وقال أبو الخطاب من الحنابلة : يحتمل ألا يرجع إليه إذا قلنا إن قوله ليس بحجة ؛ والصواب الأول ؛ لأنه من باب الرواية لا الرأي .
وقد أخرج عن ابن جرير مسروق ، قال : والذي لا إله إلا هو ما نزلت آية في كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت ، وأين نزلت ؛ ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناله المطايا لأتيته . وقال أيضا : كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يتجاوزهن ، حتى يعلم معانيهن ، والعمل بهن . عبد الله بن مسعود
وصدور المفسرين من الصحابة : علي ، ثم - وهو تجرد لهذا الشأن - والمحفوظ عنه أكثر من المحفوظ عن ابن عباس علي ، إلا أن كان أخذ عن ابن عباس علي - ويتلوه وكل ما ورد عن غيرهم من الصحابة فحسن مقدم . عبد الله بن عمرو بن العاص ،
[ ص: 294 ] مسألة
وفي روايتان عن الرجوع إلى قول التابعي أحمد ، واختار ابن عقيل المنع ، وحكوه عن شعبة ، لكن عمل المفسرين على خلافه . وقد حكوا في كتبهم أقوالهم كالضحاك بن مزاحم ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وقتادة ، وأبي العالية الرياحي ، والحسن البصري ، والربيع بن أنس ، ومقاتل بن سليمان ، وعطاء بن أبي [ ص: 295 ] مسلم الخراساني ، ومرة الهمداني ، وعلي بن أبي طلحة الوالبي ، ومحمد بن كعب القرظي ، وأبي بكر الأصم عبد الرحمن بن كيسان ، وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي ، . . . . . . . . . . [ ص: 296 ] وعكرمة مولى ابن عباس ، وعطية العوفي ، وعطاء بن أبي رباح ، . وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم
فهذه تفاسير القدماء المشهورين ، وغالب أقوالهم تلقوها من الصحابة ، ولعل اختلاف الرواية عن أحمد إنما هو فيما كان من أقوالهم وآرائهم .
ومن المبرزين في التابعين : الحسن ، ومجاهد ، ثم يتلوهم وسعيد بن جبير ، عكرمة والضحاك - وإن لم يلق وإنما أخذ عن ابن عباس ، ابن جبير .
وأما علم فكان السدي يطعن عليه وعلى عامر الشعبي أبي صالح لأنه كان يراهما مقصرين في النظر .
وقال الحافظ في كتابه الكامل : أبو أحمد بن عدي للكلبي أحاديث صالحة ، وخاصة عن أبي صالح ، وهو معروف بالتفسير [ ص: 297 ] [ ص: 298 ] وليس لأحد تفسير أطول منه ، ولا أشبع منه ، وبعده إلا أن مقاتل بن سليمان ؛ الكلبي يفضل على مقاتل ؛ لما في مقاتل من المذاهب الرديئة .
ثم بعد هذه الطبقة ألفت كتفسير : تفاسير تجمع أقوال الصحابة والتابعين ، سفيان بن عيينة ، ووكيع بن الجراح ، وشعبة بن الحجاج ، ويزيد بن هارون ، والمفضل ، وعبد الرزاق بن همام الصنعاني ، وإسحاق بن راهويه ، وروح بن عبادة ، ويحيى بن [ ص: 299 ] قريش ، ومالك بن سليمان الهروي ، وعبد بن حميد الكسي ، وعبد الله بن الجراح ، وهشيم بن بشير ، وصالح بن محمد اليزيدي ، وعلي بن حجر بن إياس السعدي ، ويحيى بن محمد بن عبد الله الهروي ، . . . . . . . . [ ص: 300 ] وعلي بن أبي طلحة وغيرهم ، وابن مردويه ، وسنيد ، وغيرهم . والنسائي ،
ووقع في مسند أحمد ، ومعجم والبزار ، وغيرهم كثير من ذلك . الطبراني ،
ثم إن جمع على الناس أشتات التفاسير ، وقرب البعيد . وكذلك محمد بن جرير الطبري . وأما عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي أبو بكر النقاش ، وأبو جعفر [ ص: 301 ] النحاس ، فكثيرا ما استدرك الناس عليهما ، وعلى سننهما ، مكي والمهدوي حسن التأليف ، وكذلك من تبعهم كابن عطية ، وكلهم متقن مأجور ، فجزاهم الله خيرا .
تنبيه
يكثر في معنى الآية أقوالهم واختلافهم ، ويحكيه المصنفون للتفسير بعبارات متباينة الألفاظ ، ويظن من لا فهم عنده أن في ذلك اختلافا فيحكيه أقوالا ، وليس كذلك ، بل يكون كل واحد منهم ذكر معنى ظهر من الآية ، وإنما اقتصر عليه لأنه أظهر عند ذلك القائل ، أو لكونه أليق بحال السائل . وقد يكون بعضهم يخبر عن الشيء بلازمه ونظيره ، والآخر بمقصوده وثمرته ، والكل يؤول إلى معنى واحد غالبا ، والمراد الجميع ، فليتفطن لذلك ؛ ولا يفهم من اختلاف العبارات اختلاف المرادات ، كما قيل :
[ ص: 302 ]
عباراتنا شتى وحسنك واحد وكل إلى ذاك الجمال يشير
هذا كله حيث أمكن الجمع ، فأما إذا لم يمكن الجمع فالمتأخر من القولين عن الشخص الواحد مقدم عنه إن استويا في الصحة ، وإلا فالصحيح المقدم ، وكثيرا ما يذكر المفسرون شيئا في الآية على جهة التمثيل لما دخل في الآية ، فيظن بعض الناس أنه قصر الآية على ذلك ، ولقد بلغني عن شخص أنه أنكر على الشيخ أبي الحسن الشاذلي قوله في قوله - تعالى - : نأت بخير منها أو مثلها ( البقرة : 106 ) " ما ذهب الله بولي إلا أتى بخير منه أو مثله .