[ ص: 276 ] النوع الحادي والأربعون  
معرفة تفسيره وتأويله  
ومعناه   
وهو يتوقف على معرفة . . . . . . . . .      [ ص: 277 ]  [ ص: 278 ]  [ ص: 279 ]  [ ص: 280 ]  [ ص: 281 ]  [ ص: 282 ]  [ ص: 283 ] حقائقه . قال  ابن فارس :  معاني العبارات التي يعبر بها عن الأشياء ، ترجع إلى ثلاثة : المعنى ، والتفسير ، والتأويل ؛ وهي وإن اختلفت فالمقاصد بها متقاربة .  
فأما المعنى فهو القصد والمراد ؛ يقال : عنيت بهذا الكلام كذا ، أي قصدت وعمدت . وهو مشتق من الإظهار ، يقال : عنت القربة إذا لم تحفظ الماء بل أظهرته ، ومنه عنوان الكتاب .  
وقيل : مشتق من قولهم : عنت الأرض بنبات حسن ، إذا أنبتت نباتا حسنا . قلت : وحيث قال المفسرون : قال أصحاب المعاني ، فمرادهم مصنفو الكتب في معاني القرآن   كالزجاج  ومن قبله وغيرهم وفي بعض كلام  الواحدي     : أكبر أهل المعاني  الفراء   والزجاج   وابن الأنباري     . قالوا : كذا وكذا ، و " معاني القرآن "  للزجاج  لم يصنف مثله ، وحيث أطلق المتأخرون أهل المعاني ، فمرادهم بهم مصنفو العلم المشهور .  
وأما  التفسير   في اللغة ، فهو راجع إلى معنى الإظهار والكشف ، وأصله في اللغة من التفسرة ؛ وهي القليل من الماء الذي ينظر فيه الأطباء ، فكما أن الطبيب بالنظر فيه يكشف عن علة المريض ، فكذلك المفسر ، يكشف عن شأن الآية وقصصها ومعناها ، والسبب الذي أنزلت فيه ، وكأنه تسمية بالمصدر ؛ لأن مصدر " فعل " جاء أيضا على " تفعلة " ، نحو : جرب تجربة ، وكرم تكرمة .  
وقال   ابن الأنباري     : قول العرب فسرت الدابة وفسرتها ، إذا ركضتها محصورة لينطلق حصرها ؛ وهو يؤول إلى الكشف أيضا .  
 [ ص: 284 ] فالتفسير كشف المغلق من المراد بلفظه ، وإطلاق للمحتبس عن الفهم به ، ويقال : فسرت الشيء أفسره تفسيرا ، وفسرته أفسره فسرا ، والمزيد من الفعلين أكثر في الاستعمال ، وبمصدر الثاني منها سمى   أبو الفتح بن جني  كتبه الشارحة ( الفسر ) .  
وقال آخرون : هو مقلوب من " سفر " ومعناه أيضا الكشف ؛ يقال : سفرت المرأة سفورا ، إذا ألقت خمارها عن وجهها ، وهي سافرة ، وأسفر الصبح : أضاء ، وسافر فلان ؛ وإنما بنوه على التفعيل ؛ لأنه للتكثير ، كقوله - تعالى - :  يذبحون أبناءكم      ( البقرة : 49 ) ،  وغلقت الأبواب      ( يوسف : 23 ) فكأنه يتبع سورة بعد سورة ، وآية بعد أخرى .  
وقال   ابن عباس  في قوله - تعالى - :  وأحسن تفسيرا      ( الفرقان : 33 ) أي تفصيلا .  
وقال  الراغب     : الفسر والسفر يتقارب معناهما كتقارب لفظيهما ، لكن جعل الفسر لإظهار المعنى المعقول ، ومنه قيل لما ينبئ عنه البول : تفسرة ، وسمي بها قارورة الماء ، وجعل السفر لإبراز الأعيان للأبصار ، فقيل : سفرت المرأة عن وجهها ، وأسفر الصبح .  
وفي الاصطلاح : هو علم نزول الآية وسورتها وأقاصيصها ، والإشارات النازلة فيها ، ثم ترتيب مكيها ومدنيها ، ومحكمها ومتشابهها ، وناسخها ومنسوخها ، وخاصها وعامها ، ومطلقها ومقيدها ، ومجملها ومفسرها .  
وزاد فيها قوم فقالوا : علم حلالها وحرامها ، ووعدها ووعيدها ، وأمرها ونهيها ، وعبرها وأمثالها ، وهذا الذي منع فيه القول بالرأي .  
وأما  التأويل ؛   فأصله في اللغة من الأول ، ومعنى قولهم : ما تأويل هذا الكلام ؟ أي : إلى ما تؤول العاقبة في المراد به ؟ كما قال - تعالى - :  يوم يأتي تأويله      ( الأعراف : 53 ) أي      [ ص: 285 ] تكشف عاقبته ، ويقال : آل الأمر إلى كذا ، أي صار إليه ، وقال - تعالى - :  ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا      ( الكهف : 82 ) .  
وأصله من المآل ، وهو العاقبة والمصير ، وقد أولته فآل ، أي صرفته فانصرف ، فكأن التأويل صرف الآية إلى ما تحتمله من المعاني .  
وإنما بنوه على التفعيل لما تقدم ذكره في التفسير .  
وقيل : أصله من الإيالة ، وهى السياسة ، فكأن المؤول للكلام يسوي الكلام ، ويضع المعنى فيه موضعه .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					