نزل ( فخلف ) في اليهود عن ابن عباس ومقاتل ، وفيهم وفي النصارى عن ، وفي قوم من أمة الرسول يأتون عند ذهاب صالحيها يتبارزون بالزنا ، ينزو في الأزقة بعضهم على بعض ، عن السدي مجاهد وقتادة وعطاء . وعن ومحمد بن كعب القرظي وهب : هم شرابو القهوة ، وتقدم الكلام على ( خلف ) في الأعراف ، وإضاعة الصلاة تأخيرها عن وقتها ، قاله ابن مسعود والنخعي والقاسم بن مخيمرة ومجاهد وإبراهيم . وقال وعمر بن عبد العزيز القرظي واختاره : إضاعتها الإخلال بشروطها . وقيل : إقامتها في غير الجماعات . وقيل : عدم اعتقاد وجوبها . وقيل : تعطيل المساجد والاشتغال بالصنائع والأسباب ، و ( الشهوات ) عام في كل مشتهى يشغل عن الصلاة وذكر الله . وعن الزجاج علي : من بنى الشديد وركب المنظور ولبس المشهور . وقرأ عبد الله والحسن وأبو رزين العقيلي والضحاك وابن مقسم ( الصلوات ) جمعا . والغي عند العرب كل شر ، والرشاد كل خير . قال الشاعر :
فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره ومن يغو لا يعدم على الغي لائما
وقال : هو على حذف مضاف ، أي : جزاء غي كقوله ( الزجاج يلق أثاما ) ، أي : مجازاة آثام . وقال ابن زيد : الغي الخسران والحصول في الورطات . وقال عبد الله بن عمرو وابن مسعود وكعب : غي واد في جهنم . وقال ابن زيد : ضلال . وقال : أو ( غيا ) عن طريق الجنة . وحكى الزمخشري الكرماني : آبار في جهنم يسيل إليها الصديد والقيح . وقيل : هلاك . وقيل : شر . وقرئ فيما حكى الأخفش ( يلقون ) بضم الياء وفتح اللام وشد القاف .
( إلا من تاب ) استثناء ظاهره الاتصال . وقال : منقطع ( وآمن ) هذا يدل على أن تلك الإضاعة كفر ، وقرأ الزجاج الحسن ( يدخلون ) مبنيا للفاعل ، وكذا كل ما في القرآن من ( يدخلون ) . وقرأ كذلك هنا الزهري وحميد وشيبة والأعمش وابن أبي ليلى وابن مناذر . وقرأ وابن سعدان ابن غزوان عن طلحة : ( سيدخلون ) بسين الاستقبال مبنيا للفاعل .
وقرأ الجمهور ( جنات ) نصبا جمعا بدلا من ( الجنة ) ( ولا يظلمون شيئا ) اعتراض أو حال . وقرأ الحسن وأبو حيوة وعيسى بن عمر والأعمش وأحمد بن موسى عن أبي عمرو ( جنات ) رفعا جمعا ، أي : تلك جنات ، وقال الرفع على الابتداء انتهى يعني والخبر ( التي ) . وقرأ الزمخشري الحسن بن حي ( جنة عدن ) نصبا مفردا ورويت عن وعلي بن صالح ، وهي كذلك في مصحف الأعمش عبد الله . وقرأ اليماني [ ص: 202 ] والحسن عن وإسحاق الأزرق حمزة ( جنة ) رفعا مفردا و ( عدن ) إن كان علما شخصيا كان ( التي ) نعتا لما أضيف إلى ( عدن ) وإن كان المعنى إقامة كان ( التي ) بدلا .
وقال : ( عدن ) معرفة علم لمعنى العدن وهو الإقامة ، كما جعلوا فينة وسحر وأمس في من لم يصرفه أعلاما لمعاني الفينة والسحر والأمس ، فجرى العدن كذلك . أو هو علم لأرض الجنة لكونها مكان إقامة ، ولولا ذلك لما ساغ الإبدال - لأن النكرة لا تبدل من المعرفة إلا موصوفة - ولما ساغ وصفها بالتي انتهى . الزمخشري
وما ذكره متعقب . أما دعواه أن عدنا علم لمعنى العدن فيحتاج إلى توقيف وسماع من العرب ، وكذا دعوى العلمية الشخصية فيه . وأما قوله : ( ولولا ذلك ) إلى قوله : ( موصوفة ) فليس مذهب البصريين ؛ لأن مذهبهم جواز إبدال النكرة من المعرفة وإن لم تكن موصوفة ، وإنما ذلك شيء قاله البغداديون وهم محجوجون بالسماع على ما بيناه في كتبنا في النحو ، فملازمته فاسدة . وأما قوله : ( ولما ساغ وصفها بالتي ) فلا يتعين كون التي صفة ، وقد ذكرنا أنه يجوز إعرابه بدلا و ( بالغيب ) حال ، أي : وعدها وهي غائبة عنهم أو وهم غائبون عنها لا يشاهدونها ، ويحتمل أن تكون الباء للسبب ، أي : بتصديق الغيب والإيمان به . وقال أبو مسلم : المراد الذين يكونون عبادا بالغيب ، أي : الذين يعبدونه في السر ، والظاهر أن ( وعده ) مصدر . فقيل : ( مأتيا ) بمعنى آتيا . وقيل : هو على موضوعه من أنه اسم المفعول . وقال : ( مأتيا ) مفعول بمعنى فاعل ، والوجه أن الوعد هو الجنة وهم يأتونها ، أو هو من قولك : أتى إليه إحسانا ، أي : كان وعده مفعولا منجزا ، والقول الثاني وهو قوله : والوجه مأخوذ من قول الزمخشري قال : ( وعده ) هنا موعوده وهو الجنة ، و ( مأتيا ) يأتيه أولياؤه انتهى . ابن جريج
( إلا سلاما ) استثناء منقطع وهو قول الملائكة ( سلام عليكم بما صبرتم ) . وقيل : يسلم الله عليهم عند دخولها . ومعنى ( بكرة وعشيا ) يأتيهم طعامهم مرتين في مقدار اليوم والليلة من الزمن . وقال مجاهد : لا بكرة ولا عشي ولكن يؤتون به على ما كانوا يشتهون في الدنيا . وقد ذكر نحوه قتادة أن تكون مخاطبة بما تعرف العرب في رفاهة العيش . وقال الحسن : خوطبوا على ما كانت العرب تعلم من أفضل العيش ، وذلك أن كثيرا من العرب إنما كان يجد الطعام المرة في اليوم ، وكان عيش أكثرهم من شجر البرية ومن الحيوان . وقال : اللغو فضول الكلام وما لا طائل تحته ، وفيه تنبيه ظاهر على وجوب تجنب اللغو واتقائه حيث نزه الله عنه الدار التي لا تكليف فيها . وما أحسن قوله ( الزمخشري وإذا مروا باللغو مروا كراما ) ( وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه ) الآية ، أي : إن كان تسليم بعضهم على بعض أو تسليم الملائكة عليهم ( لغوا ) فلا يسمعون لغوا إلا ذلك فهو من وادي قوله :
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب
أو ( لا يسمعون فيها ) إلا قولا يسلمون فيه من العيب والنقيصة على الاستثناء المنقطع ، أو لأن معنى السلام هو الدعاء بالسلامة ، ودار السلام هي دار السلامة ، وأهلها عن الدعاء بالسلامة أغنياء . فكان ظاهره من باب اللغو وفضول الحديث لولا ما فيه من فائدة الكلام . وقال أيضا : ولا يكون ثم ليل ولا نهار ولكن على التقدير . ولأن المتنعم عند العرب من وجد غداء وعشاء . وقيل : أراد دوام الرزق ودروره كما تقول : أنا عند فلان صباحا ومساء وبكرة وعشيا ، ولا يقصد الوقتين المعلومين انتهى .
وقرأ الجمهور ( نورث ) مضارع أورث ، ( نورثها ) بإبراز الضمير العائد على الموصول ، والأعمش والحسن والأعرج وقتادة ورويس وحميد وابن أبي عبلة وأبو حيوة ومحبوب عن أبي عمرو بفتح الواو وتشديد الراء . والتوريث استعارة ، أي : تبقى عليه الجنة كما يبقى على الوارث مال الموروث ، والأتقياء [ ص: 203 ] يلقون ربهم قد انقضت أعمالهم وثمرتها باقية وهي الجنة ، فقد أورثهم من تقواهم كما يورث الوارث المال من المتوفى . وقيل : أورثوا من الجنة المساكن التي كانت لأهل النار لو أطاعوا .
( وما نتنزل إلا بأمر ربك ) أبطأ جبريل عن الرسول مرة ، فلما جاء قال : " جبريل قد اشتقت إليك أفلا تزورنا أكثر مما تزورنا " ؟ فنزلت . وقال يا مجاهد والضحاك : سببها أن جبريل - عليه السلام - تأخر في السؤالات المتقدمة في سورة الكهف وهي كالتي في الضحى ، وتنزل تفعل وهي للمطاوعة وهي أحد معاني تفعل ، تقول : نزلته فتنزل فتكون لمواصلة العمل في مهلة ، وقد تكون لا يلحظ فيه ذلك إذا كان بمعنى المجرد كقولهم : تعدى الشيء وعداه ولا يكون مطاوعا فيكون تنزل في معنى نزل . كما قال الشاعر :
فلست لإنسي ولكن لملأك تنزل من جو السماء يصوب
وقال : التنزل على معنيين : معنى النزول على مهل ، ومعنى النزول على الإطلاق . كقوله : فلست لإنسي . البيت ؛ لأنه مطاوع نزل ، ونزل يكون بمعنى أنزل وبمعنى التدريج ، واللائق بهذا الموضع هو النزول على مهل ، والمراد أن نزولنا في الأحايين وقتا غب وقت . انتهى . الزمخشري
وقال ابن عطية : وهذه الواو التي في قوله ( وما نتنزل ) هي عاطفة جملة كلام على أخرى ، واصلة بين القولين ، وإن لم يكن معناهما واحدا . وحكى النقاش عن قوم أن قوله ( وما نتنزل ) متصل بقوله ( إنما أنا رسول ربك ليهب لك غلاما زكيا ) وهذا قول ضعيف انتهى .
والذي يظهر في مناسبة هذه الآية لما قبلها أنه تعالى لما ذكر قصة زكريا ومريم وذكر إبراهيم وموسى وإسماعيل وإدريس ثم ذكر أنهم أنعم تعالى عليهم وقال ( ومن ذرية إبراهيم ) وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذرية إبراهيم ، وذكر تعالى أنه خلف بعد هؤلاء خلف وهم اليهود والنصارى أصحاب الكتب ؛ لأن غيرهم لا يقال فيهم أضاعوا الصلاة ، إنما يقال ذلك فيمن كانت له شريعة فرض عليهم فيها الصلاة بوحي من الله تعالى ، وكان اليهود هم سبب سؤال قريش للنبي - صلى الله عليه وسلم - تلك المسائل الثلاث ، وأبطأ الوحي عنه ففرحت بذلك قريش واليهود وكان ذلك من اتباع شهواتهم ، هذا وهم عالمون بنبوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله تعالى ( وما نتنزل ) تنبيها على قصة قريش واليهود ، وأن أصل تلك القصة إنما حدثت من أولئك الخلف الذين أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات ، وختما لقصص أولئك المنعم عليهم لمخاطبة أشرفهم محمد - صلى الله عليه وسلم - واستعذارا من جبريل - عليه السلام - للرسول بأن ذلك الإبطاء لم يكن منه إذ لا يتنزل إلا بأمر الله تعالى ، ولما كان إبطاء الوحي سببه قصة السؤال وكونه - صلى الله عليه وسلم - لم يقرن أن يجيبهم بالمشيئة ، وكان السؤال متسببا عن اتباع اليهود شهواتهم وخفيات خبثهم اكتفى بذكر النتيجة المتأخرة عن ذكر ما آثرته شهواتهم الدنيوية وخبثهم .
قال أبو العالية : ما بين الأيدي الدنيا بأسرها إلى النفخة الأولى ، وما خلف ذلك الآخرة من وقت البعث ، وما بين ذلك ما بين النفختين . قال ابن عطية : وقول أبي العالية إنما يتصور في بني آدم ، وهذه المقالة هي للملائكة فتأمله . وقال : ما بين الأيدي هو ما مر من الزمان قبل الإيجاد ، وما خلف هو ما بعد موتهم إلى استمرار الآخرة ، وما بين ذلك هو مدة الحياة . وفي كتاب التحرير والتحبير ( ابن جريج ما بين أيدينا ) الآخرة ( وما خلفنا ) الدنيا ، رواه عن العوفي ، وبه قال ابن عباس ابن جبير وقتادة ومقاتل وسفيان . وقال مجاهد عكسه . وقال الأخفش : ( ما بين أيدينا ) قبل أن نخلق ( وما خلفنا ) بعد الفناء ( وما بين ذلك ) ما بين الدنيا والآخرة . وقال مجاهد وعكرمة وأبو العالية : ما بين النفختين . وقال الأخفش : حين كوننا . وقال صاحب الغنيان : ( ما بين أيدينا ) نزول الملائكة من السماء ، ( وما خلفنا ) من الأرض ( وما بين ذلك ) ما بين السماء والأرض . وقال ابن [ ص: 204 ] القشيري مثل قول ، ثم قال : حصر الأزمنة الثلاثة وهي أن كلها لله هو منشئها ومدبر أمرها على ما يشاء من تقديم إنزال وتأخيره انتهى . وفيه بعض تلخيص وتصرف . ابن جريج
وقال ابن عطية : إنما القصد الإشعار بملك الله تعالى لملائكته ، وأن قليل تصرفهم وكثيره إنما هو بأمره ، وانتقالهم من مكان إلى مكان إنما هو بحكمته إذ الأمكنة له وهم له ، فلو ذهب بالآية إلى أن المراد بما بين الأيدي وما خلف الأمكنة التي فيها تصرفهم ، والمراد بما بين ذلك هم أنفسهم ومقاماتهم لكان وجها كأنه قال : نحن مقيدون بالقدرة لا ننتقل ولا نتنزل إلا بأمر ربك . انتهى . وما قاله فيه ابن عطية : " له " إلى آخره ذهب إلى نحوه قال : له ما قدامنا وما خلفنا من الجهات والأماكن وما نحن فيها فلا نتمالك أن ننتقل من جهة إلى جهة ومكان إلى مكان إلا بأمر المليك ومشيئته ، والمعنى أنه محيط بكل شيء لا تخفى عليه خافية ، فكيف نقدم على فعل نحدثه إلا صادرا عما توجبه حكمته ويأمرنا ويأذن لنا فيه انتهى . وقال الزمخشري البغوي : له علم ما بين أيدينا .
وقال أبو مسلم وابن بحر : ( وما نتنزل ) الآية ليس من كلام الملائكة وإنما هو من كلام أهل الجنة بعضهم لبعض إذا دخلوها وهي متصلة بالآية الأولى إلى قوله ( وما بين ذلك ) ، أي : ما ننزل الجنة إلا بأمر ربك ( له ما بين أيدينا ) ، أي : في الجنة مستقبلا ( وما خلفنا ) مما كان في الدنيا وما بينهما ، أي : ما بين الوقتين . وحكى هذا القول فقال : وقيل هي حكاية قول المتقين حين يدخلون الجنة ، أي : وما ننزل الجنة إلا بإذن من الله علينا بثواب أعمالنا وأمرنا بدخولها وهو المالك لرقاب الأمور كلها السالفة والمترقبة والحاضرة ، اللاطف في أعمال الخير والموفق لها والمجازي عليها . الزمخشري
ثم قال تعالى تقريرا لهم ( وما كان ربك نسيا ) لأعمال العاملين غافلا عما يجب أن يثابوا به ، وكيف يجوز النسيان والغفلة على ذي ملكوت السماوات والأرض وما بينهما انتهى . وقال القاضي : هذا مخالف للظاهر من وجوه :
أحدهما : أن ظاهر التنزيل نزول الملائكة إلى الرسول - عليه الصلاة والسلام - ولقوله ( بأمر ربك ) فظاهر الأمر بحال التكليف أليق .
وثانيها : خطاب من جماعة لواحد ، وذلك لا يليق بمخاطبة بعضهم لبعض في الجنة .
وثالثها : أن ما في مساقه ( وما كان ربك نسيا رب السماوات والأرض وما بينهما ) لا يليق بحال التكليف ولا يوصف به الرسول . انتهى .
وقرأ الجمهور ( وما نتنزل ) بالنون عنى جبريل نفسه والملائكة . وقرأ بالياء على أنه خبر من الله . قيل : والضمير في ( الأعرج يتنزل ) عائد على جبريل عليه السلام . قال ابن عطية : ويرده ( له ما بين أيدينا ) لأنه لا يطرد معه ، وإنما يتجه أن يكون خبرا عن جبريل أن القرآن لا يتنزل إلا بأمر الله في الأوقات التي يقدرها ، وكذا قال على الحكاية عن الزمخشري جبريل ، والضمير للوحي . انتهى . ويحمل ذلك القول على إضمار ، أي : وما يتنزل جبريل إلا بأمر ربك قائلا ( له ما بين أيدينا ) ، أي : يقول ذلك على سبيل الاستعذار في البطء عنك بأن ربك متصرف فينا ليس لنا أن نتصرف إلا بمشيئته ، وإخبار أنه تعالى ليس بناسيك وإن تأخر عنك الوحي .
وارتفع ( رب السماوات ) على البدل أو على خبر مبتدأ محذوف . وقرأ الجمهور ( هل تعلم ) بإظهار اللام عند التاء . وقرأ الأخوان وهشام وعلي بن نصر وهارون كلاهما عن أبي عمرو والحسن والأعمش وعيسى وابن محيصن بالإدغام فيهما . قال أبو عبيدة هما لغتان وعلى الإدغام أنشدوا بيت مزاحم العقيلي :
فذر ذا ولكن هل تعين متيما على ضوء برق آخر الليل ناصب
وعدي فاصطبر باللام على سبيل التضمين ، أي : اثبت بالصبر لعبادته ؛ لأن العبادة تورد شدائد ، فاثبت لها وأصله التعدية بعلى كقوله تعالى ( واصطبر عليها ) والسمي من توافق في الاسم . تقول : هذا سميك ، أي : [ ص: 205 ] اسمه مثل اسمك ، فالمعنى أنه لم يسم بلفظ الله شيء قط ، وكان المشركون يسمون أصنامهم آلهة ، والعزى إله ، وأما لفظ الله فلم يطلقوه على شيء من أصنامهم . وعن : لا يسمى أحد الرحمن غيره . وقيل : يحتمل أن يعود ذلك على قوله ( ابن عباس رب السماوات والأرض وما بينهما ) ، أي : هل تعلم من يسمى أو يوصف بهذا الوصف ، أي : ليس أحد من الأمم يسمي شيئا بهذا الاسم سوى الله . وقال مجاهد وابن جبير وقتادة ( سميا ) مثلا وشبيها ، وروي ذلك عن أيضا . قال ابن عباس ابن عطية : وكان السمي بمعنى المسامي والمضاهي فهو من السمو ، وهذا قول حسن ولا يحسن في ذكر يحيى . انتهى . يعني لم نجعل له من قبل ( سميا ) . وقال غيره : يقال فلان سمي فلان إذا شاركه في اللفظ ، وسميه إذا كان مماثلا له في صفاته الجميلة ومناقبه . ومنه قول الشاعر :
فأنت سمي للزبير ولست للزبير سميا إذ غدا ما له مثل
وقال : هل تعلم أحدا يستحق أن يقال له خالق وقادر إلا هو . وقال الزجاج الضحاك : ولدا ردا على من يقول ( ولد الله ) .