيل : الباء بمعنى اللام ، وإذ ظرف ليستمعون الأولى ، والنجوى مصدر ، ويجوز أن يكون جمع نجي كقتيل وقتلى ، وإذ بدل من ( إذ ) الأولى . وقيل : التقدير : اذكر إذ تقول . وقال
ابن عطية : الضمير في به عائد على ما هو بمعنى الذي ، والمراد الاستخفاف والإعراض ، فكأنه قال : نحن أعلم بالاستخفاف والاستهزاء الذي يستمعون به ، أي : هو ملازمهم ، ففضح الله بهذه الآية سرهم ، والعامل في ( إذ ) الأولى ، وفي المعطوف (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=47يستمعون ) الأولى . انتهى . تناجوا ، فقال
النضر : ما أفهم ما تقول ، وقال
أبو سفيان : أرى بعضه حقا ، وقال
أبو جهل : مجنون ، وقال
أبو لهب : كاهن ، وقال
حويطب : شاعر ، وقال بعضهم : أساطير الأولين ، وبعضهم : إنما يعلمه بشر ، وروي أن تناجيهم كان عند عتبة دعا أشراف
قريش إلى
[ ص: 44 ] طعام فدخل عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وقرأ عليهم القرآن ودعاهم إلى الله . فتناجوا ، يقولون : ساحر مجنون ، والظاهر أن (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=47مسحورا ) من السحر أي : خبل عقله السحر . وقال
مجاهد : مخدوعا نحو (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=89فأنى تسحرون ) أي : تخدعون . وقال
أبو عبيدة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=47مسحورا ) معناه : أن له سحرا أي : رئة فهو لا يستغني عن الطعام والشراب ، فهو مثلكم وليس بملك ، وتقول العرب للجبان : قد انتفخ سحره ، ولكل من أكل أو شرب من آدمي وغيره مسحور . قال :
أرانا موضعين لأمر غيب ونسحر بالطعام وبالشراب
أي : نغذى ونعلل ونسحر . قال
لبيد :
فإن تسألينا فيم نحن فإننا عصافير من هذا الأنام المسحر
قال
ابن قتيبة : لا أدري ما الذي حمل
أبا عبيدة على هذا التفسير المستكره مع أن السلف فسروه بالوجوه الواضحة . وقال
ابن عطية : الآية التي بعد هذا تقوي أن اللفظة من السحر بكسر السين ; لأن في قولهم ضرب مثل ، وأما على أنها من السحر الذي هو الرئة ، ومن التغذي وأن تكون الإشارة إلى أنه بشر فلم يضرب له في ذلك مثل بل هي صفة حقيقة له ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=48الأمثال ) تقدم ما قالوه في تناجيهم ، وكان ذلك منهم على جهة التسلية والتلبيس ، ثم رأى
الوليد بن المغيرة : أن أقربها لتخييل الطارئين عليهم هو أنه ساحر فضلوا في جميع ذلك ضلال من يطلب فيه طريقا يسلكه ، فلا يقدر عليه ، فهو متحير في أمره عليهم فلا يستطيعون سبيلا إلى الهدى والنظر المؤدي إلى الإيمان ، أو سبيلا إلى إفساد أمرك وإطفاء نور الله بضربهم الأمثال ، واتباعهم كل حيلة في جهتك .
وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري أنها نزلت في
الوليد بن المغيرة وأصحابه (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=49وقالوا أئذا كنا ) هذا استفهام تعجب وإنكار واستبعاد ، لما ضربوا له الأمثال ، وقالوا عنه : إنه مسحور ، ذكروا ما استدلوا به على زعمهم على اتصافه بما نسبوا إليه ، واستبعدوا أنه بعد ما يصير الإنسان رفاتا يحييه الله ويعيده ، وقد رد عليهم ذلك بأنه تعالى هو الذي فطرهم بعد العدم الصرف على ما يأتي شرحه في الآية بعد هذا ، ومن قرأ من القراء إذا وإنا معا أو إحداهما على صورة الخبر فلا يريد الخبر حقيقة ; لأن ذلك كان يكون تصديقا بالبعث والنشأة الآخرة ، ولكنه حذف همزة الاستفهام لدلالة المعنى . وفي الكلام حذف تقديره : إذا كنا ترابا وعظاما نبعث أو نعاد ، وحذف لدلالة ما بعده عليه ، وهذا المحذوف هو جواب الشرط عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه والذي تعلق به الاستفهام وانصب عليه عند
يونس ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=49خلقا حال ، وهو في الأصل مصدر أطلق على المفعول أي : مخلوقا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=45وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=46وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=47نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=48انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=49وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا ) .
نَزَلَتْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=45وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ ) فِي
أَبِي سُفْيَانَ وَالنَّضْرِ وَأَبِي جَهْلٍ وَأُمِّ جَمِيلٍ امْرَأَةِ
أَبِي [ ص: 42 ] لَهَبٍ ، كَانُوا يُؤْذُونَ الرَّسُولَ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ ، فَحَجَبَ اللَّهُ أَبْصَارَهُمْ إِذَا قَرَأَ فَكَانُوا يَمُرُّونَ بِهِ وَلَا يَرَوْنَهُ ، قَالَهُ
الْكَلْبِيُّ : وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ نَزَلَتْ فِي امْرَأَةِ أَبِي لَهَبٍ ، دَخَلَتْ مَنْزِلَ أَبِي بَكْرٍ وَبِيَدِهَا فِهْرٌ وَالرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَهُ ، فَقَالَتْ : هَجَانِي صَاحِبُكَ ، قَالَ : مَا هُوَ بِشَاعِرٍ ، قَالَتْ : قَالَ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=5فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ) وَمَا يُدْرِيهِ مَا فِي جِيدِي ؟ فَقَالَ لِأَبِي بَكْرٍ : " سَلْهَا هَلْ تَرَى غَيْرَكَ ؟ فَإِنَّ مَلَكًا لَمْ يَزَلْ يَسْتُرُنِي عَنْهَا " فَسَأَلَهَا ، فَقَالَتْ : أَتَهْزَأُ بِي مَا أَرَى غَيْرَكَ ، فَانْصَرَفَتْ وَلَمْ تَرَ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقِيلَ : نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنْ
بَنِي عَبْدِ الدَّارِ كَانُوا يُؤْذُونَهُ فِي اللَّيْلِ إِذَا صَلَّى وَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ ، فَحَالَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَذَاهُ .
وَلَمَّا تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي تَقْرِيرِ الْإِلَهِيَّةِ جَاءَ بَعْدَهُ تَقْرِيرُ النُّبُوَّةِ وَذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ أَحْوَالِ الْكَفَرَةِ فِي إِنْكَارِهَا وَإِنْكَارِ الْمَعَادِ ، وَالْمَعْنَى : وَإِذَا شَرَعْتَ فِي الْقِرَاءَةِ ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى عَلَى الْفَرَاغِ مِنَ الْقِرَاءَةِ بَلِ الْمَعْنَى عَلَى أَنَّكَ إِذَا الْتَبَسْتَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ، وَلَا يُرَادُ بِالْقُرْآنِ جَمِيعُهُ بَلْ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ ، فَإِنَّكَ تَقُولُ لِمَنْ يَقْرَأُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ : هَذَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقُرْآنَ هُنَا هُوَ مَا قُرِئَ مِنَ الْقُرْآنِ أَيَّ شَيْءٍ كَانَ مِنْهُ ، وَقِيلَ : ثَلَاثُ آيَاتٍ مِنْهُ مُعَيَّنَةٌ ، وَهِيَ فِي النَّحْلِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=108أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ - إِلَى -
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=108الْغَافِلُونَ ) وَفِي الْكَهْفِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=57وَمَنْ أَظْلَمُ - إِلَى -
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=57إِذًا أَبَدًا ) وَفِي الْجَاثِيَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=23أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ - إِلَى -
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=23أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ) وَعَنْ
كَعْبٍ أَنَّ الرَّسُولَ كَانَ يَسْتَتِرُ بِهَذِهِ الْآيَاتِ ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابْنِ سِيرِينَ : أَنَّهُ عَيَّنَهَا لَهُ هَاتِفٌ مِنْ جَانِبِ الْبَيْتِ ، وَعَنْ بَعْضِهِمْ : أَنَّهُ أَسَرَّ زَمَانًا ثُمَّ اهْتَدَى قِرَاءَتَهَا فَخَرَجَ لَا يُبْصِرُهُ الْكُفَّارُ وَهُمْ يَتَطَلَّبُونَهُ تَمَسُّ ثِيَابُهُمْ ثِيَابَهُ . قَالَ
الْقُرْطُبِيُّ : وَيُزَادُ إِلَى هَذِهِ الْآيِ أَوَّلُ يس إِلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ) فَفِي السِّيرَةِ
أَنَّ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ نَامَ عَلَى فِرَاشِهِ خَرَجَ يَنْثُرُ التُّرَابَ عَلَى رُءُوسِ الْكُفَّارِ فَلَا يَرَوْنَهُ ، وَهُوَ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَاتِ مِنْ يس ، وَلَمْ يُبْقِ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلَّا وَضَعَ عَلَى رَأْسِهِ تُرَابًا ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَعْنَى : جَعَلْنَا بَيْنَ رُؤْيَتِكَ وَبَيْنَ أَبْصَارِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ كَمَا وَرَدَ فِي سَبَبِ النُّزُولِ .
وَقَالَ
قَتَادَةُ nindex.php?page=showalam&ids=14416وَالزَّجَّاجُ وَجَمَاعَةٌ مَا مَعْنَاهُ : جَعَلْنَا بَيْنَ فَهْمِ مَا تَقْرَأُ وَبَيْنَهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=45حِجَابًا ) فَلَا يُقِرُّونَ بِنُبُوَّتِكَ وَلَا بِالْبَعْثِ ، فَالْمَعْنَى قَرِيبٌ مِنَ الْآيَةِ بَعْدَهَا ، وَالظَّاهِرُ إِقْرَارُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=45مَسْتُورًا ) عَلَى مَوْضُوعِهِ مِنْ كَوْنِهِ اسْمَ مَفْعُولٍ أَيْ مَسْتُورًا عَنْ أَعْيُنِ الْكُفَّارِ فَلَا يَرَوْنَهُ ، أَوْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=45مَسْتُورًا ) بِهِ الرَّسُولُ عَنْ رُؤْيَتِهِمْ . وَنُسِبَ السَّتْرُ إِلَيْهِ لَمَّا كَانَ مَسْتُورًا بِهِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ ، وَيُؤَوَّلُ مَعْنَاهُ إِلَى أَنَّهُ ذُو سَتْرٍ كَمَا جَاءَ فِي صِيغَةِ لَابِنٍ وَتَامِرٍ أَيْ : ذُو لَبَنٍ ، وَذُو تَمْرٍ . وَقَالُوا : رَجُلٌ مَرْطُوبٌ أَيْ : ذُو رَطْبَةٍ ، وَلَا يُقَالُ رَطَّبْتُهُ ، وَمَكَانٌ مَهُولٌ أَيْ : ذُو هَوْلٍ ، وَجَارِيَةٌ مَغْنُوجَةٌ ، وَلَا يُقَالُ : هُلْتُ الْمَكَانَ ، وَلَا غَنِجَتِ الْجَارِيَةُ . وَقَالَ
الْأَخْفَشُ وَجَمَاعَةٌ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=45مَسْتُورًا ) سَاتِرًا وَاسْمُ الْفَاعِلِ قَدْ يَجِيءُ بِلَفْظِ الْمَفْعُولِ ، كَمَا قَالُوا : مَشْئُومٌ وَمَيْمُونٌ يُرِيدُونَ شَائِمٌ وَيَامِنٌ . وَقِيلَ : مَسْتُورٌ : وَصْفٌ عَلَى جِهَةِ الْمُبَالَغَةِ ، كَمَا قَالُوا : شِعْرٌ شَاعِرٌ ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُبَالَغَةَ إِنَّمَا تَكُونُ بِاسْمِ الْفَاعِلِ وَمِنْ لَفْظِ الْأَوَّلِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=46وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ) تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ فِي أَوَائِلِ الْأَنْعَامِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=46وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ ) . قِيلَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374637دَخَلَ مَلَأُ قُرَيْشٍ عَلَى أَبِي طَالِبٍ يَزُورُونَهُ ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَرَأَ وَمَرَّ بِالتَّوْحِيدِ ، ثُمَّ قَالَ : " يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ، قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَمْلِكُونَ بِهَا الْعَرَبَ وَتَدِينُ لَكُمُ الْعَجَمُ " فَوَلَّوْا وَنَفَرُوا ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْآيَةَ فِي حَالِ الْفَارِّينَ عِنْدَ وَقْتِ قِرَاءَتِهِ وَمُرُورِهِ بِتَوْحِيدِ اللَّهِ ، وَالْمَعْنَى : إِذَا جَاءَتْ مَوَاضِعُ التَّوْحِيدِ فَرَّ الْكُفَّارُ إِنْكَارًا لَهُ وَاسْتِبْشَاعًا لِرَفْضِ آلِهَتِهِمْ وَاطِّرَاحِهَا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَحَدَ يَحِدُ وَحْدًا وَحِدَةً نَحْوُ وَعَدَ يَعِدُ
[ ص: 43 ] وَعْدًا وَعِدَةً وَ ( وَحْدَهُ ) مِنْ بَابِ رَجَعَ عَوْدُهُ عَلَى بَدْئِهِ ، وَافْعَلْهُ جُهْدَكَ وَطَاقَتَكَ فِي أَنَّهُ مَصْدَرٌ سَادٌّ مَسَدَّ الْحَالِ ، أَصْلُهُ يَحِدُ وَحْدَهُ بِمَعْنَى وَاحِدًا . انْتَهَى . وَمَا ذُهِبَ إِلَيْهِ مِنْ أَنَّ ( وَحْدَهُ ) مَصْدَرٌ سَادٌّ مَسَدَّ الْحَالِ ، خِلَافُ مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ ، وَ ( وَحْدَهُ ) عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ لَيْسَ مَصْدَرًا بَلْ هُوَ اسْمٌ وُضِعَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ الْمَوْضُوعِ مَوْضِعَ الْحَالِ ، فَـ وَحْدَهُ عِنْدَهُ مَوْضُوعٌ مَوْضِعَ إِيحَادٍ ، وَإِيحَادٌ مَوْضُوعٌ مَوْضِعَ مُوَحِّدٍ . وَذَهَبَ
يُونُسُ إِلَى أَنَّ ( وَحْدَهُ ) مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِ ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ لَا فِعْلَ لَهُ ، وَقَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ لِأَوْحَدَ عَلَى حَذْفِ الزِّيَادَةِ ، وَقَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ لِوَحْدٍ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ، وَحُجَجُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ مَذْكُورَةٌ فِي كُتُبِ النَّحْوِ . وَإِذَا ذَكَرْتَ ( وَحْدَهُ ) بَعْدَ فَاعِلٍ وَمَفْعُولٍ نَحْوُ : ضَرَبْتُ زَيْدًا فَمَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ أَنَّهُ حَالٌ مِنَ الْفَاعِلِ ، أَيْ : مُوَحِّدًا لَهُ بِالضَّرْبِ ، وَمَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْمَفْعُولِ فَعَلَى مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ يَكُونُ التَّقْدِيرُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=46وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ ) مُوَحِّدًا لَهُ بِالذِّكْرِ ، وَعَلَى مَذْهَبِ
أَبِي الْعَبَّاسِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ مُوَحِّدًا بِالذِّكْرِ .
وَ ( نُفُورًا ) حَالٌ جَمْعُ نَافِرٍ كَقَاعِدٍ وَقُعُودٍ ، أَوْ مَصْدَرٌ عَلَى غَيْرِ الصَّدْرِ ; لِأَنَّ مَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=46وَلَّوْا ) نَفَرُوا ، وَالظَّاهِرُ عَوْدُ الضَّمِيرِ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=46وَلَّوْا ) عَلَى الْكُفَّارِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُمْ . وَقَالَتْ فِرْقَةٌ : هُوَ ضَمِيرُ الشَّيَاطِينِ ; لِأَنَّهُمْ يَفِرُّونَ مِنَ الْقُرْآنِ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى ، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهُمْ ذِكْرٌ . وَقَالَ
أَبُو الْحَوْرَاءِ أَوْسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : لَيْسَ شَيْءٌ أَطْرَدَ لِلشَّيْطَانِ مِنَ الْقَلْبِ مِنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، ثُمَّ تَلَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=46وَإِذَا ذَكَرْتَ ) الْآيَةَ . وَقَالَ
عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ : هُوَ الْبَسْمَلَةُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=47نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ ) أَيْ : بِالِاسْتِخْفَافِ الَّذِي يَسْتَمِعُونَ بِهِ وَالْهُزْءِ بِكَ وَاللَّغْوِ ، كَانَ إِذَا قَرَأَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ رَجُلَانِ مِنْ بَنِي
عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يَمِينِهِ وَرَجُلَانِ مِنْهُمْ عَنْ يَسَارِهِ ، فَيُصَفِّقُونَ وَيُصَفِّرُونَ وَيُخَلِّطُونَ عَلَيْهِ بِالْأَشْعَارِ . وَ بِمَا مُتَعَلِّقٌ بِأَعْلَمَ ، وَمَا كَانَ فِي مَعْنَى الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ ، وَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا لِمَفْعُولٍ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ فِي بَابِ أَفْعَلَ فِي التَّعَجُّبِ ، وَفِي أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ تَعَدَّى بِالْبَاءِ ، تَقُولُ : مَا أَعْلَمَ زَيْدًا بِكَذَا وَمَا أَجْهَلَهُ بِكَذَا ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِكَذَا وَأَجْهَلُ بِكَذَا بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَفْعَالِ الْمُتَعَدِّيَةِ لِمَفْعُولٍ بِنَفْسِهِ ، فَإِنَّهُ يَتَعَدَّى فِي أَفْعَلَ فِي التَّعَجُّبِ وَأَفْعَلَ التَّفْضِيلِ بِاللَّامِ ، تَقُولُ : مَا أَضْرَبَ زَيْدًا لِعَمْرٍو ، وَزَيْدٌ أَضْرَبُ
لِعَمْرٍو مِنْ بَكْرٍ ، وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ كَمَا تَقُولُ : يَسْتَمِعُونَ بِالْهُزْءِ أَيْ : هَازِئِينَ ( وَإِذْ يَسْتَمِعُونَ ) نُصِبَ بِأَعْلَمَ أَيْ : أَعْلَمُ وَقْتَ اسْتِمَاعِهِمْ بِمَا بِهِ يَسْتَمِعُونَ وَبِمَا بِهِ يَتَنَاجَوْنَ ، إِذْ هُمْ ذَوُو نَجْوَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=47إِذْ يَقُولُ ) بَدَلٌ مِنْ ( إِذْ هُمْ ) . انْتَهَى .
وَقَالَ
الْحَوْفِيُّ : لَمْ يَقُلْ : يَسْتَمِعُونَهُ وَلَا يَسْتَمِعُونَكَ ، لَمَّا كَانَ الْغَرَضُ لَيْسَ الْإِخْبَارَ عَنِ الِاسْتِمَاعِ فَقَطْ ، وَكَانَ مُضَمَّنًا أَنَّ الِاسْتِمَاعَ كَانَ عَلَى طَرِيقِ الْهُزْءِ بِأَنْ يَقُولُوا : مَجْنُونٌ أَوْ مَسْحُورٌ ، جَاءَ الِاسْتِمَاعُ بِالْبَاءِ وَإِلَى ; لِيُعْلَمَ أَنَّ الِاسْتِمَاعَ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ تَفَهُّمَ الْمَسْمُوعِ دُونَ هَذَا الْمَقْصِدِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=47إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى ) فَإِذِ الْأُولَى تَتَعَلَّقُ بِـ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=47يَسْتَمِعُونَ بِهِ وَكَذَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=47وَإِذْ هُمْ نَجْوَى ) لِأَنَّ الْمَعْنَى نَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِي يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِلَيْكَ وَإِلَى قِرَاءَتِكَ وَكَلَامِكَ ، إِنَّمَا يَسْتَمِعُونَ لِسَقَطِكَ وَتَتَبُّعِ عَيْبِكَ وَالْتِمَاسِ مَا يَطْعَنُونَ بِهِ عَلَيْكَ ، يَعْنِي فِي زَعْمِهِمْ ، وَلِهَذَا ذُكِرَ تَعْدِيَتُهُ بِالْبَاءِ وَإِلَى . انْتَهَى . وَقَالَ
أَبُو الْبَقَاءِ : يَسْتَمِعُونَ بِهِ . قِيلَ : الْبَاءُ بِمَعْنَى اللَّامِ ، وَإِذْ ظَرْفٌ لِيَسْتَمِعُونَ الْأُولَى ، وَالنَّجْوَى مَصْدَرٌ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمْعُ نَجِيٍّ كَقَتِيلٍ وَقَتْلَى ، وَإِذْ بَدَلٌ مِنْ ( إِذْ ) الْأُولَى . وَقِيلَ : التَّقْدِيرُ : اذْكُرْ إِذْ تَقُولُ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : الضَّمِيرُ فِي بِهِ عَائِدٌ عَلَى مَا هُوَ بِمَعْنَى الَّذِي ، وَالْمُرَادُ الِاسْتِخْفَافُ وَالْإِعْرَاضُ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : نَحْنُ أَعْلَمُ بِالِاسْتِخْفَافِ وَالِاسْتِهْزَاءِ الَّذِي يَسْتَمِعُونَ بِهِ ، أَيْ : هُوَ مُلَازِمُهُمْ ، فَفَضَحَ اللَّهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ سِرَّهُمْ ، وَالْعَامِلُ فِي ( إِذْ ) الْأُولَى ، وَفِي الْمَعْطُوفِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=47يَسْتَمِعُونَ ) الْأُولَى . انْتَهَى . تَنَاجَوْا ، فَقَالَ
النَّضْرُ : مَا أَفْهَمُ مَا تَقُولُ ، وَقَالَ
أَبُو سُفْيَانَ : أَرَى بَعْضَهُ حَقًّا ، وَقَالَ
أَبُو جَهْلٍ : مَجْنُونٌ ، وَقَالَ
أَبُو لَهَبٍ : كَاهِنٌ ، وَقَالَ
حُوَيْطِبٌ : شَاعِرٌ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ، وَبَعْضُهُمْ : إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ، وَرُوِيَ أَنَّ تَنَاجِيَهُمْ كَانَ عِنْدَ عُتْبَةَ دَعَا أَشْرَافَ
قُرَيْشٍ إِلَى
[ ص: 44 ] طَعَامٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ وَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ . فَتَنَاجَوْا ، يَقُولُونَ : سَاحِرٌ مَجْنُونٌ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=47مَسْحُورًا ) مِنَ السِّحْرِ أَيْ : خَبِلَ عَقْلَهُ السِّحْرُ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : مَخْدُوعًا نَحْوُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=89فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ) أَيْ : تُخْدَعُونَ . وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=47مَسْحُورًا ) مَعْنَاهُ : أَنَّ لَهُ سَحْرًا أَيْ : رِئَةً فَهُوَ لَا يَسْتَغْنِي عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ ، فَهُوَ مِثْلُكُمْ وَلَيْسَ بِمَلَكٍ ، وَتَقُولُ الْعَرَبُ لِلْجَبَانِ : قَدِ انْتَفَخَ سَحْرُهُ ، وَلِكُلِّ مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ مِنْ آدَمِيٍّ وَغَيْرِهِ مَسْحُورٌ . قَالَ :
أَرَانَا مُوضَعِينَ لِأَمْرِ غَيْبٍ وَنُسْحَرُ بِالطَّعَامِ وَبِالشَّرَابِ
أَيْ : نُغَذَّى وَنُعَلَّلُ وَنُسْحَرُ . قَالَ
لَبِيدٌ :
فَإِنْ تَسْأَلِينَا فِيمَ نَحْنُ فَإِنَّنَا عَصَافِيرُ مِنْ هَذَا الْأَنَامِ الْمُسَحَّرِ
قَالَ
ابْنُ قُتَيْبَةَ : لَا أَدْرِي مَا الَّذِي حَمَلَ
أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ الْمُسْتَكْرَهِ مَعَ أَنَّ السَّلَفَ فَسَّرُوهُ بِالْوُجُوهِ الْوَاضِحَةِ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَ هَذَا تُقَوِّي أَنَّ اللَّفْظَةَ مِنَ السِّحْرِ بِكَسْرِ السِّينِ ; لِأَنَّ فِي قَوْلِهِمْ ضَرْبَ مَثَلٍ ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا مِنَ السَّحْرِ الَّذِي هُوَ الرِّئَةُ ، وَمِنَ التَّغَذِّي وَأَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّهُ بَشَرٌ فَلَمْ يُضْرَبْ لَهُ فِي ذَلِكَ مَثَلٌ بَلْ هِيَ صِفَةٌ حَقِيقَةٌ لَهُ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=48الْأَمْثَالَ ) تَقَدَّمَ مَا قَالُوهُ فِي تَنَاجِيهِمْ ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ عَلَى جِهَةِ التَّسْلِيَةِ وَالتَّلْبِيسِ ، ثُمَّ رَأَى
الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ : أَنَّ أَقْرَبَهَا لِتَخْيِيلِ الطَّارِئِينَ عَلَيْهِمْ هُوَ أَنَّهُ سَاحِرٌ فَضَلُّوا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ ضَلَالَ مَنْ يَطْلُبُ فِيهِ طَرِيقًا يَسْلُكُهُ ، فَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ ، فَهُوَ مُتَحَيِّرٌ فِي أَمْرِهِ عَلَيْهِمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا إِلَى الْهُدَى وَالنَّظَرِ الْمُؤَدِّي إِلَى الْإِيمَانِ ، أَوْ سَبِيلًا إِلَى إِفْسَادِ أَمْرِكَ وَإِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ بِضَرْبِهِمُ الْأَمْثَالَ ، وَاتِّبَاعِهِمْ كُلَّ حِيلَةٍ فِي جِهَتِكَ .
وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي
الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَأَصْحَابِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=49وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا ) هَذَا اسْتِفْهَامُ تَعَجُّبٍ وَإِنْكَارٍ وَاسْتِبْعَادٍ ، لَمَّا ضَرَبُوا لَهُ الْأَمْثَالَ ، وَقَالُوا عَنْهُ : إِنَّهُ مَسْحُورٌ ، ذَكَرُوا مَا اسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى زَعْمِهِمْ عَلَى اتِّصَافِهِ بِمَا نَسَبُوا إِلَيْهِ ، وَاسْتَبْعَدُوا أَنَّهُ بَعْدَ مَا يَصِيرُ الْإِنْسَانُ رُفَاتًا يُحْيِيهِ اللَّهُ وَيُعِيدُهُ ، وَقَدْ رُدَّ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي فَطَرَهُمْ بَعْدَ الْعَدَمِ الصِّرْفِ عَلَى مَا يَأْتِي شَرْحُهُ فِي الْآيَةِ بَعْدَ هَذَا ، وَمَنْ قَرَأَ مِنَ الْقُرَّاءِ إِذَا وَإِنَّا مَعًا أَوْ إِحْدَاهُمَا عَلَى صُورَةِ الْخَبَرِ فَلَا يُرِيدُ الْخَبَرَ حَقِيقَةً ; لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَكُونُ تَصْدِيقًا بِالْبَعْثِ وَالنَّشْأَةِ الْآخِرَةِ ، وَلَكِنَّهُ حَذَفَ هَمْزَةَ الِاسْتِفْهَامِ لِدَلَالَةِ الْمَعْنَى . وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ : إِذَا كُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا نُبْعَثُ أَوْ نُعَادُ ، وَحُذِفَ لِدَلَالَةِ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ ، وَهَذَا الْمَحْذُوفُ هُوَ جَوَابُ الشَّرْطِ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ وَالَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الِاسْتِفْهَامُ وَانْصَبَّ عَلَيْهِ عِنْدَ
يُونُسَ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=49خَلْقًا حَالٌ ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ أُطْلِقَ عَلَى الْمَفْعُولِ أَيْ : مَخْلُوقًا .