[ ص: 474 ] الخامس : الأمر
حيث وقع في القرآن كان بغير الحرف ، كقوله - تعالى - : وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ( البقرة : 43 ) ، ادخلوا مساكنكم ( النمل : 18 ) ، اخرجوا من دياركم ( النساء : 66 ) كلوا من ثمره ( الأنعام : 141 ) .
وجاء بالحرف في مواضع يسيرة على قراءة بعضهم : ( فبذلك فلتفرحوا ) ( يونس : 58 ) ووجهه أنه من باب حمل المخاطب على الغائب إلى الخطاب ؛ فكأنه لا غائب ولا حاضر ؛ وذلك لأن قوله - تعالى - : ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فلتفرحوا ) ( يونس : 58 ) فيه خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - مع المؤمنين ، وخطاب الله - تعالى - مع النبي للمؤمنين كخطاب الله - تعالى - لهم ؛ فكأنهما اتحدا في الحكم ووجود الاستماع والاتباع ، فصار المؤمنون كأنهم مخاطبون في المعنى ، فأتى باللام كأنه يأمر قوما غيبا ، وبالتاء للخطاب كأنه يأمر حضورا ويؤيد هذا قوله - تعالى - في أول الآية : ياأيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم ( يونس : 57 ) الآية ، فصار المؤمنون مخاطبين ، ثم قال لنبيه - صلى الله عليه وسلم - : قل بفضل الله وبرحمته فبذلك ( يونس : 58 ) ينبغي أن يكون فرحهم ، فصاروا مخاطبين من وجه دون وجه .
ونظيره : حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح ( يونس : 22 ) إلا أن ذلك جعل في كلمتين وحالتين ؛ وهذا في كلمة واحدة ، [ وحالة واحدة ] .
ومنها قوله - تعالى - : اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد ( الحشر : 18 ) . ومنها قوله - تعالى - : ليقض علينا ربك ( الزخرف : 77 ) .