الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ، الدرك بسكون الراء وبه قرأ الكوفيون وبفتحها وبه قرأ الباقون عبارة عن الطبقة أو الدرجة من الجانب الأسفل ; لأن هذه الطبقات متداركة متتابعة ، ودل هذا على أن دار العذاب في الآخرة ذات دركات بعضها أسفل بعض ، كما أن دار النعيم درجات بعضها أعلى من بعض ، نسأل الله أن يجعلنا مع المقربين من أهلها فأولئك لهم الدرجات العلى جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى ( 20 : 75 ، 76 ) .

                          [ ص: 385 ] وإنما كان المنافقون في الدرك الأسفل من النار ; لأنهم شر أهلها بما جمعوا بين الكفر والنفاق ومخادعة الله والمؤمنين وغشهم ، فأرواحهم أسفل الأرواح وأنفسهم أخس الأنفس ، وأكثر الكفار قد أفسد فطرتهم التقليد ، وغلب عليهم الجهل بحقيقة التوحيد ، فهم مع إيمانهم بالله يشركون به غيره ، باتخاذهم شفعاء عنده ، ووسطاء بينهم وبينه ، قياسا على معاملة ملوكهم المستبدين ، وأمرائهم الظالمين ، وهم لا يرضون لأنفسهم النفاق في الدين ومخادعة الله والمؤمنين ، والإصرار على الكذب والغش ، ومقابلة هذا بوجه وذاك بوجه ، فلما كان المنافقون أسفل الناس أرواحا وعقولا كانوا أجدر الناس بالدرك الأسفل من النارولن تجد لهم نصيرا ، ينقذهم من عذابها أو يرفعهم من الطبقة السفلى إلى ما فوقها .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية