ومثلها آخر الكلمة بعد الفتح منونة ( وسفرا ، و بشرا ، و نفرا ، و محضرا ) ، وغير منونة ( البقر ، و الحجر ، والقمر ، و لا وزر ) ، وبعد الضم منونة ( نشورا ، وسرورا ، و نذرا ) وغير منونة ( كبر ، و ليفجر ) ، وبعد الكسر منونة ( شاكرا ، و حاضرا ، و ظاهرا ، و مبصرا ، و منتصرا ، و مستقرا ) ، وغير منونة ( كبائر ، و بصائر ، و أكابر ، و الحناجر ، فلا ناصر ، و ليغفر ، وخسر ) ، وبعد الساكن الياء منونة ( خيرا ، و طيرا ، و سيرا ) ونحو ( قديرا ، و خبيرا ، و كبيرا ، و كثيرا ، و تقديرا ، و تطهيرا ، و منيرا ، و مستطيرا ) ، وغير منونة ( الخير ، والطير ، وغير ، و لا ضير ) ، ونحو ( الفقير ، والحمير ، والخنازير ) ، وبعد الساكن غير الياء عن فتح منونة ( أجرا ، وبدارا ) ، وغير منونة ( وفار ، واختار ، وخر ) ، وعن ضم ( عذرا ، و غفورا ، و قصورا ) ، وغير منونة ( فمن اضطر ) ، وعن كسر منونة ( ذكرا ، و سترا ، و وزرا ، و إمرا ، وحجرا ، وصهرا ) وليس في
[ ص: 93 ] القرآن غير هذه الستة . وغير منونة ( السحر ، و الذكر ، والشعر ، و وزر أخرى ، و ذكرك ، و السر ، و البر ) .
( فهذه ) . وأجمعوا على تفخيمها في هذه الأقسام كلها إلا أن تقع بعد كسرة ، أو ياء ساكنة والراء مع ذلك وسط كلمة ، أو آخرها فإن أقسام الراء المفتوحة بجميع أنواعها الأزرق له فيها مذهب خالف سائر القراء ، وهو الترقيق مطلقا واستثنى من ذلك أصلين .
الأول : أن لا يقع بعد الراء حرف استعلاء . فمتى وقع بعد الراء حرف استعلاء فإنه يفخمها كسائر القراء ووقع ذلك بعد المتوسطة في أربعة ألفاظ ، وهي ( صراط ) كيف جاء رفعا ونصبا وجرا ، منونا وغير منون ؛ نحو هذا صراط علي ، اهدنا الصراط ، إلى صراط مستقيم ، وهذا صراط ربك مستقيما ، و ( فراق ) وهو في الكهف والقيامة .
الثاني : إن تكرر الراء بعد ووقع ذلك في ثلاث كلمات ضرارا . و فرارا . و الفرار ، وكذلك يرققها إذا حال بين الكسرة و بينها ساكن فإنه يرققها أيضا بشروط أربعة : أحدها أن لا يكون الفاصل الساكن حرف استعلاء ، ولم يقع من ذلك سوى أربعة أحرف الأول الصاد في قوله تعالى : إصرا في البقرة إصرهم في الأعراف مصرا منونا في البقرة ، وغير منون في يونس موضع ، وفي يوسف موضعان . وفي الزخرف موضع . الثاني الطاء في قوله قطرا في الكهف فطرت الله في الروم .
الثالث القاف : وهو وقرا في الذاريات . وقد فخمها الأزرق عند هذه الثلاثة الأحرف في المواضع المذكورة ، بلا خلاف . والحرف الرابع الخاء في إخراج حيث وقع ، ولم يعتبره حاجزا وأجراه مجرى غيره من الحروف المستقلة فرقق الراء عنده من غير خلاف . الشرط الثاني أن لا يكون بعده حرف استعلاء ووقع ذلك في كلمتين إعراضا في النساء و إعراضهم في الأنعام ، واختلف عنه ( الإشراق ) في ص من أجل كسر القاف كما سيأتي . والشرط الثالث أن لا تكرر الراء في الكلمة فإن تكرر فإنه يفخمها . والذي في القرآن من ذلك مدرارا وإسرارا والشرط الرابع أن لا تكون الكلمة أعجمية والذي في القرآن من
[ ص: 94 ] ذلك إبراهيم . و عمران . و إسرائيل ، ولم يختلف في تفخيم الراء من هذه الألفاظ المذكورة ، وقد اختلف الرواة بعد ذلك عن الأزرق فيما تقدم من هذه الأقسام في أصل مطرد وألفاظ مخصوصة .
( فالأصل المطرد ) أن يقع شيء من الأقسام المذكورة منونا فذهب بعضهم إلى عدم استثنائه مطلقا على أي وزن كان وسواء كان بعد كسرة مجاورة ، أو مفصولة بساكن صحيح مظهر ، أو مدغم ، أو بعد ياء ساكنة . فالذي بعد كسرة مجاورة ثمانية عشر حرفا ، وهي شاكرا ، و سامرا ، و صابرا ، و ناصرا ، و حاضرا ، و طاهرا ، و غافر ، و طائر ، و فاجرا ، و مدبرا ، و مبصرا ، و مهاجرا ، و مغيرا ، ومبشرا ، و منتصرا ، و مقتدرا ، و خضرا ، و عاقرا والمفصول بساكن صحيح مظهر ومدغم ثمانية أحرف ، وهي ذكرا ، و سترا ، و وزرا ، و أمرا ، و حجرا ، وصهرا ، و مستقرا ، و سرا .
والذي بعد ياء ساكنة فتأتي الياء حرف لين وحرف مد ولين فبعد حرف لين في ثلاثة أحرف ، وهي خيرا ، و طيرا ، و سيرا ، وبعد حرف المد واللين منه ما يكون على وزن فعيلا وجملته اثنان وعشرون حرفا ، وهي قديرا ، و خبيرا ، و بصيرا ، و كبيرا ، و كثيرا ، و بشيرا ، و نذيرا ، و صغيرا ، و وزيرا ، و عسيرا ، وحريرا ، وأسيرا .
ومنه ما يكون على غير ذلك الوزن وجملته ثلاثة عشر حرفا ، وهي تقديرا ، و تطهيرا ، و تكبيرا ، و تبذيرا ، و تدميرا ، و تتبيرا ، و تفسيرا ، و قوارير ، و قمطريرا ، و زمهريرا ، و منيرا ، و مستطيرا فرققوا ذلك كله في الحالين وأجروه مجرى غيره من المرقق . وهذا مذهب أبي طاهر بن خلف صاحب العنوان ، وشيخه عبد الجبار صاحب المجتبى ، وأبي الحسن بن غلبون صاحب التذكرة ، وأبي معشر الطبري صاحب التلخيص ، وغيرهم . وهو أحد الوجهين في الكافي ، وبه قرأ الداني على شيخه أبي الحسن ، وهو القياس .
وذهب آخرون إلى استثناء ذلك كله وتفخيمه من أجل التنوين الذي لحقه ، ولم يستثنوا من ذلك شيئا ، وهو مذهب أبي طاهر ابن هاشم وأبي الطيب
[ ص: 95 ] عبد المنعم بن عبيد الله وأبي القاسم الهذلي ، وغيرهم وحكاه الداني عن أبي طاهر وعبد المنعم وجماعة . وذهب الجمهور إلى التفصيل فاستثنوا ما كان بعد ساكن صحيح مظهر ، وهو الكلمات الست ذكرا و سترا وأخواته ، ولم يستثنوا المدغم ، وهو : سرا و مستقرا ؛ من حيث إن الحرفين في الإدغام كحرف واحد ، إذ اللسان يرتفع بهما ارتفاعة واحدة من غير مهلة ، ولا فرجة ، فكأن الكسرة قد وليت الراء في ذلك ، وهذا مذهب الحافظ وشيخيه أبي عمرو الداني أبي الفتح والخاقاني ، وبه قرأ عليهما ، وكذلك هو مذهب أبي عبد الله بن سفيان وأبي العباس المهدوي وأبي عبد الله بن شريح وأبي علي بن بليمة وأبي محمد مكي وأبي القاسم بن الفحام وغيرهم . إلا أن بعض هؤلاء استثنى من المفصول بالساكن الصحيح صهرا . فرققه من أجل إخفاء الهاء والشاطبي ، كابن شريح والمهدوي وابن سفيان وابن الفحام ، ولم يستثنه الداني ، ولا ابن بليمة ، ولا الشاطبي ففخموه ، وذكر الوجهين جميعا . مكي
وذهب آخرون إلى ترقيق كل منون ، ولم يستثنوا ذكرا وبابه فمنهم أبو الحسن طاهر بن غلبون ، وغيره ، وبه قرأ الداني عليه وأجمعوا على استثناء : مصرا ، و إصرا ، و قطرا ، و وزرا ، و وقرا من أجل حرف الاستعلاء .
( تنبيه ) : قول أبي شامة : ولا يظهر لي فرق بين كون الراء في ذلك مفتوحة ، أو مضمومة ، بل المضمومة أولى بالتفخيم لأن التنوين حاصل مع ثقل الضم ، قال : وذلك كقوله تعالى : هذا ذكر انتهى .
( قلت ) : وقد أخذ الجعبري هذا منه مسلما فغلط الشاطبي في قوله : وتفخيمه ذكرا و سترا وبابه - حتى غير هذا البيت فقال : ولو قال مثل :
كذكرا رقيق للأقل وشاكر خبير لأعيان وسرا تعدلا
لنص على الثلاثة فسوى بين ذكر المنصوب ، وذكر المرفوع ، وتمحل لإخراج ذلك من كلام الشاطبي فقال : ومثالا الناظم دلا على العموم فذكر مبارك مثالا للمضموم ، ونصبها لإيقاع المصدر عليها ، ولو حكاها لأجاد انتهى . وهذا كلام من لم
[ ص: 96 ] يطلع على مذاهب القوم في اختلافهم في ترقيق الراءات وتخصيصهم الراء المفتوحة بالترقيق دون المضمومة وأن من مذهبه ترقيق المضمومة لم يفرق بين ذكر ، و بكر ، و سحر ، و شاكر ، و قادر ، و مستمر ، و يغفر ، و يقدر كما سيأتي بيانه - والله أعلم - .
ثم اختلف هؤلاء الذين ذهبوا إلى التفصيل فيما عدا ما فصل بالساكن الصحيح فذهب بعضهم إلى ترقيقه في الحالين سواء كان بعد ياء ساكنة نحو خبيرا ، و بصيرا ، و خيرا وسائر أوزانه ، أو بعد كسرة مجاورة نحو شاكرا و خضرا وسائر الباب . وهذا مذهب وشيخيه أبي عمرو الداني أبي الفتح وابن خاقان ، وبه قرأ عليهما ، وهو أيضا مذهب أبي علي بن بليمة وأبي القاسم بن الفحام وأبي القاسم الشاطبي ، وغيرهم ، وهو أحد الوجهين في الكافي والتبصرة ، وذهب الآخرون إلى تفخيم ذلك وصلا من أجل التنوين والوقف عليه بالترقيق كابن سفيان ، والمهدوي . وهو الوجه الثاني في الكافي ، وذكره في التجريد عن شيخه عبد الباقي عن قراءته على أبيه في أحد الوجهين في الوقف ، وانفرد صاحب التبصرة في الوجه الثاني بترقيق ما كان وزنه فعيلا في الوقف وتفخيمه في الوصل ، وذكر أنه مذهب شيخه أبي الطيب .