(
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71nindex.php?page=treesubj&link=29007أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=72وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=73ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=74واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=75لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=76فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=77أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=78وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=79قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=80الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=81أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=83فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون ) .
[ ص: 347 ] الإخبار وتنبيه الاستفهام
لقريش ، وإعراضها عن عبادة الله ، وعكوفها على عبادة الأصنام . ولما كانت الأشياء المصنوعة لا يباشرها البشر إلا باليد ، عبر لهم بما يقرب من أفهامهم بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71مما عملت أيدينا ) أي مما تولينا عمله ، ولا يمكن لغيرنا أن يعمله . فبقدرتنا وإرداتنا برزت هذه الأشياء ، لم يشركنا فيها أحد ، والباري تعالى منزه عن اليد التي هي الجارحة ، وعن كل ما اقتضى التشبيه بالمحدثات . وذكر الأنعام لها لأنها كانت جل أموالهم ، ونبه على ما يجعل لهم من منافعها . (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71لها مالكون ) أي ملكناها إياهم ، فهم متصرفون فيها تصرف الملاك ، مختصون بالانتفاع بها ، أو (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71مالكون ) ضابطون لها قاهرونها ، من قوله :
أصبحت لا أحمل السلاح ولا أملك رأس البعير إن نفرا
أي : لا أضبطه ، وهو من جملة النعم الظاهرة . فلولا تذليله تعالى إياها وتسخيره ، لم يقدر عليها . ألا ترى إلى ما ندمنها لا يكاد يقدر على رده ؟ لذلك أمر بتسبيح الله راكبها ، وشكره على هذه النعمة بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=13nindex.php?page=treesubj&link=29007سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ) . وقرأ الجمهور (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=72ركوبهم ) ، وهو فعول بمعنى مفعول ، كالحضور والحلوب والقذوع ، وهو مما لا ينقاس . وقرأ
أبي ،
وعائشة : ركوبتهم بالتاء ، وهي فعولة بمعنى مفعولة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وقيل الركوبة جمع . انتهى ، ويعني اسم جمع ; لأن فعولة بفتح الفاء ليس بجمع تكسير . وقد عد بعض أصحابنا أبنية أسماء الجموع ، فلم يذكر فيها فعولة ، فينبغي أن يعتقد فيها أنها اسم مفرد جمع تكسير ولا اسم جمع ، أي مركوبتهم كالحلوبة بمعنى المحلوبة . وقرأ
الحسن ،
وأبو البرهسم ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش : ركوبهم ، بضم الراء وبغير تاء ، وهو مصدر حذف مضافه ، أي ذو ركوبهم ، أو فحسن منافعها ركوبهم ، فيحذف ذو ، أو يحذف منافع . قال
ابن خالويه : العرب تقول : ناقة ركوب حلوب ، وركوبة حلوبة ، وركباة حلباة ، وركبوب حلبوب ، وركبي حلبي ، وركبوتا حلبوتا ، كل ذلك محكي ، وأنشد :
ركبانة حلبانة زفوف تخلط بين وبر وصوف
وأجمل المنافع هنا ، وفضلها في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80وجعل لكم من جلود الأنعام ) الآية . والمشارب : جمع مشرب ، وهو إما مصدر ، أي شرب ، أو موضع الشرب . ثم عنفهم واستجهلهم في اتخاذهم آلهة لطلب الاستنصار . (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=75لا يستطيعون ) أي الآلهة ، نصر متخذيهم ، وهذا هو الظاهر . لما اتخذوهم آلهة للاستنصار بهم ، رد تعالى عليهم بأنهم ليس لهم قدرة على نصرهم . وقال
ابن عطية : ويحتمل أن يكون الضمير في (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=75يستطيعون ) عائد للكفار ، وفي ( نصرهم ) للأصنام . انتهى . والظاهر أن الضمير في وهم عائد على ما هو الظاهر في (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=75لا يستطيعون ) ، أي والآلهة للكفار جند محضرون في الآخرة عند الحساب على جهة التوبيخ والنقمة . وسماهم جندا ، إذ هم معدون للنقمة من عابديهم وللتوبيخ ، أو محضرون لعذابهم لأنهم يجعلون وقودا للنار . قيل : ويجوز أن يكون الضمير في ( وهم ) عائدا على الكفار ، وفي ( لهم ) عائدا على الأصنام ، أي وهم الأصنام جند محضرون متعصبون لهم متحيرون ، يذبون عنهم ، يعني في الدنيا ، ومع ذلك لا يستطيعون ، أي الكفار التناصر . وهذا القول مركب على أن الضمير في لا يستطيعون للكفار . ثم آنس تعالى نبيه بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=76فلا يحزنك قولهم ) أي لا يهمك تكذيبهم وأذاهم وجفاؤهم ، وتوعد الكفار بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=76إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون ) ، فنجازيهم على ذلك .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=77أولم ير الإنسان ) قبح تعالى إنكار الكفرة البعث ، حيث قرر أن عنصره الذي خلق منه هو نطفة ماء مهين خارج من مخرج النجاسة . أفضى به مهانة أصله إلى أن يخاصم الباري تعالى ويقول : من يحيي الميت بعدما رم ؟ مع علمه أنه منشأ من موات . وقائل ذلك
[ ص: 348 ] العاصي بن وائل ، أو
أمية بن خلف ، أو
أبي بن خلف ، أقوال أصحها أنه
أبي بن خلف ، رواه
ابن وهب عن
مالك ، وقاله
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق وغيره . والقول أنه أمية ، قاله
مجاهد وقتادة ; ويحتمل أن كلا منهم واقع ذلك منه .
وقد كان
لأبي مع الرسول مراجعات ومقامات ، جاء بالعظم الرميم
بمكة ، ففتته في وجهه الكريم وقال : من يحيى هذا يا
محمد ؟ فقال : " الله يحييه ويميتك ويحييك ويدخلك جهنم " ، ثم نزلت الآية .
وأبي هذا قتله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده يوم أحد بالحربة ، فخرجت من عنقه . ووهم من نسب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن الجائي بالعظم هو
عبد الله بن أبي بن سلول ; لأن السورة والآية مكية بإجماع ، ولأن
عبد الله بن أبي لم يهاجر قط هذه المهاجرة . وبين قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=77فإذا هو خصيم مبين ) وبين (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=77خلقناه من نطفة ) ، جمل محذوفة تبين أكثرها في قوله في سورة المؤمنون (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=13ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ) ، وإنما أعتقب قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=77فإذا هو خصيم مبين ) الوصف الذي آل إليه من التمييز والإدراك الذي يتأتى معه الخصام ، أي فإذا هو بعدما كان نطفة ، رجل مميز منطيق قادر على الخصام ، مبين معرب عما في نفسه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=78nindex.php?page=treesubj&link=29007وضرب لنا مثلا ونسي خلقه ) أي نشأته من النطفة ، فذهل عنها وترك ذكرها على طريق اللدد والمكابرة والاستبعاد لما لا يستبعد . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي : ونسي خالقه ، اسم فاعل ; والجمهور : خلقه ، أي نشأته . وسمى قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=78من يحيي العظام وهي رميم ) لما دل عليه من قصة عجيبة شبيهة بالمثل ، وهي إنكار قدرة الله على إحياء الموتى ، كما هم عاجزون عن ذلك . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : والرميم اسم لما بلى من العظام غير صفة ، كالرمة والرفاة ، فلا يقال : لم لم يؤنث ؟ وقد وقع خبرا لمؤنث ، ولا هو فعيل أو مفعول . انتهى . واستدل بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=79قل يحييها ) على أن الحياة نحلها ، وهذا الاستدلال ظاهر . ومن قال : إن الحياة لا تحلها ، قال : المراد بإحياء العظام : ردها إلى ما كانت عليه غضة رطبة في بدن حسن حساس . (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=79وهو بكل خلق عليم ) يعلم كيفيات ما يخلق ، لا يتعاظمه شيء من المنشآت والمعدات جنسا ونوعا ، دقة وجلالة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=80nindex.php?page=treesubj&link=29007الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا ) ذكر ما هو أغرب من خلق الإنسان من النطفة ، وهو إبراز الشيء من ضده ، وذلك أبدع شيء ، وهو اقتداح النار من الشيء الأخضر . ألا ترى أن الماء يطفئ النار ؟ ومع ذلك خرجت مما هو مشتمل على الماء . والأعراب توري النار من الشجر الأخضر ، وأكثرها من المرخ والعفار . وفي أمثالهم : في كل شيء نار ، واستمجد المرخ والعفار . يقطع الرجل منهما غصنين مثل السواكين ، وهما أخضران يقطر منهما الماء ، فيستحق المرخ وهو ذكر ، والعفار وهي أنثى ، ينقدح النار بإذن الله عز وجل . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : ليس شجر إلا وفيه نار إلا العنا . وقرأ الجمهور : ( الأخضر ) ; وقرئ : ( الخضراء ) ; وأهل الحجاز يؤنثون الجنس المميز واحده بالتاء ; وأهل نجد يذكرون ألفاظا ، واستثنيت في كتب النحو .
ثم ذكر ما هو أبدع وأغرب من خلق الإنسان من نطفة ، ومن إعادة الموتى ، وهو إنشاء هذه المخلوقات العظيمة الغريبة من صرف العدم إلى الوجود ، فقال (
nindex.php?page=treesubj&link=29007nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=80أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم ) ؟ وقرأ الجمهور : بقادر ، بباء الجر داخلة على اسم الفاعل . وقرأ
الجحدري ،
وابن أبي إسحاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج ،
وسلام ،
ويعقوب : يقدر ، فعلا مضارعا ، أي من قدر على خلق السماوات والأرض من عظم شأنهما ، كان على خلق الأناس قادرا ، والضمير في ( مثلهم ) عائد على الناس ، قاله
الرماني . وقال جماعة من المفسرين : عائد على السماوات والأرض ، وعاد الضمير عليهما كضمير من يعقل ، من حيث كانت متضمنة من يعقل من الملائكة والثقلين . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ( مثلهم ) يحتمل معنيين : أن يخلق مثلهم في الصغر والقماءة بالإضافة إلى السماوات والأرض ، أو أن يعيدهم ; لأن المصادر مثل للمبتدأ وليس به . انتهى . ويقول : إن المعاد هو عين المبتدأ ، ولو كان مثله لم يسم ذلك إعادة ، بل يكون إنشاء مستأنفا . وقرأ الجمهور ( الخلاق ) بصيغة المبالغة
[ ص: 349 ] لكثرة مخلوقاته . وقرأ
الحسن ،
والجحدري ، ومالك بن دينار ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي : الخالق ، اسم فاعل .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82nindex.php?page=treesubj&link=29007إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) تقدم شرح مثل هذه الجملة ، والخلاف في فيكون من حيث القراءة نصبا ورفعا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=83nindex.php?page=treesubj&link=29007فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء ) تنزيه عام له تعالى من جميع النقائص . وقرأ الجمهور : ( ملكوت ) ;
وطلحة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش : ( ملكة ) على وزن ( شجرة ) ، ومعناه : ضبط كل شيء والقدرة عليه . وقرئ : ( مملكة ) ، على وزن ( مفعلة ) وقرئ : ( ملك ) ، والمعنى أنه متصرف فيه على ما أراد وقضى . والجمهور ( ترجعون ) ، مبنيا للمفعول ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي : مبنيا للفاعل .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71nindex.php?page=treesubj&link=29007أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=72وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=73وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=74وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=75لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=76فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=77أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=78وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=79قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=80الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=81أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=83فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) .
[ ص: 347 ] الْإِخْبَارُ وَتَنْبِيهُ الِاسْتِفْهَامِ
لِقُرَيْشٍ ، وَإِعْرَاضِهَا عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ ، وَعُكُوفِهَا عَلَى عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ . وَلَمَّا كَانَتِ الْأَشْيَاءُ الْمَصْنُوعَةُ لَا يُبَاشِرُهَا الْبَشَرُ إِلَّا بِالْيَدِ ، عَبَّرَ لَهُمْ بِمَا يَقْرُبُ مِنْ أَفْهَامِهِمْ بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا ) أَيْ مِمَّا تُوَلَّيْنَا عَمَلَهُ ، وَلَا يُمْكِنُ لِغَيْرِنَا أَنْ يَعْمَلَهُ . فَبِقُدْرَتِنَا وَإِرَدَاتِنَا بَرَزَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ ، لَمْ يُشْرِكْنَا فِيهَا أَحَدٌ ، وَالْبَارِي تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنِ الْيَدِ الَّتِي هِيَ الْجَارِحَةُ ، وَعَنْ كُلِّ مَا اقْتَضَى التَّشْبِيهَ بِالْمُحْدَثَاتِ . وَذَكَرَ الْأَنْعَامَ لَهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ جُلَّ أَمْوَالِهِمْ ، وَنَبَّهَ عَلَى مَا يَجْعَلُ لَهُمْ مِنْ مَنَافِعِهَا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71لَهَا مَالِكُونَ ) أَيْ مَلَكْنَاهَا إِيَّاهُمْ ، فَهُمْ مُتَصَرِّفُونَ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ ، مُخْتَصُّونَ بِالِانْتِفَاعِ بِهَا ، أَوْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71مَالِكُونَ ) ضَابِطُونَ لَهَا قَاهِرُونَهَا ، مِنْ قَوْلِهِ :
أَصْبَحْتُ لَا أَحْمِلُ السِّلَاحَ وَلَا أَمْلِكُ رَأْسَ الْبَعِيرِ إِنْ نَفَرَا
أَيْ : لَا أَضْبُطُهُ ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ النِّعَمِ الظَّاهِرَةِ . فَلَوْلَا تَذْلِيلُهُ تَعَالَى إِيَّاهَا وَتَسْخِيرُهُ ، لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا . أَلَا تَرَى إِلَى مَا نُدْمِنُهَا لَا يَكَادُ يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ ؟ لِذَلِكَ أُمِرَ بِتَسْبِيحِ اللَّهِ رَاكِبُهَا ، وَشُكْرِهِ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=13nindex.php?page=treesubj&link=29007سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ) . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=72رَكُوبُهُمْ ) ، وَهُوَ فَعُولٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ ، كَالْحَضُورِ وَالْحَلُوبِ وَالْقَذُوعِ ، وَهُوَ مِمَّا لَا يَنْقَاسُ . وَقَرَأَ
أُبَيٌّ ،
وَعَائِشَةُ : رَكُوبَتُهُمْ بِالتَّاءِ ، وَهِيَ فَعُولَةٌ بِمَعْنَى مُفَعْوِلَةٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَقِيلَ الرَّكُوبَةُ جَمْعٌ . انْتَهَى ، وَيَعْنِي اسْمَ جَمْعٍ ; لِأَنَّ فَعُولَةً بِفَتْحِ الْفَاءِ لَيْسَ بِجَمْعِ تَكْسِيرٍ . وَقَدْ عَدَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَبْنِيَةَ أَسْمَاءِ الْجُمُوعِ ، فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا فَعُولَةً ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَقَدَ فِيهَا أَنَّهَا اسْمُ مُفْرَدٍ جَمْعُ تَكْسِيرٍ وَلَا اسْمُ جَمْعٍ ، أَيْ مَرْكُوبَتُهُمْ كَالْحَلُوبَةِ بِمَعْنَى الْمَحْلُوبَةِ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ ،
وَأَبُو الْبَرَهْسَمِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ : رُكُوبُهُمْ ، بِضَمِّ الرَّاءِ وَبِغَيْرِ تَاءٍ ، وَهُوَ مَصْدَرٌ حُذِفَ مُضَافُهُ ، أَيْ ذُو رُكُوبِهِمْ ، أَوْ فَحُسْنُ مَنَافِعِهَا رُكُوبُهُمْ ، فَيُحْذَفُ ذُو ، أَوْ يُحْذَفُ مَنَافِعُ . قَالَ
ابْنُ خَالَوَيْهِ : الْعَرَبُ تَقُولُ : نَاقَةٌ رَكُوبٌ حَلُوبٌ ، وَرَكُوبَةٌ حَلُوبَةٌ ، وَرَكْبَاةٌ حَلْبَاةٌ ، وَرَكْبُوبٌ حَلْبُوبٌ ، وَرَكْبِيٌّ حَلْبِيٌّ ، وَرَكْبُوتًا حَلْبُوتًا ، كُلُّ ذَلِكَ مَحْكِيٌّ ، وَأَنْشَدَ :
رَكْبَانَةٌ حَلْبَانَةٌ زُفُوفٌ تَخْلِطُ بَيْنَ وَبَرٍ وَصُوفِ
وَأَجْمَلُ الْمَنَافِعِ هُنَا ، وَفَضْلُهَا فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ ) الْآيَةَ . وَالْمَشَارِبُ : جَمْعُ مَشْرَبٍ ، وَهُوَ إِمَّا مَصْدَرٌ ، أَيْ شُرْبٌ ، أَوْ مَوْضِعُ الشُّرْبِ . ثُمَّ عَنَّفَهُمْ وَاسْتَجْهَلَهُمْ فِي اتِّخَاذِهِمْ آلِهَةً لِطَلَبِ الِاسْتِنْصَارِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=75لَا يَسْتَطِيعُونَ ) أَيِ الْآلِهَةُ ، نَصْرَ مُتَّخِذِيهِمْ ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ . لَمَّا اتَّخَذُوهُمْ آلِهَةً لِلِاسْتِنْصَارِ بِهِمْ ، رَدَّ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ قُدْرَةٌ عَلَى نَصْرِهِمْ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=75يَسْتَطِيعُونَ ) عَائِدٌ لِلْكُفَّارِ ، وَفِي ( نَصْرَهُمْ ) لِلْأَصْنَامِ . انْتَهَى . وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي وَهُمْ عَائِدٌ عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=75لَا يَسْتَطِيعُونَ ) ، أَيْ وَالْآلِهَةُ لِلْكُفَّارِ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ فِي الْآخِرَةِ عِنْدَ الْحِسَابِ عَلَى جِهَةِ التَّوْبِيخِ وَالنِّقْمَةِ . وَسَمَّاهُمْ جُنْدًا ، إِذْ هُمْ مُعَدُّونَ لِلنِّقْمَةِ مِنْ عَابِدِيهِمْ وَلِلتَّوْبِيخِ ، أَوْ مُحْضَرُونَ لِعَذَابِهِمْ لِأَنَّهُمْ يُجْعَلُونَ وَقُودًا لِلنَّارِ . قِيلَ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي ( وَهُمْ ) عَائِدًا عَلَى الْكُفَّارِ ، وَفِي ( لَهُمْ ) عَائِدًا عَلَى الْأَصْنَامِ ، أَيْ وَهُمُ الْأَصْنَامُ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ مُتَعَصِّبُونَ لَهُمْ مُتَحَيِّرُونَ ، يَذُبُّونَ عَنْهُمْ ، يَعْنِي فِي الدُّنْيَا ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَسْتَطِيعُونَ ، أَيِ الْكُفَّارُ التَّنَاصُرَ . وَهَذَا الْقَوْلُ مُرَكَّبٌ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي لَا يَسْتَطِيعُونَ لِلْكُفَّارِ . ثُمَّ آنَسَ تَعَالَى نَبِيَّهُ بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=76فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ ) أَيْ لَا يَهُمُّكَ تَكْذِيبُهُمْ وَأَذَاهُمْ وَجَفَاؤُهُمْ ، وَتَوَعَّدَ الْكُفَّارَ بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=76إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ) ، فَنُجَازِيهِمْ عَلَى ذَلِكَ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=77أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ ) قَبَّحَ تَعَالَى إِنْكَارَ الْكَفَرَةِ الْبَعْثَ ، حَيْثُ قَرَّرَ أَنَّ عُنْصُرَهُ الَّذِي خُلِقَ مِنْهُ هُوَ نُطْفَةُ مَاءٍ مَهِينٍ خَارِجٍ مِنْ مَخْرَجِ النَّجَاسَةِ . أَفْضَى بِهِ مَهَانَةُ أَصْلِهِ إِلَى أَنْ يُخَاصِمَ الْبَارِي تَعَالَى وَيَقُولَ : مَنْ يُحْيِي الْمَيِّتَ بَعْدَمَا رُمَّ ؟ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ مُنْشَأٌ مِنْ مَوَاتٍ . وَقَائِلٌ ذَلِكَ
[ ص: 348 ] الْعَاصِي بْنُ وَائِلٍ ، أَوْ
أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ ، أَوْ
أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ ، أَقْوَالٌ أَصَحُّهَا أَنَّهُ
أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ ، رَوَاهُ
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ
مَالِكٍ ، وَقَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ . وَالْقَوْلُ أَنَّهُ أُمَيَّةُ ، قَالَهُ
مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ ; وَيُحْتَمَلُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ وَاقِعٌ ذَلِكَ مِنْهُ .
وَقَدْ كَانَ
لِأُبَيٍّ مَعَ الرَّسُولِ مُرَاجَعَاتٌ وَمَقَامَاتٌ ، جَاءَ بِالْعَظْمِ الرَّمِيمِ
بِمَكَّةَ ، فَفَتَّتَهُ فِي وَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَقَالَ : مَنْ يُحْيِى هَذَا يَا
مُحَمَّدُ ؟ فَقَالَ : " اللَّهُ يُحْيِيهِ وَيُمِيتُكَ وَيُحْيِيكَ وَيُدْخِلُكَ جَهَنَّمَ " ، ثُمَّ نَزَلَتِ الْآيَةُ .
وَأُبَيٌّ هَذَا قَتَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ يَوْمَ أُحُدٍ بِالْحَرْبَةِ ، فَخَرَجَتْ مِنْ عُنُقِهِ . وَوَهَمَ مَنْ نَسَبَ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْجَائِيَ بِالْعَظْمِ هُوَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ بْنُ سَلُولَ ; لِأَنَّ السُّورَةَ وَالْآيَةَ مَكِّيَّةٌ بِإِجْمَاعٍ ، وَلِأَنَّ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ لَمْ يُهَاجِرْ قَطُّ هَذِهِ الْمُهَاجَرَةَ . وَبَيْنَ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=77فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ ) وَبَيْنَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=77خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ ) ، جُمَلٌ مَحْذُوفَةٌ تَبَيَّنَ أَكْثَرُهَا فِي قَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْمُؤْمِنُونَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=13ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ) ، وَإِنَّمَا أَعْتَقَبَ قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=77فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ ) الْوَصْفَ الَّذِي آلَ إِلَيْهِ مِنَ التَّمْيِيزِ وَالْإِدْرَاكِ الَّذِي يَتَأَتَّى مَعَهُ الْخِصَامُ ، أَيْ فَإِذَا هُوَ بَعْدَمَا كَانَ نُطْفَةً ، رَجُلٌ مُمَيِّزٌ مِنْطِيقٌ قَادِرٌ عَلَى الْخِصَامِ ، مُبِينٌ مُعْرِبٌ عَمَّا فِي نَفْسِهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=78nindex.php?page=treesubj&link=29007وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ ) أَيْ نَشْأَتَهُ مِنَ النُّطْفَةِ ، فَذَهَلَ عَنْهَا وَتَرَكَ ذِكْرَهَا عَلَى طَرِيقِ اللَّدَدِ وَالْمُكَابَرَةِ وَالِاسْتِبْعَادِ لِمَا لَا يُسْتَبْعَدُ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ : وَنَسِيَ خَالِقَهُ ، اسْمُ فَاعِلٍ ; وَالْجُمْهُورُ : خَلْقَهُ ، أَيْ نَشْأَتَهُ . وَسَمَّى قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=78مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ) لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ مِنْ قِصَّةٍ عَجِيبَةٍ شَبِيهَةٍ بِالْمَثَلِ ، وَهِيَ إِنْكَارُ قُدْرَةِ اللَّهِ عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى ، كَمَا هُمْ عَاجِزُونَ عَنْ ذَلِكَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَالرَّمِيمُ اسْمٌ لِمَا بَلَى مِنَ الْعِظَامِ غَيْرُ صِفَةٍ ، كَالرِّمَّةِ وَالرُّفَاةِ ، فَلَا يُقَالُ : لِمَ لَمْ يُؤَنَّثْ ؟ وَقَدْ وَقَعَ خَبَرًا لِمُؤَنَّثٍ ، وَلَا هُوَ فَعِيلٌ أَوْ مَفْعُولٌ . انْتَهَى . وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=79قُلْ يُحْيِيهَا ) عَلَى أَنَّ الْحَيَاةَ نُحِلُّهَا ، وَهَذَا الِاسْتِدْلَالُ ظَاهِرٌ . وَمَنْ قَالَ : إِنَّ الْحَيَاةَ لَا تَحُلُّهَا ، قَالَ : الْمُرَادُ بِإِحْيَاءِ الْعِظَامِ : رَدُّهَا إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ غَضَّةً رَطْبَةً فِي بَدَنٍ حَسَنٍ حَسَّاسٍ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=79وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ) يَعْلَمُ كَيْفِيَّاتِ مَا يَخْلُقُ ، لَا يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ مِنَ الْمُنْشَآتِ وَالْمُعِدَّاتِ جِنْسًا وَنَوْعًا ، دِقَّةً وَجَلَالَةً .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=80nindex.php?page=treesubj&link=29007الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا ) ذَكَرَ مَا هُوَ أَغْرَبُ مِنْ خَلْقِ الْإِنْسَانِ مِنَ النُّطْفَةِ ، وَهُوَ إِبْرَازُ الشَّيْءِ مِنْ ضِدِّهِ ، وَذَلِكَ أَبْدَعُ شَيْءٍ ، وَهُوَ اقْتِدَاحُ النَّارِ مِنَ الشَّيْءِ الْأَخْضَرِ . أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَاءَ يُطْفِئُ النَّارَ ؟ وَمَعَ ذَلِكَ خَرَجَتْ مِمَّا هُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْمَاءِ . وَالْأَعْرَابُ تُوَرِي النَّارَ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ، وَأَكْثَرِهَا مِنَ الْمَرْخِ وَالْعِفَارِ . وَفِي أَمْثَالِهِمْ : فِي كُلِّ شَيْءٍ نَارٌ ، وَاسْتَمْجَدَ الْمَرْخُ وَالْعِفَارُ . يَقْطَعُ الرَّجُلُ مِنْهُمَا غُصْنَيْنِ مِثْلَ السِّوَاكَيْنِ ، وَهُمَا أَخْضَرَانِ يُقَطَّرُ مِنْهُمَا الْمَاءُ ، فَيَسْتَحِقُّ الْمَرْخَ وَهُوَ ذَكَرٌ ، وَالْعِفَارَ وَهِيَ أُنْثَى ، يَنْقَدِحُ النَّارُ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : لَيْسَ شَجَرٌ إِلَّا وَفِيهِ نَارٌ إِلَّا الْعَنَا . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( الْأَخْضَرِ ) ; وَقُرِئَ : ( الْخَضْرَاءِ ) ; وَأَهْلُ الْحِجَازِ يُؤَنِّثُونَ الْجِنْسَ الْمُمَيَّزَ وَاحِدُهُ بِالتَّاءِ ; وَأَهْلُ نَجْدٍ يَذْكُرُونَ أَلْفَاظًا ، وَاسْتُثْنِيَتْ فِي كُتُبِ النَّحْوِ .
ثُمَّ ذَكَرَ مَا هُوَ أَبْدَعُ وَأَغْرَبُ مِنْ خَلْقِ الْإِنْسَانِ مِنْ نُطْفَةٍ ، وَمِنْ إِعَادَةِ الْمَوْتَى ، وَهُوَ إِنْشَاءُ هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ الْعَظِيمَةِ الْغَرِيبَةِ مِنْ صَرْفِ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ ، فَقَالَ (
nindex.php?page=treesubj&link=29007nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=80أَوَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ ) ؟ وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : بِقَادِرٍ ، بِبَاءِ الْجَرِّ دَاخِلَةً عَلَى اسْمِ الْفَاعِلِ . وَقَرَأَ
الْجَحْدَرِيُّ ،
وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجُ ،
وَسَلَّامٌ ،
وَيَعْقُوبُ : يَقْدِرُ ، فِعْلًا مُضَارِعًا ، أَيْ مَنْ قَدَرَ عَلَى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْ عِظَمِ شَأْنِهِمَا ، كَانَ عَلَى خَلْقِ الْأُنَاسِ قَادِرًا ، وَالضَّمِيرُ فِي ( مِثْلَهُمْ ) عَائِدٌ عَلَى النَّاسِ ، قَالَهُ
الرُّمَّانِيُّ . وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ : عَائِدٌ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَعَادَ الضَّمِيرُ عَلَيْهِمَا كَضَمِيرِ مَنْ يَعْقِلُ ، مِنْ حَيْثُ كَانَتْ مُتَضَمِّنَةً مَنْ يَعْقِلُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالثَّقَلَيْنِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ( مِثْلَهُمْ ) يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ : أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ فِي الصِّغَرِ وَالْقَمَاءَةِ بِالْإِضَافَةِ إِلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، أَوْ أَنْ يُعِيدَهُمْ ; لِأَنَّ الْمَصَادِرَ مِثْلٌ لِلْمُبْتَدَأِ وَلَيْسَ بِهِ . انْتَهَى . وَيَقُولُ : إِنَّ الْمَعَادَ هُوَ عَيْنُ الْمُبْتَدَأِ ، وَلَوْ كَانَ مِثْلَهُ لَمْ يُسَمَّ ذَلِكَ إِعَادَةٌ ، بَلْ يَكُونُ إِنْشَاءً مُسْتَأْنَفًا . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ ( الْخَلَّاقُ ) بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ
[ ص: 349 ] لِكَثْرَةِ مَخْلُوقَاتِهِ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ ،
وَالْجَحْدَرِيُّ ، وَمَالِكُ بْنُ دِينَارٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ : الْخَالِقُ ، اسْمُ فَاعِلٍ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82nindex.php?page=treesubj&link=29007إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) تَقَدَّمَ شَرْحُ مِثْلِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ ، وَالْخِلَافُ فِي فَيَكُونُ مِنْ حَيْثُ الْقِرَاءَةِ نَصْبًا وَرَفْعًا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=83nindex.php?page=treesubj&link=29007فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ) تَنْزِيهٌ عَامٌّ لَهُ تَعَالَى مِنْ جَمِيعِ النَّقَائِصِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( مَلَكُوتُ ) ;
وَطَلْحَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ : ( مَلَكَةُ ) عَلَى وَزْنِ ( شَجَرَةٍ ) ، وَمَعْنَاهُ : ضَبْطُ كُلِّ شَيْءٍ وَالْقُدْرَةُ عَلَيْهِ . وَقُرِئَ : ( مَمْلَكَةُ ) ، عَلَى وَزْنِ ( مَفْعَلَةٍ ) وَقُرِئَ : ( مَلِكُ ) ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ فِيهِ عَلَى مَا أَرَادَ وَقَضَى . وَالْجُمْهُورُ ( تُرْجَعُونَ ) ، مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ : مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ .