الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله ، المهاجر كسائر الناس عرضة للموت ، ولما وعد تعالى من يهاجر فيصل إلى دار الهجرة بالظفر بما ينبغي من وجدان المراغم والسعة ، وعد من يموت في الطريق قبل بلوغها بأجر عظيم يضمنه - عز وجل - له ، فمتى خرج من بيته بقصد الهجرة إلى الله أي : حيث يرضي الله وإلى نصرة رسوله في حياته ، ومثلها إقامة سننه بعد وفاته ، كان مستحقا لهذا الأجر ، ولو مات بعد مجاوزته عتبة الباب ، ولم يصب تعبا ولا مشقة ، فإن نية الهجرة مع الإخلاص كافية لاستحقاقه له ، وقد أبهم هذا الأجر وجعله حقا واقعا عليه - تبارك اسمه - للإيذان بعظم قدره ، وتأكيد ثبوته ووجوبه ، والوجوب والوقوع يتواردان على معنى واحد ، ومنه قوله - تعالى - : فإذا وجبت جنوبها ( 22 : 36 ) ، أي : سقطت جنوب البدن عندما تنحر في النسك ، ولله - تعالى - أن يوجب على نفسه ما شاء ، وليس لغيره أن يوجب عليه شيئا إذ لا سلطان فوق سلطانه ، فأين هذا الوعد للمهاجرين في تأكيده ، وإيجابه من وعد تاركي الهجرة لضعفهم وعجزهم من جعله محل الرجاء والطمع فقط ؟ لا يستويان وكان الله غفورا رحيما ، أي : وكان شأنه الثابت له أزلا وأبدا ، أنه غفور يستر ما سبق لأمثال هؤلاء المهاجرين من الذنوب بإيمانهم الذي حملهم على ترك أوطانهم ومعاهد أنسهم لأجل إقامة دينه واتباع سبيله ، رحيما بهم يشملهم بعطفه ويغمرهم بإحسانه .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية