(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=32nindex.php?page=treesubj&link=28973قالوا سبحانك لا علم لنا ) : أي تنزيهك عن الادعاء وعن الاعتراض . وقيل : معناه تنزيه لك بعد تنزيه ، لفظه لفظ تثنية ، والمعنى كذلك كما قالوا في لبيك ، ومعناه : تلبية بعد تلبية . وهذا قول غريب يلزم عنه أن مفرده يكون سبحا ، وأنه لا يكون منصوبا بل مرفوعا ، وأنه لم تسقط النون للإضافة ، وأنه التزم فتحها . والكاف في سبحانك مفعول به أضيف إليه . وأجاز بعضهم أن يكون فاعلا ; لأن المعنى تنزهت . وقد ذكرنا حين تكلمنا على المفردات ، أنه منصوب على معنى المصدر بفعل من معناه واجب الحذف
وزعم
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي أنه منادى مضاف ، ويبطله أنه لا يحفظ دخول حرف النداء عليه ، ولو كان منادى لجاز دخول حرف النداء عليه ، ونقل لنا ، ولما سأل تعالى الملائكة ، ولم يكن عندهم علم بالجواب ، وكانوا قد سبق منهم قولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30أتجعل فيها من يفسد فيها ) الآية ، أرادوا أن يجيبوا بعدم العلم إلا ما علمهم ، فقدموا بين يدي الجواب تنزيه الله اعتذارا وأدبا منهم في الجواب ، وإشعارا بأن ما صدر منهم قبل يمحوه هذا التنزيه لله تعالى ، فقالوا : سبحانك ، ثم أجابوا بنفي العلم بلفظ لا التي بنيت معها النكرة ، فاستغرق كل فرد من أنواع العلوم ، ثم استثنوا من ذلك ما علمهم هو تعالى ، فقالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=32إلا ما علمتنا ) ، وهذا غاية في ترك الدعوى والاستسلام التام للمعلم الأول الله تعالى .
قال
أبو عثمان المغربي : ما بلاء الخلق إلا لدعاوى ، ألا ترى أن الملائكة لما قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30ونحن نسبح بحمدك ) ، كيف ردوا إلى الجهل حتى قالوا : لا علم لنا ؟ وروي معنى هذا الكلام عن
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر الصادق ، وخبر لا علم في الجار والمجرور ، وتقدم لنا الكلام في ( لا ريب فيه ) ، ولا علم مثله ، فأغنى عن إعادته ، وما موصولة يحتمل أن تكون في موضع نصب على الاستثناء ، والأولى أن تكون في موضع رفع على البدل . وحكى
ابن عطية عن
الزهراوي : أن موضع ما من قولهم : ما علمتنا ، نصب بعلمتنا ، وهذا غير معقول ، ألا ترى أن ما موصولة ، وأن الصلة : علمتنا ، وأن الصلة لا تعمل
[ ص: 148 ] في الموصول ولكن يتكلف به وجه وهو أن يكون استثناء منقطعا فيكون معنى إلا : لكن ، على التقدير الذي استقر في الاستثناء المنقطع ، وتكون ما شرطية منصوبة بعلمتنا ، ويكون الجواب محذوفا كأنهم نفوا أولا سائر العلوم ثم استدركوا أنه في المستقبل أي شيء علمهم علموه ، ويكون هذا أبلغ في ترك الدعوى ، إذ محوا أنفسهم من سائر العلوم ونفوا جميعها ، فلم يستثنوا لهم شيئا سابقا ماضيا تحلو به ، بل صاروا إلى الجهل الصرف والتبري من كل علم . وهذا الوجه ينافي ما روي أنه كان أعلمهم تعالى ، أو علموا باطلاع من اللوح بأنه سيكون في الأرض من يفسد ويسفك ، فإذا صح هذا كانوا قد بالغوا في نفي كل علم عنهم ، وجعلوا هذا العلم الخاص كالمعدوم ، ومن اعتقد أن الملائكة غير معصومين جعل قولهم ، لا علم لنا توبة ، ومن اعتقد بعصمتهم قال : قالوا ذلك على وجه الاعتراف بالعجز والتسليم بأنهم لا يعلمون إلا ما علموا ، أو قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30أتجعل فيها ) الآية ; لأنه أعلمهم بذلك ، وأما الأسماء فكيف يعلمونها وما أعلمهم ذلك ؟ ولما نفوا العلم عن أنفسهم أثبتوه لله تعالى على أكمل أوصافه من المبالغة فيه ، ثم أردفوا الوصف بالعلم الوصف بالحكمة ; لأنه سبق قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30إني جاعل في الأرض خليفة ) فلما صدر من هذا المجعول خليفة ، ما صدر من فضيلة العلم تبين لهم وجه الحكمة في قوله : وجعله خليفة .
فانظر إلى حسن هذا الجواب كيف قدموا بين يديه تنزيه الله ، ثم اعترفوا بالجهل ، ثم نسبوا إلى الله العلم والحكمة ، وناسب تقديم الوصف بالعلم على الوصف بالحكمة ; لأنه المتصل به في قوله : ( وعلم ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=31أنبئوني ) ، ( لا علم لنا ) . فالذي ظهرت به المزية
لآدم والفضيلة هو ، فناسب ذكره متصلا به ، ولأن الحكمة إنما هي آثار وناشئة عنه ، ولذلك أكثر ما جاء في القرآن تقديم الوصف بالعلم على الوصف بالحكمة . ولأن يكون آخر مقالهم مخالفا لأوله حتى يبين رجوعهم عن قولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30أتجعل فيها ) ، وعلى القول بأن الحكيم هو ذو الحكمة ، يكون الحكيم صفة ذات ، وعلى القول بأنه المحكم لصنعته يكون صفة فعل . وأنت : يحتمل أن يكون توكيدا للضمير ، فيكون في موضع نصب ، أو مبتدأ فيكون في موضع رفع ، والعليم خبره ، أو فضلا فلا يكون له موضع من الإعراب ، على رأي البصريين ، ويكون له موضع من الإعراب على رأي الكوفيين . فعند
الفراء موضعه على حسب الاسم قبله ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي على حسب الاسم بعده ، والأحسن أن يحمل ( العليم الحكيم ) على العموم ، وقد خصه بعضهم فقال : العليم بما أمرت ونهيت ، الحكيم فيما قدرت وقضيت . وقال آخر : العليم بالسر والعلانية ، والحكيم فيما يفعله وهو قريب من الأول .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=32nindex.php?page=treesubj&link=28973قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا ) : أَيْ تَنْزِيهُكَ عَنِ الِادِّعَاءِ وَعَنِ الِاعْتِرَاضِ . وَقِيلَ : مَعْنَاهُ تَنْزِيهٌ لَكَ بَعْدَ تَنْزِيهٍ ، لَفْظُهُ لَفْظُ تَثْنِيَةً ، وَالْمَعْنَى كَذَلِكَ كَمَا قَالُوا فِي لَبَّيْكَ ، وَمَعْنَاهُ : تَلْبِيَةً بَعْدَ تَلْبِيَةٍ . وَهَذَا قَوْلٌ غَرِيبٌ يَلْزَمُ عَنْهُ أَنَّ مُفْرَدَهُ يَكُونُ سُبْحَا ، وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ مَنْصُوبًا بَلْ مَرْفُوعًا ، وَأَنَّهُ لَمْ تَسْقُطِ النُّونُ لِلْإِضَافَةِ ، وَأَنَّهُ الْتَزَمَ فَتْحَهَا . وَالْكَافُ فِي سُبْحَانَكَ مَفْعُولٌ بِهِ أُضِيفَ إِلَيْهِ . وَأَجَازَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا ; لِأَنَّ الْمَعْنَى تَنَزَّهْتَ . وَقَدْ ذَكَرْنَا حِينَ تَكَلَّمْنَا عَلَى الْمُفْرَدَاتِ ، أَنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى مَعْنَى الْمَصْدَرِ بِفِعْلٍ مِنْ مَعْنَاهُ وَاجِبُ الْحَذْفِ
وَزَعَمَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ أَنَّهُ مُنَادًى مُضَافٌ ، وَيُبْطِلُهُ أَنَّهُ لَا يَحْفَظُ دُخُولَ حَرْفِ النِّدَاءِ عَلَيْهِ ، وَلَوْ كَانَ مُنَادَى لِجَازَ دُخُولُ حَرْفِ النِّدَاءِ عَلَيْهِ ، وَنُقِلَ لَنَا ، وَلَمَّا سَأَلَ تَعَالَى الْمَلَائِكَةَ ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ عِلْمٌ بِالْجَوَابِ ، وَكَانُوا قَدْ سَبَقَ مِنْهُمْ قَوْلُهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا ) الْآيَةَ ، أَرَادُوا أَنْ يُجِيبُوا بِعَدَمِ الْعِلْمِ إِلَّا مَا عَلَّمَهُمْ ، فَقَدَّمُوا بَيْنَ يَدَيِ الْجَوَابِ تَنْزِيهَ اللَّهِ اعْتِذَارًا وَأَدَبًا مِنْهُمْ فِي الْجَوَابِ ، وَإِشْعَارًا بِأَنَّ مَا صَدَرَ مِنْهُمْ قَبْلُ يَمْحُوهُ هَذَا التَّنْزِيهُ لِلَّهِ تَعَالَى ، فَقَالُوا : سُبْحَانَكَ ، ثُمَّ أَجَابُوا بِنَفْيِ الْعِلْمِ بِلَفْظٍ لَا الَّتِي بُنِيَتْ مَعَهَا النَّكِرَةُ ، فَاسْتَغْرَقَ كُلُّ فَرْدٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْعُلُومِ ، ثُمَّ اسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ مَا عَلَّمَهُمْ هُوَ تَعَالَى ، فَقَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=32إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ) ، وَهَذَا غَايَةٌ فِي تَرْكِ الدَّعْوَى وَالِاسْتِسْلَامِ التَّامِّ لِلْمُعَلِّمِ الْأَوَّلِ اللَّهِ تَعَالَى .
قَالَ
أَبُو عُثْمَانُ الْمَغْرِبِيُّ : مَا بَلَاءُ الْخَلْقِ إِلَّا لِدَعَاوَى ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمَّا قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ) ، كَيْفَ رُدُّوا إِلَى الْجَهْلِ حَتَّى قَالُوا : لَا عِلْمَ لَنَا ؟ وَرُوِيَ مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15639جَعْفَرٍ الصَّادِقِ ، وَخَبَرُ لَا عُلِمَ فِي الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ ، وَتَقَدَّمَ لَنَا الْكَلَامُ فِي ( لَا رَيْبَ فِيهِ ) ، وَلَا عُلِمَ مِثْلُهُ ، فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ ، وَمَا مَوْصُولَةٌ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ ، وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الْبَدَلِ . وَحَكَى
ابْنُ عَطِيَّةَ عَنِ
الزَّهْرَاوِيِّ : أَنَّ مَوْضِعَ مَا مِنْ قَوْلِهِمْ : مَا عَلَّمَتْنَا ، نَصْبٌ بِعَلَّمْتَنَا ، وَهَذَا غَيْرُ مَعْقُولٍ ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَا مَوْصُولَةٌ ، وَأَنَّ الصِّلَةَ : عَلَّمَتْنَا ، وَأَنَّ الصِّلَةَ لَا تَعْمَلُ
[ ص: 148 ] فِي الْمَوْصُولِ وَلَكِنْ يُتَكَلَّفُ بِهِ وَجْهٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا فَيَكُونُ مَعْنَى إِلَّا : لَكِنْ ، عَلَى التَّقْدِيرِ الَّذِي اسْتَقَرَّ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ ، وَتَكُونُ مَا شَرْطِيَّةً مَنْصُوبَةً بِعَلَّمْتَنَا ، وَيَكُونُ الْجَوَابُ مَحْذُوفًا كَأَنَّهُمْ نَفَوْا أَوَّلًا سَائِرَ الْعُلُومِ ثُمَّ اسْتَدْرَكُوا أَنَّهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَيَّ شَيْءٍ عَلَّمَهُمْ عَلِمُوهُ ، وَيَكُونُ هَذَا أَبْلَغُ فِي تَرْكِ الدَّعْوَى ، إِذْ مَحُوا أَنْفُسَهُمْ مِنْ سَائِرِ الْعُلُومِ وَنَفُوا جَمِيعَهَا ، فَلَمْ يَسْتَثْنُوا لَهُمْ شَيْئًا سَابِقًا مَاضِيًا تَحَلَّوْ بِهِ ، بَلْ صَارُوا إِلَى الْجَهْلِ الصِّرْفِ وَالتَّبَرِّي مِنْ كُلِّ عِلْمٍ . وَهَذَا الْوَجْهُ يُنَافِي مَا رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ أَعْلَمُهُمْ تَعَالَى ، أَوْ عَلِمُوا بِاطِّلَاعٍ مِنَ اللَّوْحِ بِأَنَّهُ سَيَكُونُ فِي الْأَرْضِ مَنْ يُفْسِدُ وَيَسْفِكُ ، فَإِذَا صَحَّ هَذَا كَانُوا قَدْ بَالَغُوا فِي نَفْيِ كُلِّ عِلْمٍ عَنْهُمْ ، وَجَعَلُوا هَذَا الْعِلْمَ الْخَاصَّ كَالْمَعْدُومِ ، وَمَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ غَيْرُ مَعْصُومِينَ جَعَلَ قَوْلَهُمْ ، لَا عِلْمَ لَنَا تَوْبَةً ، وَمَنِ اعْتَقَدَ بِعِصْمَتِهِمْ قَالَ : قَالُوا ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الِاعْتِرَافِ بِالْعَجْزِ وَالتَّسْلِيمِ بِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ إِلَّا مَا عَلِمُوا ، أَوْ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30أَتَجْعَلُ فِيهَا ) الْآيَةَ ; لِأَنَّهُ أَعْلَمَهُمْ بِذَلِكَ ، وَأَمَّا الْأَسْمَاءُ فَكَيْفَ يَعْلَمُونَهَا وَمَا أَعْلَمَهُمْ ذَلِكَ ؟ وَلَمَّا نَفُوا الْعِلْمَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ أَثْبَتُوهُ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى أَكْمَلِ أَوْصَافِهِ مِنَ الْمُبَالَغَةِ فِيهِ ، ثُمَّ أَرْدَفُوا الْوَصْفَ بِالْعِلْمِ الْوَصْفَ بِالْحِكْمَةِ ; لِأَنَّهُ سَبَقَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) فَلَمَّا صَدَرَ مِنْ هَذَا الْمَجْعُولِ خَلِيفَةً ، مَا صَدَرَ مِنْ فَضِيلَةِ الْعِلْمِ تَبَيَّنَ لَهُمْ وَجْهَ الْحِكْمَةِ فِي قَوْلِهِ : وَجَعَلَهُ خَلِيفَةً .
فَانْظُرْ إِلَى حُسْنِ هَذَا الْجَوَابِ كَيْفَ قَدَّمُوا بَيْنَ يَدَيْهِ تَنْزِيهَ اللَّهِ ، ثُمَّ اعْتَرَفُوا بِالْجَهْلِ ، ثُمَّ نَسَبُوا إِلَى اللَّهِ الْعِلْمَ وَالْحِكْمَةَ ، وَنَاسِبَ تَقْدِيمُ الْوَصْفِ بِالْعِلْمِ عَلَى الْوَصْفِ بِالْحِكْمَةِ ; لِأَنَّهُ الْمُتَّصِلُ بِهِ فِي قَوْلِهِ : ( وَعَلَّمَ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=31أَنْبِئُونِي ) ، ( لَا عِلْمَ لَنَا ) . فَالَّذِي ظَهَرَتْ بِهِ الْمَزِيَّةُ
لِآدَمَ وَالْفَضِيلَةُ هُوَ ، فَنَاسَبَ ذِكْرُهُ مُتَّصِلًا بِهِ ، وَلِأَنَّ الْحِكْمَةَ إِنَّمَا هِيَ آثَارٌ وَنَاشِئَةٌ عَنْهُ ، وَلِذَلِكَ أَكْثَرُ مَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ تَقْدِيمُ الْوَصْفِ بِالْعِلْمِ عَلَى الْوَصْفِ بِالْحِكْمَةِ . وَلِأَنْ يَكُونَ آخِرُ مَقَالِهِمْ مُخَالِفًا لِأَوَّلِهِ حَتَّى يُبَيِّنَ رُجُوعَهُمْ عَنْ قَوْلِهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30أَتَجْعَلُ فِيهَا ) ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْحَكِيمَ هُوَ ذُو الْحِكْمَةِ ، يَكُونُ الْحَكِيمُ صِفَةَ ذَاتٍ ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ الْمُحْكِمُ لِصَنْعَتِهِ يَكُونُ صِفَةَ فِعْلٍ . وَأَنْتَ : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَوْكِيدًا لِلضَّمِيرِ ، فَيَكُونُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ ، أَوْ مُبْتَدَأً فَيَكُونُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ ، وَالْعَلِيمُ خَبَرُهُ ، أَوْ فَضْلًا فَلَا يَكُونُ لَهُ مَوْضِعٌ مِنَ الْإِعْرَابِ ، عَلَى رَأْيِ الْبَصْرِيِّينَ ، وَيَكُونُ لَهُ مَوْضِعٌ مِنَ الْإِعْرَابِ عَلَى رَأْيِ الْكُوفِيِّينَ . فَعِنْدَ
الْفَرَّاءِ مَوْضِعُهُ عَلَى حَسَبِ الِاسْمِ قَبْلَهُ ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيِّ عَلَى حَسَبِ الِاسْمِ بَعْدَهُ ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُحْمَلَ ( الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) عَلَى الْعُمُومِ ، وَقَدْ خَصَّهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ : الْعَلِيمُ بِمَا أَمَرْتَ وَنَهَيْتَ ، الْحَكِيمُ فِيمَا قَدَّرْتَ وَقَضَيْتَ . وَقَالَ آخَرُ : الْعَلِيمُ بِالسِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ ، وَالْحَكِيمُ فِيمَا يَفْعَلُهُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْأَوَّلِ .