فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه القول المشهور المقدم في كتب التفسير التي بين أيدينا أن الضمير في قوله : آمن به للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو ما أنزل عليه ، أي : من أولئك اليهود من آمن به ومنهم من أعرض عنه ، يقال : صد الرجل عن الشيء إذا أعرض عنه ، ويقال أيضا : صد غيره عنه إذا صرفه عنه ، ونفره منه ، وقيل : إنه عائد إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، أي من آله من آمن به ، ومنهم من لم يؤمن به ، وقيل : إلى ما ذكر من حديث آل إبراهيم ، وقيل : إلى الكتاب ، وقال الأستاذ الإمام : يرجع الضمير إلى ما ذكر من الكتاب والحكمة والملك العظيم ، فأما الإيمان بالكتاب والحكمة ، وهي ما جاء به الأنبياء من بيان أسرار الكتاب فظاهر ، وأما الإيمان بالملك فهو الإيمان بوعد الله تعالى به ، وهكذا شأن الناس في كل شيء لا يتفقون عليه ، وإنما يأخذ به بعضهم ويعرض عنه آخرون .
وكفى بجهنم سعيرا أي : نارا مسعرة لمن صد عنه وآثر إرضاء حسده والعمل بما يزينه له على اتباع الحق ، فهو لا يزال يغريه بنصر الباطل ومعاندة الحق حتى يدسي نفسه ويفسدها ويهبط بها إلى دار الشقاء وهاوية النكال المعبر عنها بجهنم وبالسعير وهي بئس المثوى وبئس المصير .