تنبيهات
( الأول ) إنما ، أما إذا وقف على الساكن فيما يجوز الوقف عليه مما انفصل خطا ، فإن السكت المعروف يمتنع ويصير الوقف المعروف ، وإن وقف على الكلمة التي فيها الهمزة ، سواء كان متصلا أو منفصلا ، فإن يتأتى السكت حال وصل الساكن بما بعده لحمزة في ذلك مذهبا يأتي في الباب الآتي ، وأما غير حمزة ، فإن كان الهمزة متوسطا كـ ( القرآن ، والظمآن ، وشيئا ، والأرض ) فالسكت أيضا ، إذ لا فرق في ذلك بين الوقف والوصل . وكذا إن كان مبتدأ ووصل بالساكن [ ص: 427 ] قبله . وإن كان متطرفا وقف بالروم ، فكذلك فإن وقف بالسكون امتنع السكت من أجل التقاء الساكنين ، وعدم الاعتماد في الهمز على شيء .
( الثاني ) تقدم أنه إذا قرئ بالسكت لابن ذكوان يجوز أن يكون مع المد الطويل ومع التوسط لورود الرواية بذلك ، فإن قرئ به لحفص فإنه لا يكون إلا مع المد . ولا يجوز أن يكون مع القصر ; لأن السكت إنما ورد من طريق الأشناني من عبيد ، عن حفص ، وليس له إلا المد ، والقصر ورد من طريق الفيل ، عن عمرو ، عن حفص ، وليس له إلا الإدراج ، والله أعلم .
( الثالث ) إن كان من مذهبه ، عن حمزة السكت ، أو التحقيق الذي هو عدم السكت إذا وقف ، فإن كان الساكن والهمز في الكلمة الموقوف عليها ، فإن تخفيف الهمز كما سيأتي ينسخ السكت والتحقيق ، وإن كان الساكن في كلمة والهمز في أول كلمة أخرى فإن الذي مذهبه تخفيف المنفصل كما سيأتي ينسخ تخفيفه سكته وعدمه بحسب ما يقتضيه التخفيف كما سيأتي ; ولذلك لم يتأت له في نحو ( الأرض ، و الإنسان ) سوى وجهين ، وهما : النقل والسكت ; لأن الساكتين على لام التعريف وصلا منهم من ينقل وقفا كأبي الفتح عن خلف ، والجمهور عن حمزة ، ومنهم من لا ينقل من أجل تقدير انفصاله ، فيقره على حاله كما لو وصل كابني غلبون ، وأبي الطاهر صاحب " العنوان " ، ومكي ، وغيرهم ، وأما من لم يسكت عليه كالمهدوي ، عن وابن سفيان حمزة ، وكأبي الفتح ، عن خلاد فإنهم مجمعون على النقل وقفا ليس عنهم في ذلك خلاف ، ويجيء في نحو ( قد أفلح ، ومن آمن ، و قل أوحي ) الثلاثة الأوجه - أعني السكت وعدمه والنقل ; ولذلك تجيء الثلاثة في نحو ( قالوا آمنا ، وفي أنفسكم ، وما أنزل ) وأما ( ياأيها ، و هؤلاء ) فلا يجيء فيه سوى وجهي التحقيق والتخفيف ، ولا يأتي فيه سكت ; لأن رواة السكت فيه مجمعون على تحقيقه وقفا . فامتنع السكت عليه حينئذ والله تعالى أعلم .
( الرابع ) لا يجوز مد شيء لحمزة حيث قرئ به إلا مع السكت إما على لام [ ص: 428 ] التعريف فقط ، أو عليه وعلى المد المنفصل ، وظاهر " التبصرة " المد على ( شيء ) لخلاد مع عدم السكت المطلق حيث قال : وذكر أبو الطيب مد ( شيء ) في روايتيه ، وبه آخذ . انتهى ، ولم يتقدم السكت إلا لخلف وحده في غير ( شيء ) فعلى هذا يكون مذهب أبي الطيب المد عن خلاد في ( شيء ) مع عدم السكت ، وذلك لا يجوز ، فإن أبا الطيب المذكور هو ابن غلبون صاحب كتاب " الإرشاد " ، ولم يذكر في كتابه مد ( شيء ) لحمزة مع السكت على لام التعريف ، وأيضا فإن مد ( شيء ) قائم مقام السكت فيه ، فلا يكون إلا مع وجه السكت ، وكذا قرأنا ، والله أعلم .