الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          ( ترتيب أعمال الوضوء ) تلك فرائض الوضوء العملية المنصوصة ، وقد ذكرت في الآية مرتبة مع فصل الرجلين عن اليدين - وفريضة كل منهما الغسل - بالرأس الذي فريضته المسح ، ومضت السنة العملية في هذا الترتيب ; فدل ذلك على اشتراطه فيها ، وصح حديث : " ابدأ - وفي رواية : ابدءوا - بما بدأ الله به " . وهو عام ، وإن كان سببه خاصا ; لوروده في السعي بين الصفا والمروة ، ويؤيد الكتاب والسنة في ذلك القياس على سائر العبادات المركبة التي التزم النبي صلى الله عليه وسلم فيها كيفية خاصة ; كالصلاة ، ولا شك في أن الوضوء عبادة ، ومدار الأمر في العبادات على الاتباع ، فليس لأحد أن يخالف المأثور في كيفية وضوئه المطردة ، كما أنه ليس له أن يخالفه في الصلاة ; كعدد الركوع والسجود ، وترتيبهما . ولا يظهر التعبد والإذعان لأمر الشارع وهديه في شيء من العبادة كما يظهر في التزام الكيفية المأثورة .

                          ومن فوائد هذا الالتزام أنه من الأمور التي تتوحد بها شخصية الأمة ، فإنما الأمم بالصفات والأعمال المشتركة التي تجمع بينها ، كما يدل عليه ما ورد في تعليل النهي عن الاختلاف في صفوف الصلاة . وقد صرح الشافعي بعد الترتيب من فرائض الوضوء ، وصرح الحنفية بأنه سنة لا فرض ، ونحمد الله أن كان الخلاف بالقول لا بالعمل ، فالجميع يرتبون هذه الأعمال كما رتبها الله تعالى في كتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم بسنته ، ولو عمل الناس بدعوى الجواز ، فتوضأ كل أهل مذهب بكيفية لكان عملهم هذا من شر ما تفرقوا فيه ، فتفرقت قلوبهم ، وضعف مجموعهم .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية