nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=194nindex.php?page=treesubj&link=28974_29674_32063ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك أي أعطنا ما وعدتنا من الجزاء الحسن كالنصر في الدنيا والنعيم في الآخرة - وخصه بعضهم بالدنيا ، وبعضهم بالآخرة - جزاء على تصديق رسلك ، واتباعهم ، إذ استجبنا لهم وآمنا بما جاءوا به ، أو ما وعدتنا به منزلا على رسلك ، أو ما وعدتنا به على ألسنة رسلك . والمعنى : أعطنا ذلك بتوفيقنا للثبات على ما نستحقه به إلى أن تتوفانا مع الأبرار ، وهذه الغاية بالنسبة إلى جزاء الآخرة ، وفيه هضم لنفوسهم ، واستشعار تقصيرها ، وعدم الثقة بثباتها إلا بتوفيقه وعنايته - عز وجل - ، وقيل إن الدعاء لإظهار العبودية فقط .
وقال الأستاذ الإمام :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=194على رسلك معناه لأجل رسلك ، أي لأجل رسلك ، أي لأجل اتباعهم ، والإيمان بهم . فجعل " على " للتعليل ، ولا أذكر هذا لغيره هنا ، ثم ذكر ما قيل من استشكال هذا السؤال منهم مع إيمانهم بأن الله لا يخلف الميعاد ، واختار في الجواب عنه : أن هؤلاء قوم هداهم النظر والفكر إلى معرفة الله - تعالى - واستشعار عظمته وسلطانه ، وإلى ضعف أنفسهم عن القيام بما يجب من شكره ، والقيام بحقوقه ، وحقوق خلقه ، فطلبوا المغفرة ، والتكفير ، والعناية الإلهية التي تبلغهم ما وعد الله من استجابوا للرسل ، ونصروهم ، وأحسنوا اتباعهم ; وهو ما أشرنا إليه آنفا ; ولذلك قالوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=194ولا تخزنا يوم القيامة أي لا تفضحنا وتهتك سترنا يوم القيامة بإدخالنا النار التي يخزى من دخلها - كما تقدم في الآية التي قبل هذه - ونقل
الرازي عن حكماء الإسلام أن المراد بالخزي هنا العذاب الروحاني ; لأنهم طلبوا الوقاية من النار من قبل ، وهو العذاب الجسماني ، واستنبط من الابتداء بطلب النجاة من العذاب الجسماني ، وجعل طلب النجاة من العذاب الروحاني آخرا ، وختاما ، إذ العذاب الروحاني أشد ، ويعنون بالعذاب الروحاني الحرمان من الرضوان الأكبر بكمال العرفان الإلهي الذي ذكره الله - تعالى - في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=72وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم [ 9 : 72 ] ولكن طلب النجاة من الخزي
[ ص: 250 ] لا يدل على ما ذهبوا إليه ، وأما كلمة :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=194إنك لا تخلف الميعاد فهي ثناء ختم به الدعاء ولا شك أن الوعد يصيبهم إذا قاموا بما ترتب هو عليه من الإيمان والعمل الصالح ، فإن الوعد كما قال
الرازي : " لا يتناول آحاد الأمة بأعيانهم بل إنما يتناولهم بحسب أوصافهم " ، وقد قال - تعالى - في الوعد بسيادة الدنيا :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض [ 24 : 55 ] الآية ، وقال فيه :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=7إن تنصروا الله ينصركم [ 47 : 7 ] وقال في الوعد بسعادة الآخرة :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=72وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات [ 9 : 72 ] الآية ، وقد ذكرت كلها آنفا . وفي معناها آيات كثيرة ، فكل من الوعدين مترتب على الإيمان ، وعمل الصالحات ، ولكن المحرفين لدين الله يجعلون كل جزاء حسن للأفراد بحسب ذواتهم ، أو ذوات غيرهم من الصالحين الذين يدعونهم ويتوسلون بهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=194nindex.php?page=treesubj&link=28974_29674_32063رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ أَيْ أَعْطِنَا مَا وَعَدْتَنَا مِنَ الْجَزَاءِ الْحَسَنِ كَالنَّصْرِ فِي الدُّنْيَا وَالنَّعِيمِ فِي الْآخِرَةِ - وَخَصَّهُ بَعْضُهُمْ بِالدُّنْيَا ، وَبَعْضُهُمْ بِالْآخِرَةِ - جَزَاءً عَلَى تَصْدِيقِ رُسُلِكَ ، وَاتِّبَاعِهِمْ ، إِذِ اسْتَجَبْنَا لَهُمْ وَآمَنَّا بِمَا جَاءُوا بِهِ ، أَوْ مَا وَعَدْتَنَا بِهِ مُنْزَلًا عَلَى رُسُلِكَ ، أَوْ مَا وَعَدْتَنَا بِهِ عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِكَ . وَالْمَعْنَى : أَعْطِنَا ذَلِكَ بِتَوْفِيقِنَا لِلثَّبَاتِ عَلَى مَا نَسْتَحِقُّهُ بِهِ إِلَى أَنْ تَتَوَفَّانَا مَعَ الْأَبْرَارِ ، وَهَذِهِ الْغَايَةُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى جَزَاءِ الْآخِرَةِ ، وَفِيهِ هَضْمٌ لِنُفُوسِهِمْ ، وَاسْتِشْعَارُ تَقْصِيرِهَا ، وَعَدَمُ الثِّقَةِ بِثَبَاتِهَا إِلَّا بِتَوْفِيقِهِ وَعِنَايَتِهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ، وَقِيلَ إِنَّ الدُّعَاءَ لِإِظْهَارِ الْعُبُودِيَّةِ فَقَطْ .
وَقَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=194عَلَىْ رُسُلِكَ مَعْنَاهُ لِأَجْلِ رُسُلِكَ ، أَيْ لِأَجْلِ رُسُلِكَ ، أَيْ لِأَجْلِ اتِّبَاعِهِمْ ، وَالْإِيمَانِ بِهِمْ . فَجَعَلَ " عَلَى " لِلتَّعْلِيلِ ، وَلَا أَذْكُرُ هَذَا لِغَيْرِهِ هُنَا ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا قِيلَ مِنَ اسْتِشْكَالِ هَذَا السُّؤَالِ مِنْهُمْ مَعَ إِيمَانِهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ، وَاخْتَارَ فِي الْجَوَابِ عَنْهُ : أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ هَدَاهُمُ النَّظَرُ وَالْفِكْرُ إِلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَاسْتِشْعَارِ عَظَمَتِهِ وَسُلْطَانِهِ ، وَإِلَى ضَعْفِ أَنْفُسِهِمْ عَنِ الْقِيَامِ بِمَا يَجِبُ مِنْ شُكْرِهِ ، وَالْقِيَامِ بِحُقُوقِهِ ، وَحُقُوقِ خَلْقِهِ ، فَطَلَبُوا الْمَغْفِرَةَ ، وَالتَّكْفِيرَ ، وَالْعِنَايَةَ الْإِلَهِيَّةَ الَّتِي تُبَلِّغُهُمْ مَا وَعَدَ اللَّهُ مَنِ اسْتَجَابُوا لِلرُّسُلِ ، وَنَصَرُوهُمْ ، وَأَحْسَنُوا اتِّبَاعَهُمْ ; وَهُوَ مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ آنِفًا ; وَلِذَلِكَ قَالُوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=194وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْ لَا تَفْضَحْنَا وَتَهْتِكْ سِتْرَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِإِدْخَالِنَا النَّارَ الَّتِي يَخْزَى مَنْ دَخَلَهَا - كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ - وَنَقَلَ
الرَّازِيُّ عَنْ حُكَمَاءِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخِزْيِ هُنَا الْعَذَابُ الرُّوحَانِيُّ ; لِأَنَّهُمْ طَلَبُوا الْوِقَايَةَ مِنَ النَّارِ مِنْ قَبْلُ ، وَهُوَ الْعَذَابُ الْجُسْمَانِيُّ ، وَاسْتَنْبَطَ مِنَ الِابْتِدَاءِ بِطَلَبِ النَّجَاةِ مِنَ الْعَذَابِ الْجُسْمَانِيِّ ، وَجَعَلَ طَلَبَ النَّجَاةِ مِنَ الْعَذَابِ الرُّوحَانِيِّ آخِرًا ، وَخِتَامًا ، إِذِ الْعَذَابُ الرُّوحَانِيُّ أَشَدُّ ، وَيَعْنُونَ بِالْعَذَابِ الرُّوحَانِيِّ الْحِرْمَانَ مِنَ الرِّضْوَانِ الْأَكْبَرِ بِكَمَالِ الْعِرْفَانِ الْإِلَهِيِّ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=72وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [ 9 : 72 ] وَلَكِنَّ طَلَبَ النَّجَاةِ مِنَ الْخِزْيِ
[ ص: 250 ] لَا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ ، وَأَمَّا كَلِمَةُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=194إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ فَهِيَ ثَنَاءٌ خَتَمَ بِهِ الدُّعَاءَ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْوَعْدَ يُصِيبُهُمْ إِذَا قَامُوا بِمَا تَرَتَّبَ هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ ، فَإِنَّ الْوَعْدَ كَمَا قَالَ
الرَّازِيُّ : " لَا يَتَنَاوَلُ آحَادَ الْأُمَّةِ بِأَعْيَانِهِمْ بَلْ إِنَّمَا يَتَنَاوَلُهُمْ بِحَسَبِ أَوْصَافِهِمْ " ، وَقَدْ قَالَ - تَعَالَى - فِي الْوَعْدِ بِسِيَادَةِ الدُّنْيَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لِيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ [ 24 : 55 ] الْآيَةَ ، وَقَالَ فِيهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=7إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ [ 47 : 7 ] وَقَالَ فِي الْوَعْدِ بِسَعَادَةِ الْآخِرَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=72وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ [ 9 : 72 ] الْآيَةَ ، وَقَدْ ذُكِرَتْ كُلُّهَا آنِفًا . وَفِي مَعْنَاهَا آيَاتٌ كَثِيرَةٌ ، فَكُلٌّ مِنَ الْوَعْدَيْنِ مُتَرَتِّبٌ عَلَى الْإِيمَانِ ، وَعَمَلِ الصَّالِحَاتِ ، وَلَكِنَّ الْمُحَرِّفِينَ لِدِينِ اللَّهِ يَجْعَلُونَ كُلَّ جَزَاءٍ حَسَنٍ لِلْأَفْرَادِ بِحَسَبِ ذَوَاتِهِمْ ، أَوْ ذَوَاتِ غَيْرِهِمْ مِنَ الصَّالِحِينَ الَّذِينَ يَدْعُونَهُمْ وَيَتَوَسَّلُونَ بِهِمْ .