[ ص: 254 ] فصل  
والمعوذتان من القرآن   واستفاضتهما كاستفاضة جميع القرآن ، وأما ما روي عن   ابن مسعود     . قال  القاضي أبو بكر     : فلم يصح عنه أنهما ليسا بقرآن ، ولا حفظ عنه أنه حكهما وأسقطهما من مصحفه لعلل وتأويلات .  
قال  القاضي     : ولا يجوز أن يضاف إلى  عبد الله ،  أو إلى   أبي بن كعب ،  أو  زيد ،  أو  عثمان ،  أو  علي ،  أو واحد من ولده أو عترته جحد آية أو حرف من كتاب الله وتغييره أو قراءته على خلاف الوجه المرسوم في مصحف الجماعة بأخبار الآحاد ، وأن ذلك لا يحل ، ولا يسمع ، بل لا تصلح إضافته إلى أدنى المؤمنين في عصرنا ، فضلا عن إضافته إلى رجل من الصحابة ، وإن  كلام القنوت المروي عن أبي بن كعب أثبته في مصحفه   لم تقم حجة بأنه قرآن منزل ; بل هو ضرب من الدعاء ، وأنه لو كان قرآنا لنقل نقل القرآن ، وحصل العلم بصحته ، وأنه يمكن أن يكون منه كلام كان قرآنا منزلا ثم نسخ وأبيح الدعاء به ، وخلط بكلام ليس بقرآن ، ولم يصح ذلك عنه ، وإنما روي عنه أنه أثبته في مصحفه ، وقد ثبت في مصحفه ما ليس بقرآن ; من دعاء وتأويل .  
وقال  النووي  في " شرح المهذب " : أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة      [ ص: 255 ] من القرآن ، وأن من جحد منها شيئا كفر ; وما نقل عن   ابن مسعود  باطل ، وليس بصحيح .  
وقال   ابن حزم  في أول كتابه " المحلى " : هذا كذب على   ابن مسعود  موضوع ، وإنما صح عنه قراءة  عاصم  عن   زر بن حبيش  عنه ، وفيها المعوذتان والفاتحة .  
وقال   القاضي أبو بكر بن الطيب  في كتاب " التقريب " : لم ينكر   عبد الله بن مسعود  كون المعوذتين والفاتحة من القرآن ، وإنما أنكر إثباتهما في المصحف وإثبات الحمد ، لأنه كانت السنة عنده ألا يثبت إلا ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإثباته وكتبه ، ولم نجده كتب ذلك ولا سمع أمره به . وهذا تأويل منه ، وليس جحدا لكونهما قرآنا .  
وفي صحيح   ابن حبان  عن  زر     : قلنا   لأبي بن كعب     : إن   ابن مسعود  لا يكتب في مصحفه المعوذتين ، فقال : قال لي رسول الله صلى عليه وسلم :  قال لي  جبريل      :  قل أعوذ برب الفلق      ( الفلق : 1 ) فقلتها ، وقال لي :  قل أعوذ برب الناس      ( الناس : 1 ) فقلتها ، فنحن نقول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم     .  
				
						
						
