ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه أصحاب الكهف سنين عددا ، ولم يبين قدر هذا العدد هنا ، ولكنه بينه في موضع آخر وهو قوله : ضرب على آذان ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا [ 18 \ 25 ] .
وضربه جل وعلا على آذانهم في هذه الآية كناية عن كونه أنامهم ، ومفعول " ضربنا " محذوف ، أي ضربنا على آذانهم حجابا مانعا من السماع فلا يسمعون شيئا يوقظهم ، والمعنى : أنمناهم إنامة ثقيلة لا تنبههم فيها الأصوات .
وقوله : سنين عددا على حذف مضاف ; أي ذات عدد ، أو مصدر بمعنى اسم المفعول ، أي سنين معدودة ، وقد ذكرنا الآية المبينة لقدر عددها بالسنة القمرية [ ص: 208 ] والشمسية ، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى : وازدادوا تسعا [ 18 \ 25 ] .
وقال أبو حيان في البحر في قوله : فضربنا على آذانهم [ 18 \ 11 ] عبر بالضرب ليدل على قوة المباشرة واللصوق واللزوم ، ومنه : وضربت عليهم الذلة [ 2 \ 61 ] ، وضرب الجزية وضرب البعث ، وقال : الفرزدق
ضرب عليك العنكبوت بنسجها وقضى عليك به الكتاب المنزل
وقال الأسود بن يعفر :
ومن الحوادث لا أبا لك أنني
ضربت علي الأرض بالأسداد
وقال آخر :
إن المروءة والسماحة والندى
في قبة ضربت على ابن الحشرج
وذكر الجارحة التي هي الآذان ( إذ هي يكون منها السمع ) لأنه لا يستحكم نوم إلا مع تعطل السمع ، وفي الحديث : " " ; أي استثقل نومه جدا حتى لا يقوم بالليل . اهـ كلام ذلك رجل بال الشيطان في أذنه أبي حيان .