أما استدلال بعض الظاهرية ومن تبعه بهذه الآية التي نحن بصددها وأمثالها من الآيات على كابن حزم ، ومنع التقليد من أصله - فهو من وضع القرآن في غير موضعه ، وتفسيره بغير معناه ، كما هو كثير في [ ص: 147 ] منع الاجتهاد في الشرع مطلقا ، وتضليل القائل به الظاهرية ; لأن مشروعية سؤال الجاهل للعالم وعمله بفتياه أمر معلوم من الدين بالضرورة ، ومعلوم أنه كان العامي يسأل بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيفتيه فيعمل بفتياه ، ولم ينكر ذلك أحد من المسلمين ; كما أنه من المعلوم أن المسألة إن لم يوجد فيها نص من كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فاجتهاد العالم حينئذ بقدر طاقته في تفهم كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ليعرف حكم المسكوت عنه من المنطوق به - لا وجه لمنعه ، وكان جاريا بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم ينكره أحد من المسلمين . وسنوضح غاية الإيضاح إن شاء الله تعالى " في سورة الأنبياء والحشر " مسألة الاجتهاد في الشرع ، واستنباط حكم المسكوت عنه من المنطوق به بإلحاقه به ، قياسا كان الإلحاق أو غيره ، ونبين أدلة ذلك ، ونوضح رد شبه المخالفين كالظاهرية والنظام ، ومن قال بقولهم في احتجاجهم بأحاديث وآيات من كتاب الله على دعواهم ، وبشبه عقلية حتى يتضح بطلان جميع ذلك .