[ ص: 250 ] ولما ذكر موسى دلالته على ربوبية الله تعالى وتم كلامه عند قوله ( ولا ينسى ) ذكر تعالى ما نبه به على قدرته تعالى ووحدانيته ، فأخبر عن نفسه بأنه تعالى هو الذي صنع كيت وكيت ، وإنما ذهبنا إلى أن هذا هو من كلام الله تعالى لقوله تعالى ( فأخرجنا ) [ ص: 251 ] وقوله ( كلوا وارعوا أنعامكم ) وقوله ( ولقد أريناه ) فيكون قوله ( فأخرجنا ) و ( أريناه ) التفاتا من الضمير الغائب في جعل وسلك إلى ضمير المتكلم المعظم نفسه ، ولا يكون الالتفات من قائلين وأبعد من ذهب إلى أن الذي نعت لقوله ( ربي ) فيكون في موضع رفع أو يكون في موضع نصب على المدح ، وقالهما الحوفي لكونه كان يكون كلام والزمخشري موسى فلا يتأتى الالتفات في قوله ( فأخرجنا ) ( ولقد أريناه ) .
وقال ابن عطية : يحتمل أن يكون ( فأخرجنا ) من كلام موسى حكاية عن الله تعالى على تقدير يقول عز وجل ( فأخرجنا ) ويحتمل أن يكون كلام موسى تم عند قوله ( وأنزل من السماء ماء ) ثم وصل الله كلام موسى بإخباره لمحمد - صلى الله عليه وسلم - والمراد بالخطاب في ( لكم ) الخلق أجمع نبههم على هذه الآيات . وقرأ الأعمش وطلحة وابن أبي ليلى وعاصم وحمزة ( والكسائي مهدا ) بفتح الميم وإسكان الهاء ، وباقي السبعة مهادا وكذا في الزخرف فقال المفضل : مصدران مهد مهدا ومهادا . وقال أبو عبيد : مهاد اسم ، ومهد الفعل يعني المصدر . وقال آخر ( مهدا ) مفرد ومهاد جمعه ، ومعنى ذلك أنه تعالى جعلها لهم يتصرفون عليها في جميع أحوالهم ومنافعهم ، ونهج لكم فيها طرقا لمقاصدكم حتى لا تتعذر عليكم مصالحكم . والضمير في ( به ) عائد على الماء ، أي : بسببه .
( أزواجا ) ، أي : أصنافا وهذا الالتفات في أخرجنا كهو في قوله ( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا ) ( أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا ) ( وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء ) وفي هذا الالتفات تخصيص أيضا بأنا نحن نقدر على مثل هذا ، ولا يدخل تحت قدرة أحد والأجود أن يكون ( شتى ) في موضع نصب نعتا لقوله ( أزواجا ) لأنها المحدث عنها .
وقال : يجوز أن يكون صفة للنبات ، والنبات مصدر سمي به النابت كما سمي بالنبت فاستوى فيه الواحد والجمع ، يعني أنها ( الزمخشري شتى ) مختلفة النفع والطعم واللون والرائحة والشكل ، بعضها يصلح للناس وبعضها للبهائم .
قالوا : من نعمته - عز وجل - أن أرزاق العباد إنما تحصل بعمل الأنعام وقد جعل الله علفها مما يفضل عن حاجتهم ولا يقدرون على أكله ( كلوا وارعوا أنعامكم ) أمر إباحة معمول لحال محذوفة ، أي : ( فأخرجنا ) قائلين ، أي : آذنين في الانتفاع بها ، مبيحين أن تأكلوا بعضها وتعلفوا بعضها ، عدي هنا ( وارعوا ) ، ورعى يكون لازما ومتعديا تقول : رعت الدابة رعيا ، ورعاها صاحبها رعاية ، إذا سامها وسرحها وأراحها ، قاله . وأشار بقوله ( الزجاج إن في ذلك ) للآيات السابقة من جعل الأرض مهدا وسلك سبلها وإنزال الماء وإخراج النبات . وقالوا ( النهى ) جمع نهية وهو العقل سمي بذلك ؛ لأنه ينهى عن القبائح ، وأجاز أبو علي أن يكون مصدرا كالهدى . والضمير في ( منها ) يعود على الأرض ، وأراد خلق أصلهم آدم . وقيل : ينطلق الملك إلى تربة المكان الذي يدفن فيه من يخلق فيبددها على النطفة فيخلق من التراب والنطفة معا قاله . وقيل : من الأغذية التي تتولد من الأرض فيكون ذلك تنبيها على ما تولدت منها الأخلاط المتولد منها الإنسان فهو من باب مجاز المجاز ( عطاء الخراساني وفيها نعيدكم ) ، أي : بالدفن بها أو بالتمزيق عليها ( ومنها نخرجكم تارة ) بالبعث ( تارة ) مرة ( أخرى ) يؤلف أجزاءهم المتفرقة ويردهم كما كانوا أحياء . وقوله ( أخرى ) ، أي : إخراجة أخرى ؛ لأن معنى قوله ( منها خلقناكم ) أخرجناكم .
( ولقد أريناه آياتنا كلها ) هذا إخبار من الله تعالى لمحمد - صلى الله عليه وسلم - ، وهذا يدل على أن قوله ( فأخرجنا ) إنما هو خطاب له - عليه السلام - ( أريناه آياتنا ) هي المنقولة من رأى البصرية ، ولذلك تعدت إلى اثنين بهمزة النقل و ( آياتنا ) ليس عاما إذ لم يره تعالى جميع الآيات ، وإنما المعنى آياتنا التي رآها ، فكانت الإضافة تفيد ما تفيده الألف واللام من العهد . وإنما رأى العصا واليد والطمسة وغير ذلك مما رآه فجاء التوكيد [ ص: 252 ] بالنسبة لهذه الآيات المعهودة . وقيل : المعنى آيات بكمالها وأضاف الآيات إليه على حسب التشريف كأنه قال آيات لنا . وقيل : يكون موسى قد أراه آياته وعدد عليه ما أوتي غيره من الأنبياء من آياتهم ومعجزاتهم ، وهو نبي صادق لا فرق بين ما يخبر عنه وبين ما يشاهد به ( فكذب وأبى ) جميعا ( وأبى ) أن يقبل شيئا منها . انتهى . وقاله وفيه بعد ؛ لأن الإخبار بالشيء لا يسمى رؤية إلا بمجاز بعيد . الزمخشري
وقيل : ( أريناه ) هنا من رؤية القلب لا من رؤية العين ؛ لأنه ما كان أراه في ذلك الوقت إلا العصا واليد البيضاء ، أي : ولقد أعلمناه ( آياتنا كلها ) هي الآيات التسع . قيل : ويجوز أن يكون أراد بالآيات آيات توحيده التي أظهرها لنا في ملكوت السماوات والأرض فيكون من رؤية العين . وقال ابن عطية وأبي : يقتضي كسب فرعون وهذا الذي يتعلق به الثواب والعقاب ، ومتعلق التكذيب محذوف ، فالظاهر أنه الآيات ، واحتمل أن يكون التقدير ( فكذب ) موسى ( وأبى ) أن يقبل ما ألقاه إليه من رسالته .
قيل : ويجوز أن يكون أراد وكذب أنها من آيات الله وقال : من سحر ؛ ولهذا ( قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى ) ويبعد هذا القول قوله ( لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر ) وقوله ( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا ) فيظهر أنه كذب لظلمه لا أنه التبس عليه أنها آيات سحر . وفي قوله ( أجئتنا لتخرجنا ) وهن ظهر منه كثير واضطراب لما جاء به موسى إذ علم أنه على الحق وأنه غالبه على ملكه لا محالة ، وذكر علة المجيء وهي إخراجهم وألقاها في مسامع قومه ليصيروا مبغضين له جدا إذ الإخراج من الموطن مما يشق وجعله الله مساويا للقتل في قوله ( أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ) ، وقوله ( بسحرك ) تعلل وتحير ؛ لأنه لا يخفى عليه أن ساحرا لا يقدر أن يخرج ملكا مثله من أرضه ويغلبه على ملكه بالسحر ، وأورد ذلك على سبيل الشبهة الطاعنة في النبوة ، وأن المعجز إنما يتميز عن السحر بكون المعجز مما تتعذر معارضته فقال ( فلنأتينك بسحر مثله ) ويدل على أن أمر موسى - عليه السلام - كان قد قوي وكثر منعته من بني إسرائيل ووقع أمره في نفوس الناس ، إذ هي مقالة من يحتاج إلى الحجة لا من يصدع بأمر نفسه ، وأرضهم هي أرض مصر ، وخاطبه بقوله ( بسحرك ) ؛ لأن الكلام كان معه ، والعصا واليد إنما ظهرتا من قبله ( فلنأتينك ) جواب لقسم محذوف ، أوهم الناس أن ما جاء به موسى إنما هو من باب السحر وأن عنده من يقاومه في ذلك ، فطلب ضرب موعد للمناظرة بالسحر . والظاهر أن ( موعدا ) هنا هو زمان ، أي : فعين لنا وقت اجتماع ، ولذلك أجاب بقوله ( قال موعدكم يوم الزينة ) ومعنى ( لا نخلفه ) ، أي : لا نخلف ذلك الوقت في الاجتماع فيه ، وقدره بعضهم مكانا معلوما وينبوعه قوله ( موعدكم يوم الزينة ) .
وقال القشيري : الأظهر أنه مصدر ولذلك قال ( لا نخلفه ) ، أي : ذلك الموعد والإخلاف أن يعد شيئا ولا ينجزه . وقال : إن جعلته زمانا نظرا في قوله ( الزمخشري موعدكم يوم الزينة ) مطابق له لزمك شيئان : أن تجعل الزمان مخلفا وأن يعضل عليك ناصب ( مكانا ) وإن جعلته مكانا لقوله ( مكانا سوى ) لزمك أيضا أن يقع الإخلاف على المكان وأن لا يطابق قوله ( موعدكم يوم الزينة ) وقراءة الحسن غير مطابقة له مكانا جميعا ؛ لأنه قرأ ( يوم الزينة ) بالنصب فبقي أن يجعل مصدرا بمعنى الوعد ، ويقدر مضاف محذوف ، أي : مكان موعد ، ويجعل الضمير في ( نخلفه ) ، و ( مكانا ) بدل من المكان المحذوف . فإن قلت : كيف طابقته قوله ( موعدكم يوم الزينة ) ولا بد من أن تجعله زمانا ، والسؤال واقع عن المكان لا عن الزمان ؟ قلت : هو مطابق معنى وإن لم يطابق لفظا ؛ لأنه لا بد لهم من أن يجتمعوا يوم الزينة في مكان بعينه مشتهرا باجتماعهم فيه في ذلك اليوم ، فبذكر الزمان علم المكان .
وأما قراءة الحسن فالموعد فيها مصدر لا غير ، والمعنى إنجاز وعدكم يوم الزينة وطابق هذا أيضا [ ص: 253 ] من طريق المعنى ، ويجوز أن يقدر مضاف محذوف ويكون المعنى اجعل ( بيننا وبينك ) وعدا ( لا نخلفه ) فإن قلت : فبم ينتصب ( مكانا ) ؟ قلت : بالمصدر أو بفعل يدل عليه المصدر ، فإن قلت : كيف يطابقه الجواب ؟ قلت : أما على قراءة الحسن فظاهر ، وأما على قراءة العامة فعلى تقدير وعدكم وعد يوم الزينة .
ويجوز على قراءة الحسن أن يكون ( موعدكم ) مبتدأ بمعنى الوقت و ( ضحى ) خبره على نية التعريف فيه ؛ لأنه قد وصف قبل العمل بقوله ( لا نخلفه ) وهو موصول ، والمصدر إذا وصف قبل العمل لم يجز أن يعمل عندهم . وقوله و ( ضحى ) خبره على نية التعريف فيه ؛ لأنه ضحى ذلك اليوم بعينه ، هو وإن كان ضحى ذلك اليوم بعينه ليس على نية التعريف بل هو نكرة ، وإن كان من يوم بعينه ؛ لأنه ليس معدولا عن الألف واللام كسحر ولا هو معرف بالإضافة . ولو قلت : جئت يوم الجمعة بكرا لم ندع أن بكرا معرفة ، وإن كنا نعلم أنه من يوم بعينه .
وقرأ أبو جعفر وشيبة لا ( نخلفه ) بجزم الفاء على أنه جواب الأمر . وقرأ الجمهور برفعها صفة لموعد . وقال الحوفي ( موعدا ) مفعول اجعل ( مكانا ) ظرف ، العامل فيه اجعل . وقال أبو علي ( موعدا ) مفعول أول لاجعل و ( مكانا ) مفعول ثان ، ومنع أن يكون ( مكانا ) معمولا لقوله ( موعدا ) ؛ لأنه قد وصف . قال ابن عطية : وهذه الأسماء العاملة عمل الفعل إذا نعتت أو عطف عليها أو أخبر عنها أو صغرت أو جمعت وتوغلت في الأسماء كمثل هذا لم تعمل ولا يعلق بها شيء هو منها ، وقد يتوسع في الظروف فيعلق بعد ما ذكرنا ، لقوله عز وجل : ( ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان ) فقوله إذ متعلق بقوله ( لمقت ) ، وهو قد أخبر عنه وإنما جاز هذا في الظروف خاصة ، ومنع قوم أن يكون ( مكانا ) نصبا على المفعول الثاني لنخلفه ، وجوزه جماعة من النحاة ووجهه أن يتسع في أن يخلف الموعد . انتهى . وقوله ( إذا نعتت ) هذا ليس مجمعا عليه في كل عامل عمل الفعل ، ألا ترى اسم الفاعل العاري عن أل إذا وصف قبل العمل في إعماله خلاف ؛ البصريون يمنعون ، والكوفيون يجوزون ، وكذلك أيضا إذا صغر في إعماله خلاف ، وأما إذا جمع فلا يعلم خلاف في جواز إعماله ، وأما المصدر إذا جمع ففي جواز إعماله خلاف ، وأما استثناؤه من المعمولات الظروف فغيره يذهب إلى منع ذلك مطلقا في المصدر ، وينصب إذ بفعل يقدر بما قبله ، أي : مقتكم إذ تدعون .
( ولا أنت ) معطوف على الضمير المستكن في ( نخلفه ) المؤكد بقوله ( نحن ) . وقرأ ابن عامر وحمزة وعاصم ويعقوب والحسن وقتادة وطلحة والأعمش وابن أبي ليلى وأبو حاتم ( وابن جرير سوى ) بضم السين منونا في الوصل . وقرأ باقي السبعة بكسرها منونا في الوصل . وقرأ الحسن أيضا ( سوى ) بضم السين من غير تنوين في الحالين أجرى الوصل مجرى الوقف لا أنه منعه الصرف ؛ لأن فعلا من الصفات متصرف كحطم ولبد . وقرأ عيسى سوى بكسر السين من غير تنوين في الحالين أجرى الوصل أيضا مجرى الوقف ، ومعنى ( سوى ) ، أي : عدلا ونصفة . قال أبو علي : كأنه قال قربه منكم قربه منا . وقال غيره : إنما أراد أن حالنا فيه مستوية فيعم ذلك القرآن ، وأن تكون المنازل فيه واحدة في تعاطي الحق لا تعترضكم فيه الرئاسة وإنما يقصد الحجة . وعن مجاهد وهو من الاستواء ؛ لأن المسافة من الوسط إلى الطرفين مستوية لا تفاوت فيها ، وهذا معنى ما تقدم من قول أبي علي قربه منكم قربه منا . وقال الأخفش ( سوى ) مقصور إن كسرت سينه أو ضممت ، وممدود إن فتحتها ثلاث لغات ويكون فيها جميعا بمعنى ( غير ) وبمعنى عدل ، ووسط بين الفريقين . وقال الشاعر :
وإن أبانا كان حل بأهله سوى بين قيس قيس غيلان والفزر
قال : وتقول مررت برجل سواك وسواك وسواك ، أي : غيرك ، ويكون للجميع وأعلى هذه اللغات [ ص: 254 ] الكسر قاله النحاس . وقالت فرقة : معنى ( مكانا سوى ) مستويا من الأرض ، أي : لا وعر فيه ، ولا جبل ، ولا أكمة ، ولا مطمئن من الأرض بحيث يسير ناظر أحد فلا يرى مكان موسى والسحرة وما يصدر عنهما ، قال ذلك واثقا من غلبة السحرة لموسى فإذا شاهدوا غلبهم إياه رجعوا عما كانوا اعتقدوا فيه . وقالت فرقة : معناه مكانا سوى مكاننا هذا وليس بشيء ؛ لأن سوى إذا كانت بمعنى ( غير ) لا تستعمل إلا مضافة لفظا ولا تقطع عن الإضافة .
وقرأ الحسن والأعمش وعاصم في رواية وأبو حيوة وابن أبي عبلة وقتادة والجحدري وهبيرة والزعفراني ( يوم الزينة ) بنصب الميم وتقدم تخريج هذه القراءة في كلام ، وروي أن ( الزمخشري يوم الزينة ) كان عيدا لهم ويوما مشهودا وصادف يوم عاشوراء ، وكان يوم سبت . وقيل : هو يوم كسر الخليج الباقي إلى اليوم . وقيل : يوم النيروز وكان رأس سنتهم . وقيل : يوم السبت فإنه يوم راحة ودعة . وقيل : يوم سوق لهم . وقيل : يوم عاشوراء .
وقرأ ابن مسعود والجحدري وأبو عمران الجوني وأبو نهيك وعمرو بن فايد وأن تحشر بتاء الخطاب ، أي : يا فرعون وروي عنهم بالياء على الغيبة ، و ( الناس ) نصب في كلتا القراءتين . قال صاحب اللوامح : وأن يحشر الحاشر الناس ضحى ، فحذف الفاعل للعلم به انتهى . وحذف الفاعل في مثل هذا لا يجوز عند البصريين . وقال غيره ( وأن يحشر ) القوم ، قال ويجوز أن يكون فيه ضمير فرعون ذكره بلفظ الغيبة ، إما على العادة التي تخاطب بها الملوك ، أو خاطب القوم لقوله ( موعدكم ) وجعل ( يحشر ) لفرعون ويجوز أن يكون ( وأن يحشر ) في موضع رفع عطفا على ( يوم الزينة ) وأن يكون في موضع جر عطفا على ( الزينة ) وانتصب ( ضحى ) على الظرف وهو ارتفاع النهار ، ويؤنث ويذكر والضحاء بفتح الضاد ممدود مذكر وهو عند ارتفاع النهار الأعلى ، وإنما واعدهم موسى ذلك اليوم ليكون علو كلمة الله وظهور دينه وكبت الكافر وزهوق الباطل على رءوس الأشهاد ، وفي المجمع الغاص ؛ لتقوى رغبة من رغب في اتباع الحق ، ويكل حد المبطلين وأشياعهم ويكثر المحدث بذلك الأمر العلم في كل بدو وحضر ، ويشيع في جميع أهل الوبر والمدر . والظاهر أن قوله ( قال موعدكم يوم الزينة ) من كلام موسى عليه السلام ؛ لأنه جواب لقول فرعون ( فاجعل بيننا وبينك موعدا ) ولأن تعيين اليوم إنما يليق بالمحق الذي يعرف اليد له لا المبطل الذي يعرف أنه ليس معه إلا التلبيس . ولقوله ( موعدكم ) وهو خطاب للجميع ، وأبعد من ذهب إلى أنه من كلام فرعون .