تنبيه 
اعلم أن الأئمة الأربعة وأصحابهم وجماهير فقهاء الأمصار على أن من نسي صلاة أو نام عنها  قضاها وحدها ولا تلزمه زيادة صلاة أخرى ، قال  البخاري  في صحيحه : ) باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها ولا يعيد إلا تلك الصلاة ( وقال إبراهيم    : من ترك صلاة واحدة عشرين سنة لم يعد إلا تلك الصلاة الواحدة ، حدثنا أبو نعيم  ،  وموسى بن إسماعيل  قالا : حدثنا همام  ، عن قتادة  ، عن أنس  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك   " ، وأقم الصلاة لذكري    [ 20 \ 14 ] ، قال موسى    : قال همام    : سمعته يقول بعد وأقم الصلاة لذكري    [ 20 \ 14 ] ، وقال همام  ، حدثنا قتادة  ،   [ ص: 461 ] حدثنا أنس  عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه اهـ . 
وقال في ) فتح الباري ( في الكلام على هذا الحديث وترجمته : قال علي بن المنير    : صرح  البخاري  بإثبات هذا الحكم مع كونه مما اختلف فيه لقوة دليله ، ولكنه على وفق القياس ، إذ الواجب خمس صلوات لا أكثر ، فمن قضى الفائتة كمل العدد المأمور به ، ولكونه على مقتضى ظاهر الخطاب ، لقول الشارع " فليصلها " ولم يذكر زيادة ، وقال أيضا : " لا كفارة لها إلا ذلك " فاستفيد من هذا الحصر أن لا يجب غير إعادتها ، وذهب مالك  إلى أن من ذكر بعد أن صلى صلاة أنه لم يصل التي قبلها  فإنه يصلي التي ذكر ، ثم يصلي التي كان صلاها مراعاة للترتيب . انتهى منه ، فإن قيل : جاء في صحيح مسلم  في بعض طرق حديث أبي قتادة  في قصة نوم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن صلاة الصبح حتى ضربتهم الشمس ما نصه : ثم قال - يعني النبي صلى الله عليه وسلم : " أما إنه ليس في النوم تفريط إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى ، فمن فعل ذلك فليصلها حين ينتبه لها ، فإذا كان الغد فليصلها عند وقتها   " اهـ . 
فقوله في هذا الحديث : فإذا كان الغد . . . إلخ يدل على أنه يقضي الفائتة مرتين : الأولى عند ذكرها ، والثانية : عند دخول وقتها من الغد ؟ فالجواب ما ذكره النووي  في شرحه للحديث المذكور قال : وأما قوله صلى الله عليه وسلم : " فإذا كان الغد فليصلها عند وقتها   " فمعناه أنه إذا فاتته صلاة فقضاها لا يتغير وقتها  ويتحول في المستقبل ، بل يبقى كما كان ، فإذا كان الغد صلى صلاة الغد في وقتها المعتاد ولا يتحول ، وليس معناه أنه يقضي الفائتة مرتين : مرة في الحال ، ومرة في الغد ، وإنما معناه ما قدمناه ، فهذا هو الصواب في معنى هذا الحديث ، وقد اضطربت أقوال العلماء فيه ، واختار المحققون ما ذكرته ، والله أعلم . انتهى منه ، وهذا الذي فسر به هذه الرواية هو الذي يظهر لنا صوابه والعلم عند الله تعالى . 
ولكن جاء في سنن أبي داود  في بعض طرق حديث أبي قتادة  في قصة النوم عن الصلاة  المذكورة ما نصه : " فمن أدرك منكم صلاة الغد من غد صالحا فليقض معها مثلها   " اهـ ، وهذا اللفظ صريح في أنه يقضي الفائتة مرتين ، ولا يحتمل المعنى الذي فسر به النووي  وغيره لفظ رواية مسلم    . 
وللعلماء عن هذه الرواية أجوبة ، قال ابن حجر  في ( فتح الباري ) بعد أن أشار إلى رواية أبي داود  المذكورة ما نصه : قال الخطابي    : لا أعلم أحدا قال بظاهره وجوبا ، قال : ويشبه أن يكون الأمر فيه للاستحباب ليحوز فضيلة الوقت في القضاء . انتهى ، ولم يقل أحد من السلف باستحباب ذلك أيضا ، بل عدوا الحديث غلطا من راويه ، حكى ذلك الترمذي  وغيره عن  البخاري  ، ويؤيده ما رواه   [ ص: 462 ]  النسائي  من حديث  عمران بن حصين  أنهم قالوا : يا رسول الله ، ألا نقضيها لوقتها من الغد ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : " لا ينهاكم الله عن الربا ويأخذه منكم   " . انتهى كلام صاحب الفتح ، وحديث عمران  المذكور قد قدمناه وذكرنا من أخرجه ، والعلم عند الله تعالى . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					