الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          المسألة الثامنة : التيمم من الجراح والبرد .

                          الجراح من المرض أو في معنى المرض ، فهي مظنة الضرر من استعمال الماء أو المشقة ، وقد ورد في أسباب نزول الآية أن بعض الصحابة فشت فيهم الجراح وأصابتهم الجنابة فنزلت آية التيمم فيهم كما تقدم ، وفي حديث جابر عند أبي داود وابن ماجه والدارقطني ، وصححه ابن السكن قال : " خرجنا في سفر فأصاب رجلا منا حجر فشجه في رأسه ، ثم احتلم فسأل أصحابه هل تجدون لي رخصة في التيمم ؟ فقالوا : ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء فاغتسل فمات ، فلما قدمنا على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أخبر بذلك ، فقال : قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذ لم يعلموا ؟ فإنما شفاء العي السؤال ، إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر ، أو يعصب على جرحه ثم يمسح عليه ويغسل سائر جسده وقد تفرد بهذا الحديث الزبير بن خريق وليس بالقوي ، وروي من طرق أخرى فيها مقال ، وعن عمرو بن العاص : " أنه لما بعث في غزوة ذات السلاسل قال : احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك ، فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح ، فلما قدمنا على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذكروا له ذلك ، فقال : يا عمرو ، صليت بأصحابك وأنت جنب ؟ فقلت : ذكرت قول الله تعالى : ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ( 4 : 29 ) ، فتيممت ثم صليت ، فضحك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولم يقل شيئا " رواه أحمد ، وأبو داود ، والدارقطني ، وابن حبان ، والحاكم وأخرجه البخاري تعليقا ، قال العلماء ، إن ضحك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أبلغ في إقرار ذلك من مجرد السكوت على أن سكوته حجة ، فإنه لا يقر على باطل ، واشترط العلماء في التيمم للبرد العجز عن تسخين الماء ، ولو بالأجرة وعن شراء الماء الساخن بالثمن المعتدل .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية