[ ص: 360 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127nindex.php?page=treesubj&link=28975وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الولدان ) ؛ ذكروا في موضع ( ما ) من الإعراب : الرفع والنصب والجر ؛ فالرفع ثلاثة أوجه : أحدها : أن يكون معطوفا على اسم الله ; أي الله يفتيكم والمتلو في الكتاب في معنى اليتامى . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : يعني قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى ) ، وهو قوله أعجبني زيد وكرمه ، انتهى . والثاني : أن يكون معطوفا على الضمير المستكن في يفتيكم ، وحسن الفصل بينهما بالمفعول والجار والمجرور . الثالث : أن يكون ما يتلى مبتدأ ، وفي الكتاب خبره على أنها جملة معترضة . والمراد بالكتاب اللوح المحفوظ تعظيما للمتلو عليهم ، وأن العدل والنصفة في حقوق اليتامى من عظائم الأمور المرفوعة الدرجات عند الله التي يجب مراعاتها والمحافظة عليها والمخل ظالم متهاون بما عظمه الله . ونحوه في تعظيم القرآن ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=4وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم ) . وقيل في هذا الوجه : الخبر محذوف والتقدير :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء لكم أو يفتيكم ، وحذف لدلالة ما قبله عليه . وعلى هذا التقدير في الكتاب بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127يتلى عليكم ، أو تكون في موضع الحال من الضمير في يتلى ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127في يتامى بدل من (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127في الكتاب ) . وقال
أبو البقاء في الثانية : تتعلق بما تعلقت به الأولى ; لأن معناها يختلف ؛ فالأولى ظرف والثانية بمعنى الباء ; أي بسبب اليتامى ، كما تقول : جئتك في يوم الجمعة في أمر زيد . ويجوز أن تتعلق الثانية بالكتاب ; أي فيما كتب بحكم اليتامى . ويجوز أن تكون الثانية حالا ، فتتعلق بمحذوف . وأما النصب ؛ فعلى التقدير : ويبين لكم ما يتلى ; لأن يفتيكم معناها يبين فدلت عليها . وأما الجر فمن وجهين : أحدهما : أن تكون الواو للقسم كأنه قال : وأقسم بما يتلى عليكم في الكتاب والقسم بمعنى التعظيم ؛ قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : والثاني : أن يكون معطوفا على الضمير المجرور في ( فيهن ) ؛ قاله
محمد بن أبي موسى . وقال : أفتاهم الله فيما سألوا عنه ، وفي ما لم يسألوا عنه . قال
ابن عطية : ويضعف هذا التأويل ما فيه من العطف على الضمير المخفوض بغير إعادة حرف الخفض . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ليس بسديد أن يعطف على المجرور في فيهن ; لاختلاله من حيث اللفظ والمعنى ، انتهى .
والذي أختاره هذا الوجه ، وإن كان مشهور مذهب جمهور البصريين
[ ص: 361 ] أن ذلك لا يجوز إلا في الشعر ، لكن قد ذكرت دلائل جواز ذلك في الكلام . وأمعنت في ذكر الدلائل على ذلك في تفسير قوله : ( وكفر به ) ، و ( المسجد الحرام ) ، وليس مختلا من حيث اللفظ ; لأنا قد استدللنا على جواز ذلك ، ولا من حيث المعنى كما زعم
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ؛ بل المعنى عليه ، ويكون على تقدير حذف ; أي يفتيكم في متلوهن ، وفيما يتلى عليكم في الكتاب من إضافة متلو إلى ضميرهن سائغة ; إذ الإضافة تكون لأدنى ملابسة لما كان متلوا فيهن صحت الإضافة إليهما . ومن ذلك قول الشاعر :
إذا كوكب الخرقاء لاح بسحرة
وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : لاختلاله في اللفظ والمعنى ، فهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج بعينه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : وهذا بعيد ; لأنه بالنسبة إلى اللفظ وإلى المعنى ; أما للفظ فإنه يقتضي عطف المظهر على المضمر ؛ وذلك غير جائز . كما لم يجز قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1تساءلون به والأرحام ) ، وأما المعنى فإنه تعالى أفتى في تلك المسائل ، وتقدير العطف على الضمير يقتضي أنه أفتى فيما يتلى عليكم في الكتاب . ومعلوم أنه ليس المراد ذلك ؛ وإنما المراد أنه تعالى يفتي فيما سألوه من المسائل ، انتهى كلامه . وقد بينا صحة المعنى على تقدير ذلك المحذوف والرفع على العطف على الله ، أو على ضمير يخرجه عن التأسيس . وعلى الجملة تخرج الجملة بأسرها عن التأسيس ، وكذلك الجر على القسم ؛ فالنصب بإضمار فعل والعطف على الضمير يجعله تأسيسا . وإذا أراد الأمرين : التأسيس والتأكيد ، كان حمله على التأسيس هو الأولى ، ولا يذهب إلى التأكيد إلا عند اتضاح عدم التأسيس . وتقدم الكلام في تعلق قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127في يتامى النساء . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : فإن قلت : بم تعلق قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127في يتامى النساء ؟ قلت : في الوجه الأول هو صلة ( يتلى ) ; أي يتلى عليكم في معناهن : ويجوز أن يكون (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127في يتامى النساء ) بدلا من ( فيهن ) . وأما في الوجهين الأخيرين فبدل لا غير ، انتهى كلامه . ويعني بقوله في الوجه الأول : أن يكون وما يتلى في موضع رفع ؛ فأما ما أجازه في هذا الوجه من أنه يكون صلة يتلى ؛ فلا يتصور إلا إن كان (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127في يتامى ) بدلا من (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127في الكتاب ) ، أو تكون في للسبب ; لئلا يتعلق حرفا جر بمعنى واحد بفعل واحد ؛ فهو لا يجوز إلا إن كان على طريقة البدل أو بالعطف . وأما ما أجازه في هذا الوجه أيضا من أن في يتامى بدل من فيهن ؛ فالظاهر أنه لا يجوز للفصل بين البدل والمبدل منه بالعطف . ونظير هذا التركيب : زيد يقيم في الدار ، وعمرو في كسر منها ؛ ففصلت بين في الدار وبين في كسر منها بالعطف والتركيب المعهود : زيد يقيم في الدار في كسر منها وعمرو . واتفق من وقفنا على كلامه في التفسير على أن هذه الآية إشارة إلى ما مضى في صدر هذه السورة ، وهو قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ) ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2وآتوا اليتامى أموالهم ) ، وقوله :
[ ص: 362 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2كبيرا وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء )
قالت عائشة رضي الله عنها : نزلت هذه الآية يعني : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى أولا ، ثم سأل ناس بعدها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر النساء ؛ فنزلت : ( nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن ) ، وما يتلى عليكم ؛ فعلى ما قاله المفسرون ، وما نقل عن
عائشة يكون يفتيكم ، ويتلى فيه وضع المضارع موضع الماضي ; لأن الإفتاء والتلاوة قد سبقت . والإضافة في يتامى النساء من باب إضافة الخاص إلى العام ; لأن النساء ينقسمن إلى يتامى وغير يتامى . وقال الكوفيون : هي من إضافة الصفة إلى الموصوف ، وهذا عند البصريين لا يجوز ، وذلك مقرر في علم النحو .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : فإن قلت : الإضافة في يتامى النساء ما هي ؟ قلت : إضافة بمعنى ( من ) هي إضافة الشيء إلى جنسه ؛ كقولك : خاتم حديد ، وثوب خز ، وخاتم فضة . ويجوز الفصل ، وإتباع الجنس لما قبله ونصبه وجره بـ ( من ) والذي يظهر في
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127يتامى النساء ، وفي سحق عمامة أنها إضافة على معنى اللام ، ومعنى اللام الاختصاص . وقرأ
أبو عبد الله المدني : ( في يتامى النساء ) بياءين ، وأخرجه ابن جني على أن الأصل أيامى ، فأبدل من الهمزة ياء ، كما قالوا :
باهلة بن يعصر ، وإنما هو
أعصر سمي بذلك لقوله :
أثناك أن أباك غير لونه كر الليالي واختلاف الأعصر
وقالوا في عكس ذلك : قطع الله أيده يريدون يده ؛ فأبدل من الياء همزة . وأيامى جمع أيم على وزن فعيل ، وهو مما اختص به المعتل ، وأصله : أيايم كسيايد جمع سيد ، قلبت اللام موضع العين فجاء أيامى ، فأبدل من الكسرة فتحة انقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني : ولو قال قائل : كسر أيم على أيمى على وزن سكرى ، ثم كسر أيمى على أيامى لكان وجها حسنا .
ومعنى ما كتب لهن قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
ومجاهد وجماعة : هو الميراث . وقال آخرون : هو الصداق ، والمخاطب بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127لا تؤتونهن أولياء المرأة كانوا يأخذون صدقات النساء ، ولا يعطونهن شيئا . وقيل أولياء اليتامى كانوا يزوجون اليتامى اللواتي في حجورهن ، ولا يعدلون في صدقاتهن . وقرئ : " ما كتب الله لهن " . وقال
أبو عبيدة :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127وترغبون أن تنكحوهن ، هذا اللفظ يحتمل الرغبة والنفرة ؛ فالمعنى في الرغبة في أن تنكحوهن لما لهن أو لجمالهن والنفرة ، وترغبون عن أن تنكحوهن لقبحهن فتمسكوهن رغبة في أموالهن . والأول قول
عائشة رضي الله عنها وجماعة انتهى . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأخذ الناس بالدرجة الفضلى في هذا المعنى ؛ فكان إذا سأل الولي عن وليته ؛ فقيل هي غنية جميلة قال له : اطلب لها من هو خير منك ، وأعود عليها بالنفع . وإذا قيل هي دميمة فقيرة قال له : أنت أولى بها وبالستر عليها من غيرك . و
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=98المستضعفين معطوف على
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127يتامى النساء والذي تلي فيهم قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يوصيكم الله في أولادكم ) الآية ؛ وذلك أن العرب كانت لا تورث الصبية ، ولا الصبي الصغير ، وكان الكبير ينفرد بالمال ، وكانوا يقولون : إنما يرث من يحمي الحوزة ، ويرد الغنيمة ، ويقاتل عن الحريم ، ففرض الله تعالى لكل واحد حقه . ويجوز أن يكون خطابا للأوصياء ؛ كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ) ، وقيل المستضعفين هنا العبيد والإماء .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127وأن تقوموا لليتامى بالقسط ) هو في موضع جر عطفا على ما قبله أي وفي أن تقوموا . والذي تلي في هذا المعنى قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم ) إلى غير ذلك مما ذكر في مال اليتيم . والقسط : العدل . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ويجوز أن يكون منصوبا ؛ بمعنى ويأمركم ، أن تقوموا . وهو خطاب للأئمة في أن ينظروا لهم ، ويستوفوا لهم حقوقهم ، ولا يخلوا أحدا يهتضمهم ، انتهى . وفي ري الظمآن : ويحتمل أن يرفع ، وأن تقوموا بالابتداء ، وخبره محذوف ; أي خير
[ ص: 363 ] لكم ، انتهى . وإذا أمكن حمله على غير حذف ؛ بكونه قد عطف على مجرور ، كان أولى من إضمار ناصب ؛ كما ذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري . ومن كونه مبتدأ قد حذف خبره .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما ) لما تقدم ذكر النساء ، ويتامى النساء والمستضعفين من الولدان والقيام بالقسط ؛ عقب ذلك بأنه تعالى يعلم ما يفعل من الخير بسبب من ذكر ، فيجازي عليه بالثواب الجزيل . واقتصر على ذكر فعل الخير ; لأنه هو الذي رغب فيه ، وإن كان تعالى يعلم ما يفعل من خير ومن شر ، ويجازي على ذلك بثوابه ، وعقابه . (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128nindex.php?page=treesubj&link=28975وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا ) نزلت بسبب
ابن بعكك وامرأته ؛ قاله
مجاهد . وبسبب
nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج ، وامرأته
خولة بنت محمد بن مسلمة ، وكانت قد أسنت فتزوج عليها شابة فآثرها ؛ فلم تصبر خولة فطلقها ثم راجعها ، وقال : إنما هي واحدة ؛ فإما أن تقوي على الأثرة وإلا طلقتك ففرت ؛ قاله
عبيدة nindex.php?page=showalam&ids=16049وسليمان بن يسار nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب . أو بسبب النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=93وسودة بنت زمعة خشيت طلاقها فقالت : لا تطلقني ، واحبسني مع نسائك ، ولا تقسم لي ؛ ففعل ؛ فنزلت ؛ قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وجماعة .
والخوف هنا على بابه ؛ لكنه لا يحصل إلا بظهور أمارات ما تدل على وقوع الخوف . وقيل معنى خافت علمت . وقيل ظنت . ولا ينبغي أن يخرج عن الظاهر ; إذ المعنى معه يصح . والنشوز : أن يجافي عنها بأن يمنعها نفسه ونفقته والمودة التي بينهما ، وأن يؤذيها بسبب أو ضرب . والإعراض : أن يقل محادثتها ، ومآنستها لطعن في سن أو دمامة ، أو شين في خلق أو خلق ، أو ملال ، أو طموح عين إلى أخرى ، أو غير ذلك ، وهو أخف النشوز . فرفع الجناح بينهما في الصلح بجميع أنواع من بذل من الزوج لها على أن تصبر ، أو بذل منها له على أن يؤثرها ، وعن أن يؤثر ، وتتمسك بالعصمة ، أو على صبر على الأثرة ونحو ذلك ؛ فهذا كله مباح . ورتب رفع الجناح على توقع الخوف ، وظهور أمارات النشوز والإعراض ؛ وهو مع وقوع تلك وتحققها أولى ; لأنه إذا أبيح الصلح مع خوف ذلك ؛ فهو مع الوقوع أوكد ; إذ في الصلح بقاء الألفة والمودة . ومن أنواع الصلح أن تهب يومها لغيرها من نسائه كما فعلت
nindex.php?page=showalam&ids=93سودة ، وأن ترضى بالقسم لها في مدة طويلة مرة ، أو تهب له المهر أو بعضه أو النفقة ؛ والحق الذي للمرأة على الزوج هو المهر والنفقة ؛ والقسم هو على إسقاط ذلك أو شيء منه على أن لا يطلقها ، وذلك جائز .
وقرأ الكوفيون : ( يصلحا ) من أصلح على وزن أكرم . وقرأ باقي السبعة : يصالحا ، وأصله يتصالحا ، وأدغمت التاء في الصاد . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16536عبيدة السلماني : يصالحا من المفاعلة . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش : إن اصالحا ، وهي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ؛ جعل ماضيا . وأصله تصالح على وزن تفاعل ، فأدغم التاء في الصاد ، واجتلبت همزة الوصل والصلح ليس مصدر الشيء من هذه الأفعال التي قرئت ؛ فإن كان اسما لما يصلح به كالعطاء والكرامة مع أعطيت ، وأكرمت ، فيحتمل أن يكون انتصابه على إسقاط حرف الجر ; أي يصلح أي بشيء يصطلحان عليه . ويجوز أن يكون مصدرا لهذه الأفعال على حذف الزوائد .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128والصلح خير ) ظاهره أن خيرا أفعل التفضيل ، وأن المفضل عليه هو من النشوز والإعراض ، فحذف لدلالة ما قبله عليه . وقيل من الفرقة . وقيل من الخصومة ، وتكون الألف واللام في الصلح للعهد ، ويعني به صلحا السابق كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=15كما أرسلنا إلى فرعون رسولا nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=16فعصى فرعون الرسول ) . وقيل الصلح عام . وقيل الصلح الحقيقي الذي تسكن إليه النفوس ، ويزول به الخلاف ، ويندرج تحته صلح الزوجين ، ويكون المعنى : خير من الفرقة والاختلاف . وقيل خير هنا ليس أفعل تفضيل ، وإنما معناه خير من الخيور ، كما أن الخصومة شر من الشرور .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128nindex.php?page=treesubj&link=28975وأحضرت الأنفس الشح ) هذا من باب المبالغة جعل الشح كأنه شيء معد في مكان . وأحضرت الأنفس ،
[ ص: 364 ] وسيقت إليه ، ولم يأت ، وأحضر الشح الأنفس فيكون مسوقا إلى الأنفس ، بل الأنفس سيقت إليه ; لكون الشح مجبولا عليه الإنسان ، ومركوزا في طبيعته ، وخص المفسرون هذه اللفظة هنا ؛ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير : هو شح المرأة بنصيبها من زوجها ، ومالها . وقال
الحسن ،
وابن زيد : هو شح كل واحد منهما بحقه . وقال
الماتريدي : ويحتمل أن يراد بالشح الحرص ، وهو أن يحرص كل على حقه يقال : هو شحيح بمودتك ; أي حريص على بقائها ، ولا يقال في هذا بخيل ، فكأن الشح والحرص واحد في المعنى ؛ وإن كان في أصل الوضع الشح للمنع والحرص للمطلب ؛ فأطلق على الحرص الشح ; لأن كل واحد منهما سبب لكون الآخر ، ولأن البخل يحمل على الحرص ، والحرص يحمل على البخل ، انتهى .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128والصلح خير ، وهذه الجملة اعتراض ، وكذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128وأحضرت الأنفس الشح . ومعنى إحضار الأنفس الشح : أن الشح جعل حاضرا لها لا يغيب عنها أبدا ، ولا تنفك عنه ؛ يعني : أنها مطبوعة عليه . والغرض أن المرأة لا تكاد تسمح بأن يقسم لها ، أو يمسكها إذا رغب عنها ، وأحب غيرها ، انتهى . قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128والصلح خير جملة اعتراضية ، وكذلك ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128وأحضرت الأنفس الشح هو باعتبار أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=130وإن يتفرقا ) معطوف على قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128فلا جناح عليهما أن يصلحا ) ، وقوله : ومعنى إحضار الأنفس الشح أن الشح جعل حاضرا لا يغيب عنها أبدا ؛ جعله من باب القلب ، وليس بجيد ؛ بل التركيب القرآني يقتضي أن الأنفس جعلت حاضرة للشح لا تغيب عنه ; لأن الأنفس هو المفعول الذي لم يسم فاعله ، وهي التي كانت فاعلة قبل دخول همزة النقل ، إذ الأصل : حضرت الأنفس الشح ؛ على أنه يجوز عند الجمهور في هذا الباب إقامة المفعول الثاني مقام الفاعل على تفصيل في ذلك ؛ وإن كان الأجود عندهم إقامة الأول . فيحتمل أن تكون الأنفس هي المفعول الثاني والشح هو المفعول الأول ، وقام الثاني مقام الفاعل . والأولى حمل القرآن على الأفصح المتفق عليه . وقرأ العدوي : ( الشح ) بكسر الشين ، وهي لغة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا ) ندب تعالى إلى الإحسان في العشرة على النساء ؛ وإن كرهن مراعاة لحق الصحبة ، وأمر بالتقوى في حالهن ; لأن الزوج قد تحمله الكراهة للزوجة على أذيتها ، وخصومتها لا سيما ، وقد ظهرت منه أمارات الكراهة من النشوز والإعراض . وقد وصى النبي صلى الله عليه وسلم بهن ؛
فإنهن عوان عند الأزواج . وقال
الماتريدي : وإن تحسنوا في أن تعطوهن أكثر من حقهن ، وتتقوا في أن لا تنقصوا من حقهن شيئا . أو أن تحسنوا في إيفاء حقهن والتسوية بينهن ، وتتقوا الجور والميل ، وتفضيل بعض على بعض . أو أن تحسنوا في اتباع ما أمركم الله به من طاعتهن ، وتتقوا ما نهاكم عنه عن معصيته ، انتهى . وختم آخر هذه بصفة الخبير ، وهو علم ما يلطف إدراكه ويدق ; لأنه قد يكون بين الزوجين من خفايا الأمور ما لا يطلع عليه إلا الله تعالى ، ولا يظهر أن ذلك لكل أحد . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=16689عمران بن حطان الخارجي من آدم الناس ، وامرأته من أجملهن ؛ فأجالت في وجهه نظرها ثم تابعت الحمد لله ، فقال : ما لك ؟ قالت : حمدت الله على أني وإياك من أهل الجنة قال : كيف ؟ قالت : لأنك رزقت مثلي فشكرت ، ورزقت مثلك فصبرت ، وقد وعد الله الجنة الشاكرين والصابرين .
[ ص: 360 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127nindex.php?page=treesubj&link=28975وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ ) ؛ ذَكَرُوا فِي مَوْضِعِ ( مَا ) مِنَ الْإِعْرَابِ : الرَّفْعَ وَالنَّصْبَ وَالْجَرَّ ؛ فَالرَّفْعُ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا : أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى اسْمِ اللَّهِ ; أَيِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ وَالْمَتْلُوُّ فِي الْكِتَابِ فِي مَعْنَى الْيَتَامَى . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : يَعْنِي قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لَا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى ) ، وَهُوَ قَوْلُهُ أَعْجَبَنِي زَيْدٌ وَكَرَمُهُ ، انْتَهَى . وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَكِنِّ فِي يُفْتِيكُمْ ، وَحَسُنَ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا بِالْمَفْعُولِ وَالْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ . الثَّالِثُ : أَنْ يَكُونَ مَا يُتْلَى مُبْتَدَأً ، وَفِي الْكِتَابِ خَبَرُهُ عَلَى أَنَّهَا جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ . وَالْمُرَادُ بِالْكِتَابِ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ تَعْظِيمًا لِلْمَتْلُوِّ عَلَيْهِمْ ، وَأَنَّ الْعَدْلَ وَالنُّصْفَةَ فِي حُقُوقِ الْيَتَامَى مِنْ عَظَائِمِ الْأُمُورِ الْمَرْفُوعَةِ الدَّرَجَاتِ عِنْدَ اللَّهِ الَّتِي يَجِبُ مُرَاعَاتُهَا وَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا وَالْمُخِلُّ ظَالِمٌ مُتَهَاوِنٌ بِمَا عَظَّمَهُ اللَّهُ . وَنَحْوُهُ فِي تَعْظِيمِ الْقُرْآنِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=4وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ) . وَقِيلَ فِي هَذَا الْوَجْهِ : الْخَبَرُ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ لَكُمْ أَوْ يُفْتِيكُمْ ، وَحُذِفَ لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ . وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فِي الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127يُتْلَى عَلَيْكُمْ ، أَوْ تَكُونُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ فِي يُتْلَى ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127فِي يَتَامَى بَدَلٌ مِنْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127فِي الْكِتَابِ ) . وَقَالَ
أَبُو الْبَقَاءِ فِي الثَّانِيَةِ : تَتَعَلَّقُ بِمَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الْأُولَى ; لِأَنَّ مَعْنَاهَا يَخْتَلِفُ ؛ فَالْأُولَى ظَرْفٌ وَالثَّانِيَةُ بِمَعْنَى الْبَاءِ ; أَيْ بِسَبَبِ الْيَتَامَى ، كَمَا تَقُولُ : جِئْتُكَ فِي يَوْمِ الْجُمْعَةِ فِي أَمْرِ زَيْدٍ . وَيَجُوزُ أَنْ تَتَعَلَّقَ الثَّانِيَةُ بِالْكِتَابِ ; أَيْ فِيمَا كَتَبَ بِحُكْمِ الْيَتَامَى . وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةُ حَالًا ، فَتَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ . وَأَمَّا النَّصْبُ ؛ فَعَلَى التَّقْدِيرِ : وَيُبَيِّنُ لَكُمْ مَا يُتْلَى ; لِأَنَّ يُفْتِيكُمْ مَعْنَاهَا يُبَيِّنُ فَدَلَّتْ عَلَيْهَا . وَأَمَّا الْجَرُّ فَمِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ لِلْقَسَمِ كَأَنَّهُ قَالَ : وَأُقْسِمُ بِمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ وَالْقَسَمُ بِمَعْنَى التَّعْظِيمِ ؛ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ فِي ( فِيهِنَّ ) ؛ قَالَهُ
مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُوسَى . وَقَالَ : أَفْتَاهُمُ اللَّهُ فِيمَا سَأَلُوا عَنْهُ ، وَفِي مَا لَمْ يَسْأَلُوا عَنْهُ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَيُضَعِّفُ هَذَا التَّأْوِيلَ مَا فِيهِ مِنَ الْعَطْفِ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَخْفُوضِ بِغَيْرِ إِعَادَةِ حَرْفِ الْخَفْضِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : لَيْسَ بِسَدِيدٍ أَنْ يُعْطَفَ عَلَى الْمَجْرُورِ فِي فِيهِنَّ ; لِاخْتِلَالِهِ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى ، انْتَهَى .
وَالَّذِي أَخْتَارُهُ هَذَا الْوَجْهُ ، وَإِنْ كَانَ مَشْهُورَ مَذْهَبِ جُمْهُورِ الْبَصْرِيِّينَ
[ ص: 361 ] أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ إِلَّا فِي الشِّعْرِ ، لَكِنْ قَدْ ذَكَرْتُ دَلَائِلَ جَوَازِ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ . وَأَمْعَنْتُ فِي ذِكْرِ الدَّلَائِلِ عَلَى ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ : ( وَكُفْرٌ بِهِ ) ، وَ ( الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) ، وَلَيْسَ مُخْتَلًّا مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ ; لِأَنَّا قَدِ اسْتَدْلَلْنَا عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ ، وَلَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى كَمَا زَعَمَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ؛ بَلِ الْمَعْنَى عَلَيْهِ ، وَيَكُونُ عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفٍ ; أَيْ يُفْتِيكُمْ فِي مَتْلُوِّهِنَّ ، وَفِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ مِنْ إِضَافَةِ مَتْلُوٍّ إِلَى ضَمِيرِهِنَّ سَائِغَةٌ ; إِذِ الْإِضَافَةُ تَكُونُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ لِمَا كَانَ مَتْلُوًّا فِيهِنَّ صَحَّتِ الْإِضَافَةُ إِلَيْهِمَا . وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
إِذَا كَوْكَبُ الْخَرْقَاءِ لَاحَ بِسَحَرَةٍ
وَأَمَّا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ : لِاخْتِلَالِهِ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى ، فَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجِ بِعَيْنِهِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : وَهَذَا بَعِيدٌ ; لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اللَّفْظِ وَإِلَى الْمَعْنَى ; أَمَّا لِلَّفْظِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي عَطْفَ الْمُظْهَرِ عَلَى الْمُضْمَرِ ؛ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ . كَمَا لَمْ يَجُزْ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ) ، وَأَمَّا الْمَعْنَى فَإِنَّهُ تَعَالَى أَفْتَى فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ ، وَتَقْدِيرُ الْعَطْفِ عَلَى الضَّمِيرِ يَقْتَضِي أَنَّهُ أَفْتَى فِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ . وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ ذَلِكَ ؛ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ تَعَالَى يُفْتِي فِيمَا سَأَلُوهُ مِنَ الْمَسَائِلِ ، انْتَهَى كَلَامُهُ . وَقَدْ بَيَّنَّا صِحَّةَ الْمَعْنَى عَلَى تَقْدِيرِ ذَلِكَ الْمَحْذُوفِ وَالرَّفْعِ عَلَى الْعَطْفِ عَلَى اللَّهِ ، أَوْ عَلَى ضَمِيرٍ يُخْرِجُهُ عَنِ التَّأْسِيسِ . وَعَلَى الْجُمْلَةِ تَخْرُجُ الْجُمْلَةَ بِأَسْرِهَا عَنِ التَّأْسِيسِ ، وَكَذَلِكَ الْجَرُّ عَلَى الْقَسَمِ ؛ فَالنَّصْبُ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ وَالْعَطْفُ عَلَى الضَّمِيرِ يَجْعَلُهُ تَأْسِيسًا . وَإِذَا أَرَادَ الْأَمْرَيْنِ : التَّأْسِيسَ وَالتَّأْكِيدَ ، كَانَ حَمْلُهُ عَلَى التَّأْسِيسِ هُوَ الْأَوْلَى ، وَلَا يَذْهَبُ إِلَى التَّأْكِيدِ إِلَّا عِنْدَ اتِّضَاحِ عَدَمِ التَّأْسِيسِ . وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي تَعَلُّقِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127فِي يَتَامَى النِّسَاءِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : فَإِنْ قُلْتَ : بِمَ تَعَلَّقَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127فِي يَتَامَى النِّسَاءِ ؟ قُلْتُ : فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ هُوَ صِلَةُ ( يُتْلَى ) ; أَيْ يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي مَعْنَاهُنَّ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127فِي يَتَامَى النِّسَاءِ ) بَدَلًا مِنْ ( فِيهِنَّ ) . وَأَمَّا فِي الْوَجْهَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ فَبَدَلٌ لَا غَيْرُ ، انْتَهَى كَلَامُهُ . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ : أَنْ يَكُونَ وَمَا يُتْلَى فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ ؛ فَأَمَّا مَا أَجَازَهُ فِي هَذَا الْوَجْهِ مِنْ أَنَّهُ يَكُونُ صِلَةَ يُتْلَى ؛ فَلَا يُتَصَوَّرُ إِلَّا إِنْ كَانَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127فِي يَتَامَى ) بَدَلًا مِنْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127فِي الْكِتَابِ ) ، أَوْ تَكُونُ فِي لِلسَّبَبِ ; لِئَلَّا يَتَعَلَّقَ حَرْفَا جَرٍّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ بِفِعْلٍ وَاحِدٍ ؛ فَهُوَ لَا يَجُوزُ إِلَّا إِنْ كَانَ عَلَى طَرِيقَةِ الْبَدَلِ أَوْ بِالْعَطْفِ . وَأَمَّا مَا أَجَازَهُ فِي هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا مِنْ أَنَّ فِي يَتَامَى بَدَلٌ مِنْ فِيهِنَّ ؛ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ بِالْعَطْفِ . وَنَظِيرُ هَذَا التَّرْكِيبِ : زَيْدٌ يُقِيمُ فِي الدَّارِ ، وَعَمْرٌو فِي كِسْرٍ مِنْهَا ؛ فَفَصَلَتْ بَيْنَ فِي الدَّارِ وَبَيْنَ فِي كِسْرٍ مِنْهَا بِالْعَطْفِ وَالتَّرْكِيبِ الْمَعْهُودِ : زَيْدٌ يُقِيمُ فِي الدَّارِ فِي كِسْرٍ مِنْهَا وَعَمْرٌو . وَاتَّفَقَ مَنْ وَقَفْنَا عَلَى كَلَامِهِ فِي التَّفْسِيرِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ إِشَارَةٌ إِلَى مَا مَضَى فِي صَدْرِ هَذِهِ السُّورَةِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ) ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ ) ، وَقَوْلُهُ :
[ ص: 362 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2كَبِيرًا وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ )
قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ يَعْنِي : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لَا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى أَوَّلًا ، ثُمَّ سَأَلَ نَاسٌ بَعْدَهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَمْرِ النِّسَاءِ ؛ فَنَزَلَتْ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ ) ، وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ ؛ فَعَلَى مَا قَالَهُ الْمُفَسِّرُونَ ، وَمَا نُقِلَ عَنْ
عَائِشَةَ يَكُونُ يُفْتِيكُمْ ، وَيُتْلَى فِيهِ وُضِعَ الْمُضَارِعُ مَوْضِعَ الْمَاضِي ; لِأَنَّ الْإِفْتَاءَ وَالتِّلَاوَةَ قَدْ سَبَقَتْ . وَالْإِضَافَةُ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ مِنْ بَابِ إِضَافَةِ الْخَاصِّ إِلَى الْعَامِّ ; لِأَنَّ النِّسَاءَ يَنْقَسِمْنَ إِلَى يَتَامَى وَغَيْرِ يَتَامَى . وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ : هِيَ مِنْ إِضَافَةِ الصِّفَةِ إِلَى الْمَوْصُوفِ ، وَهَذَا عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ لَا يَجُوزُ ، وَذَلِكَ مُقَرَّرٌ فِي عِلْمِ النَّحْوِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : فَإِنْ قُلْتَ : الْإِضَافَةُ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ مَا هِيَ ؟ قُلْتُ : إِضَافَةٌ بِمَعْنَى ( مِنْ ) هِيَ إِضَافَةُ الشَّيْءِ إِلَى جِنْسِهِ ؛ كَقَوْلِكَ : خَاتَمُ حَدِيدٍ ، وَثَوْبُ خَزٍّ ، وَخَاتَمُ فِضَّةٍ . وَيَجُوزُ الْفَصْلُ ، وَإِتْبَاعُ الْجِنْسِ لِمَا قَبْلَهُ وَنَصْبُهُ وَجَرُّهُ بِـ ( مِنْ ) وَالَّذِي يَظْهَرُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127يَتَامَى النِّسَاءِ ، وَفِي سَحْقِ عِمَامَةٍ أَنَّهَا إِضَافَةٌ عَلَى مَعْنَى اللَّامِ ، وَمَعْنَى اللَّامِ الِاخْتِصَاصُ . وَقَرَأَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ : ( فِي يَتَامَى النِّسَاءِ ) بِيَاءَيْنِ ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ جِنِّيٍّ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ أَيَامَى ، فَأُبْدِلَ مِنَ الْهَمْزَةِ يَاءً ، كَمَا قَالُوا :
بَاهِلَةُ بْنُ يَعْصُرَ ، وَإِنَّمَا هُوَ
أَعْصُرُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ :
أَثْنَاكَ أَنَّ أَبَاكَ غَيَّرَ لَوْنَهُ كَرُّ اللَّيَالِي وَاخْتِلَافُ الْأَعْصُرِ
وَقَالُوا فِي عَكْسِ ذَلِكَ : قَطَعَ اللَّهُ أَيْدَهُ يُرِيدُونَ يَدَهُ ؛ فَأُبْدِلَ مِنَ الْيَاءِ هَمْزَةً . وَأَيَامَى جَمْعُ أَيِّمٍ عَلَى وَزْنِ فَعِيلٍ ، وَهُوَ مِمَّا اخْتَصَّ بِهِ الْمُعْتَلُّ ، وَأَصْلُهُ : أَيَايِمُ كَسَيَايِدَ جَمْعُ سَيِّدٍ ، قُلِبَتِ اللَّامُ مَوْضِعَ الْعَيْنِ فَجَاءَ أَيَامَى ، فَأُبْدِلَ مِنَ الْكَسْرَةِ فَتْحَةً انْقَلَبَتِ الْيَاءُ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابْنُ جِنِّيٍّ : وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ : كُسِّرَ أَيِّمٍ عَلَى أَيْمَى عَلَى وَزْنِ سَكْرَى ، ثُمَّ كُسِّرَ أَيْمَى عَلَى أَيَامَى لَكَانَ وَجَهًا حَسَنًا .
وَمَعْنَى مَا كُتِبَ لَهُنَّ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَمُجَاهِدٌ وَجَمَاعَةٌ : هُوَ الْمِيرَاثُ . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ الصَّدَاقُ ، وَالْمُخَاطَبُ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127لَا تُؤْتُونَهُنَّ أَوْلِيَاءُ الْمَرْأَةِ كَانُوا يَأْخُذُونَ صَدَقَاتِ النِّسَاءِ ، وَلَا يُعْطُونَهُنَّ شَيْئًا . وَقِيلَ أَوْلِيَاءُ الْيَتَامَى كَانُوا يُزَوِّجُونَ الْيَتَامَى اللَّوَاتِي فِي حُجُورِهِنَّ ، وَلَا يَعْدِلُونَ فِي صَدَقَاتِهِنَّ . وَقُرِئَ : " مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُنَّ " . وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ ، هَذَا اللَّفْظُ يَحْتَمِلُ الرَّغْبَةَ وَالنَّفْرَةَ ؛ فَالْمَعْنَى فِي الرَّغْبَةِ فِي أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ لِمَا لَهُنَّ أَوْ لِجَمَالِهِنَّ وَالنَّفْرَةِ ، وَتَرْغَبُونَ عَنْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ لِقُبْحِهِنَّ فَتُمْسِكُوهُنَّ رَغْبَةً فِي أَمْوَالِهِنَّ . وَالْأَوَّلُ قَوْلُ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَجَمَاعَةٍ انْتَهَى . وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَأْخُذُ النَّاسَ بِالدَّرَجَةِ الْفُضْلَى فِي هَذَا الْمَعْنَى ؛ فَكَانَ إِذَا سَأَلَ الْوَلِيَّ عَنْ وَلِيَّتِهِ ؛ فَقِيلَ هِيَ غَنِيَّةٌ جَمِيلَةٌ قَالَ لَهُ : اطْلُبْ لَهَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ ، وَأَعْوَدُ عَلَيْهَا بِالنَّفْعِ . وَإِذَا قِيلَ هِيَ دَمِيمَةٌ فَقِيرَةٌ قَالَ لَهُ : أَنْتَ أَوْلَى بِهَا وَبِالسَّتْرِ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِكَ . وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=98الْمُسْتَضْعَفِينَ مَعْطُوفٌ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127يَتَامَى النِّسَاءِ وَالَّذِي تُلِيَ فِيهِمْ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ) الْآيَةَ ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ لَا تُوَرِّثُ الصَّبِيَّةَ ، وَلَا الصَّبِيَّ الصَّغِيرَ ، وَكَانَ الْكَبِيرُ يَنْفَرِدُ بِالْمَالِ ، وَكَانُوا يَقُولُونَ : إِنَّمَا يَرِثُ مَنْ يَحْمِي الْحَوْزَةَ ، وَيَرُدُّ الْغَنِيمَةَ ، وَيُقَاتِلُ عَنِ الْحَرِيمِ ، فَفَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى لِكُلِّ وَاحِدٍ حَقَّهُ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خِطَابًا لِلْأَوْصِيَاءِ ؛ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ ) ، وَقِيلَ الْمُسْتَضْعَفِينَ هُنَا الْعَبِيدُ وَالْإِمَاءُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ ) هُوَ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ عَطْفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ أَيْ وَفِي أَنْ تَقُومُوا . وَالَّذِي تُلِيَ فِي هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ ) إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ . وَالْقِسْطُ : الْعَدْلُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا ؛ بِمَعْنَى وَيَأْمُرُكُمْ ، أَنْ تَقُومُوا . وَهُوَ خِطَابٌ لِلْأَئِمَّةِ فِي أَنْ يَنْظُرُوا لَهُمْ ، وَيَسْتَوْفُوا لَهُمْ حُقُوقَهُمْ ، وَلَا يُخَلُّوا أَحَدًا يَهْتَضِمُهُمْ ، انْتَهَى . وَفِي رَيِّ الظَّمْآنِ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرْفَعَ ، وَأَنْ تَقُومُوا بِالِابْتِدَاءِ ، وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ ; أَيْ خَيْرٌ
[ ص: 363 ] لَكُمْ ، انْتَهَى . وَإِذَا أَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ حَذْفٍ ؛ بِكَوْنِهِ قَدْ عُطِفَ عَلَى مَجْرُورٍ ، كَانَ أَوْلَى مِنْ إِضْمَارِ نَاصِبٍ ؛ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ . وَمِنْ كَوْنِهِ مُبْتَدَأً قَدْ حُذِفَ خَبَرُهُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا ) لَمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُ النِّسَاءِ ، وَيَتَامَى النِّسَاءِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَالْقِيَامِ بِالْقِسْطِ ؛ عَقَّبَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ مَا يَفْعَلُ مِنَ الْخَيْرِ بِسَبَبِ مَنْ ذَكَرَ ، فَيُجَازِي عَلَيْهِ بِالثَّوَابِ الْجَزِيلِ . وَاقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ فِعْلِ الْخَيْرِ ; لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي رَغَّبَ فِيهِ ، وَإِنْ كَانَ تَعَالَى يَعْلَمُ مَا يَفْعَلُ مِنْ خَيْرٍ وَمِنْ شَرٍّ ، وَيُجَازِي عَلَى ذَلِكَ بِثَوَابِهِ ، وَعِقَابِهِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128nindex.php?page=treesubj&link=28975وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ) نَزَلَتْ بِسَبَبِ
ابْنِ بِعَكَكَ وَامْرَأَتِهِ ؛ قَالَهُ
مُجَاهِدٌ . وَبِسَبَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=46رَافِعِ بْنِ خُدَيْجٍ ، وَامْرَأَتِهِ
خَوْلَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ ، وَكَانَتْ قَدْ أَسَنَّتْ فَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا شَابَّةً فَآثَرَهَا ؛ فَلَمْ تَصْبِرْ خَوْلَةُ فَطَلَّقَهَا ثُمَّ رَاجَعَهَا ، وَقَالَ : إِنَّمَا هِيَ وَاحِدَةٌ ؛ فَإِمَّا أَنْ تَقْوَيْ عَلَى الْأَثَرَةِ وَإِلَّا طَلَّقْتُكِ فَفَرَّتْ ؛ قَالَهُ
عُبَيْدَةُ nindex.php?page=showalam&ids=16049وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ nindex.php?page=showalam&ids=15990وَابْنُ الْمُسَيَّبِ . أَوْ بِسَبَبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=showalam&ids=93وَسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ خَشِيَتْ طَلَاقَهَا فَقَالَتْ : لَا تُطَلِّقْنِي ، وَاحْبِسْنِي مَعَ نِسَائِكَ ، وَلَا تَقْسِمْ لِي ؛ فَفَعَلَ ؛ فَنَزَلَتْ ؛ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٌ .
وَالْخَوْفُ هُنَا عَلَى بَابِهِ ؛ لَكِنَّهُ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِظُهُورِ أَمَارَاتٍ مَا تَدُلُّ عَلَى وُقُوعِ الْخَوْفِ . وَقِيلَ مَعْنَى خَافَتْ عَلِمَتْ . وَقِيلَ ظَنَّتْ . وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْرُجَ عَنِ الظَّاهِرِ ; إِذِ الْمَعْنَى مَعَهُ يَصِحُّ . وَالنُّشُوزُ : أَنْ يُجَافِيَ عَنْهَا بِأَنْ يَمْنَعَهَا نَفْسَهُ وَنَفَقَتَهُ وَالْمَوَدَّةَ الَّتِي بَيْنَهُمَا ، وَأَنَّ يُؤْذِيَهَا بِسَبَبٍ أَوْ ضَرْبٍ . وَالْإِعْرَاضُ : أَنْ يُقِلَّ مُحَادَثَتَهَا ، وَمُآنَسَتَهَا لِطَعْنٍ فِي سِنٍّ أَوْ دَمَامَةٍ ، أَوْ شَيْنٍ فِي خُلُقٍ أَوْ خَلْقٍ ، أَوْ مَلَالٍ ، أَوْ طُمُوحِ عَيْنٍ إِلَى أُخْرَى ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ، وَهُوَ أَخَفُّ النُّشُوزِ . فَرَفَعَ الْجُنَاحَ بَيْنَهُمَا فِي الصُّلْحِ بِجَمِيعِ أَنْوَاعٍ مِنْ بَذْلٍ مِنَ الزَّوْجِ لَهَا عَلَى أَنْ تَصْبِرَ ، أَوْ بَذْلٍ مِنْهَا لَهُ عَلَى أَنْ يُؤْثِرَهَا ، وَعَنْ أَنْ يُؤْثِرَ ، وَتَتَمَسَّكُ بِالْعِصْمَةِ ، أَوْ عَلَى صَبْرٍ عَلَى الْأَثَرَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ؛ فَهَذَا كُلُّهُ مُبَاحٌ . وَرَتَّبَ رَفْعَ الْجُنَاحِ عَلَى تَوَقُّعِ الْخَوْفِ ، وَظُهُورِ أَمَارَاتِ النُّشُوزِ وَالْإِعْرَاضِ ؛ وَهُوَ مَعَ وُقُوعِ تِلْكَ وَتَحَقُّقِهَا أَوْلَى ; لِأَنَّهُ إِذَا أُبِيحَ الصُّلْحُ مَعَ خَوْفِ ذَلِكَ ؛ فَهُوَ مَعَ الْوُقُوعِ أَوْكَدُ ; إِذْ فِي الصُّلْحِ بَقَاءُ الْأُلْفَةِ وَالْمَوَدَّةِ . وَمِنْ أَنْوَاعِ الصُّلْحِ أَنْ تَهَبَ يَوْمَهَا لِغَيْرِهَا مِنْ نِسَائِهِ كَمَا فَعَلَتْ
nindex.php?page=showalam&ids=93سَوْدَةُ ، وَأَنْ تَرْضَى بِالْقَسْمِ لَهَا فِي مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ مَرَّةً ، أَوْ تَهَبَ لَهُ الْمَهْرَ أَوْ بَعْضَهُ أَوِ النَّفَقَةَ ؛ وَالْحَقُّ الَّذِي لِلْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ هُوَ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ ؛ وَالْقَسَمُ هُوَ عَلَى إِسْقَاطِ ذَلِكَ أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا ، وَذَلِكَ جَائِزٌ .
وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ : ( يُصْلِحَا ) مِنْ أَصْلَحَ عَلَى وَزْنِ أَكْرَمَ . وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ : يَصَّالَحَا ، وَأَصْلُهُ يَتَصَالَحَا ، وَأُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي الصَّادِ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16536عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ : يُصَالِحَا مِنَ الْمُفَاعَلَةِ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ : إِنِ اصَّالَحَا ، وَهِيَ قِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ ؛ جُعِلَ مَاضِيًا . وَأَصْلُهُ تَصَالَحَ عَلَى وَزْنِ تَفَاعَلَ ، فَأَدْغَمَ التَّاءَ فِي الصَّادِ ، وَاجْتُلِبَتْ هَمْزَةُ الْوَصْلِ وَالصُّلْحُ لَيْسَ مَصْدَرَ الشَّيْءِ مِنْ هَذِهِ الْأَفْعَالِ الَّتِي قُرِئَتْ ؛ فَإِنْ كَانَ اسْمًا لِمَا يُصْلَحُ بِهِ كَالْعَطَاءِ وَالْكَرَامَةِ مَعَ أَعْطَيْتُ ، وَأَكْرَمْتُ ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ انْتِصَابُهُ عَلَى إِسْقَاطِ حَرْفِ الْجَرِّ ; أَيْ يُصْلَحُ أَيْ بِشَيْءٍ يَصْطَلِحَانِ عَلَيْهِ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا لِهَذِهِ الْأَفْعَالِ عَلَى حَذْفِ الزَّوَائِدِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ) ظَاهِرُهُ أَنَّ خَيْرًا أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ ، وَأَنَّ الْمُفَضَّلَ عَلَيْهِ هُوَ مِنَ النُّشُوزِ وَالْإِعْرَاضِ ، فَحُذِفَ لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ . وَقِيلَ مِنَ الْفُرْقَةُ . وَقِيلَ مِنَ الْخُصُومَةِ ، وَتَكُونُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي الصُّلْحِ لِلْعَهْدِ ، وَيَعْنِي بِهِ صُلْحًا السَّابِقَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=15كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=16فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ ) . وَقِيلَ الصُّلْحُ عَامٌّ . وَقِيلَ الصُّلْحُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي تَسْكُنُ إِلَيْهِ النُّفُوسُ ، وَيَزُولُ بِهِ الْخِلَافُ ، وَيَنْدَرِجُ تَحْتَهُ صُلْحُ الزَّوْجَيْنِ ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى : خَيْرٌ مِنَ الْفُرْقَةِ وَالِاخْتِلَافِ . وَقِيلَ خَيْرٌ هُنَا لَيْسَ أَفْعَلَ تَفْضِيلٍ ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ خَيْرٌ مِنَ الْخُيُورِ ، كَمَا أَنَّ الْخُصُومَةَ شَرٌّ مِنَ الشُّرُورِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128nindex.php?page=treesubj&link=28975وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ ) هَذَا مِنْ بَابِ الْمُبَالَغَةِ جُعِلَ الشُّحُّ كَأَنَّهُ شَيْءٌ مُعَدٌّ فِي مَكَانٍ . وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ ،
[ ص: 364 ] وَسِيقَتْ إِلَيْهِ ، وَلَمْ يَأْتِ ، وَأُحْضِرَ الشُّحُّ الْأَنْفُسَ فَيَكُونُ مَسُوقًا إِلَى الْأَنْفُسِ ، بَلِ الْأَنْفُسُ سِيقَتْ إِلَيْهِ ; لِكَوْنِ الشُّحِّ مَجْبُولًا عَلَيْهِ الْإِنْسَانُ ، وَمَرْكُوزًا فِي طَبِيعَتِهِ ، وَخَصَّ الْمُفَسِّرُونَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ هُنَا ؛ فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ : هُوَ شُحُّ الْمَرْأَةِ بِنَصِيبِهَا مِنْ زَوْجِهَا ، وَمَالِهَا . وَقَالَ
الْحَسَنُ ،
وَابْنُ زَيْدٍ : هُوَ شُحُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحَقِّهِ . وَقَالَ
الْمَاتُرِيدِيُّ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالشُّحِّ الْحِرْصُ ، وَهُوَ أَنْ يَحْرِصَ كُلٌّ عَلَى حَقِّهِ يُقَالُ : هُوَ شَحِيحٌ بِمَوَدَّتِكَ ; أَيْ حَرِيصٌ عَلَى بَقَائِهَا ، وَلَا يُقَالُ فِي هَذَا بَخِيلٌ ، فَكَأَنَّ الشُّحَّ وَالْحِرْصَ وَاحِدٌ فِي الْمَعْنَى ؛ وَإِنْ كَانَ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ الشُّحُّ لِلْمَنْعِ وَالْحِرْصُ لِلْمَطْلَبِ ؛ فَأُطْلِقَ عَلَى الْحِرْصِ الشُّحُّ ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَبَبٌ لِكَوْنِ الْآخَرِ ، وَلِأَنَّ الْبُخْلَ يُحْمَلُ عَلَى الْحِرْصِ ، وَالْحِرْصُ يُحْمَلُ عَلَى الْبُخْلِ ، انْتَهَى .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ اعْتِرَاضٌ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ . وَمَعْنَى إِحْضَارِ الْأَنْفُسِ الشُّحَّ : أَنَّ الشُّحَّ جُعِلَ حَاضِرًا لَهَا لَا يَغِيبُ عَنْهَا أَبَدًا ، وَلَا تَنْفَكُّ عَنْهُ ؛ يَعْنِي : أَنَّهَا مَطْبُوعَةٌ عَلَيْهِ . وَالْغَرَضُ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَكَادُ تَسْمَحُ بِأَنْ يُقْسَمَ لَهَا ، أَوْ يُمْسِكَهَا إِذَا رَغِبَ عَنْهَا ، وَأَحَبَّ غَيْرَهَا ، انْتَهَى . قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128وَالصُّلْحُ خَيْرٌ جُمْلَةٌ اعْتِرَاضِيَّةٌ ، وَكَذَلِكَ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ هُوَ بِاعْتِبَارِ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=130وَإِنْ يَتَفَرَّقَا ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا ) ، وَقَوْلُهُ : وَمَعْنَى إِحْضَارِ الْأَنْفُسِ الشُّحَّ أَنَّ الشُّحَّ جُعِلَ حَاضِرًا لَا يَغِيبُ عَنْهَا أَبَدًا ؛ جَعَلَهُ مِنْ بَابِ الْقَلْبِ ، وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ ؛ بَلِ التَّرْكِيبُ الْقُرْآنِيُّ يَقْتَضِي أَنَّ الْأَنْفُسَ جُعِلَتْ حَاضِرَةً لِلشُّحِّ لَا تَغِيبُ عَنْهُ ; لِأَنَّ الْأَنْفَسَ هُوَ الْمَفْعُولُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ ، وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ فَاعِلَةً قَبْلَ دُخُولِ هَمْزَةِ النَّقْلِ ، إِذِ الْأَصْلُ : حَضَرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ ؛ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ فِي هَذَا الْبَابِ إِقَامَةُ الْمَفْعُولِ الثَّانِي مَقَامَ الْفَاعِلِ عَلَى تَفْصِيلٍ فِي ذَلِكَ ؛ وَإِنْ كَانَ الْأَجْوَدُ عِنْدَهُمْ إِقَامَةَ الْأَوَّلِ . فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْأَنْفَسُ هِيَ الْمَفْعُولَ الثَّانِيَ وَالشُّحُّ هُوَ الْمَفْعُولَ الْأَوَّلَ ، وَقَامَ الثَّانِي مَقَامَ الْفَاعِلِ . وَالْأَوْلَى حَمْلُ الْقُرْآنِ عَلَى الْأَفْصَحِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ . وَقَرَأَ الْعَدَوِيُّ : ( الشِّحُّ ) بِكَسْرِ الشِّينِ ، وَهِيَ لُغَةٌ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ) نَدَبَ تَعَالَى إِلَى الْإِحْسَانِ فِي الْعِشْرَةِ عَلَى النِّسَاءِ ؛ وَإِنْ كَرِهْنَ مُرَاعَاةً لِحَقِّ الصُّحْبَةِ ، وَأَمَرَ بِالتَّقْوَى فِي حَالِهِنَّ ; لِأَنَّ الزَّوْجَ قَدْ تَحْمِلُهُ الْكَرَاهَةُ لِلزَّوْجَةِ عَلَى أَذِيَّتِهَا ، وَخُصُومَتِهَا لَا سِيَّمَا ، وَقَدْ ظَهَرَتْ مِنْهُ أَمَارَاتُ الْكَرَاهَةِ مِنَ النُّشُوزِ وَالْإِعْرَاضِ . وَقَدْ وَصَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِنَّ ؛
فَإِنَّهُنَّ عَوَانٍ عِنْدَ الْأَزْوَاجِ . وَقَالَ
الْمَاتُرِيدِيُّ : وَإِنْ تُحْسِنُوا فِي أَنْ تُعْطُوهُنَّ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِنَّ ، وَتَتَّقُوا فِي أَنْ لَا تَنْقُصُوا مِنْ حَقِّهِنَّ شَيْئًا . أَوْ أَنْ تُحْسِنُوا فِي إِيفَاءِ حَقِّهِنَّ وَالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُنَّ ، وَتَتَّقُوا الْجَوْرَ وَالْمَيْلَ ، وَتَفْضِيلَ بَعْضٍ عَلَى بَعْضٍ . أَوْ أَنْ تُحْسِنُوا فِي اتِّبَاعِ مَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ مِنْ طَاعَتِهِنَّ ، وَتَتَّقُوا مَا نَهَاكُمْ عَنْهُ عَنْ مَعْصِيَتِهِ ، انْتَهَى . وَخَتَمَ آخَرَ هَذِهِ بِصِفَةِ الْخَبِيرِ ، وَهُوَ عِلْمُ مَا يَلْطُفُ إِدْرَاكُهُ وَيَدِقُّ ; لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مِنْ خَفَايَا الْأُمُورِ مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى ، وَلَا يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ لِكُلِّ أَحَدٍ . وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=16689عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ الْخَارِجِيُّ مِنْ آدَمِ النَّاسِ ، وَامْرَأَتُهُ مِنْ أَجْمَلِهِنَّ ؛ فَأَجَالَتْ فِي وَجْهِهِ نَظَرَهَا ثُمَّ تَابَعَتِ الْحَمْدَ لِلَّهِ ، فَقَالَ : مَا لَكِ ؟ قَالَتْ : حَمِدْتُ اللَّهَ عَلَى أَنِّي وَإِيَّاكَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَالَ : كَيْفَ ؟ قَالَتْ : لِأَنَّكَ رُزِقْتَ مِثْلِي فَشَكَرْتَ ، وَرُزِقْتُ مِثْلَكَ فَصَبَرْتُ ، وَقَدْ وَعَدَ اللَّهُ الْجَنَّةَ الشَّاكِرِينَ وَالصَّابِرِينَ .