الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 3257 ] 5201 - وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا رأيت الله عز وجل يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج " . ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون رواه أحمد .

التالي السابق


5201 - ( وعن عقبة بن عامر ، عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال : " إذا رأيت الله عز وجل يعطي العبد من الدنيا على معاصيه " ) أي : مع وجود فعله إياها ( " ما يحب " ) أي : من أسبابها ( " فإنما هو " ) أي : ذلك الإعطاء ( " استدراج " ) أي : مكر منه سبحانه . قال تعالى : سنستدرجهم من حيث لا يعلمون قال الطيبي رحمه الله : الاستدراج هو الأخذ في الشيء ، والذهاب فيه درجة فدرجة ، كالمراقي والمنازل في ارتقائه ونزوله ، ومعنى استدراج الله استدراجهم قليلا قليلا إلى ما يهلكهم ، ويضاعف عقباهم من حيث لا يعلمون ما يراد بهم ، وذلك أن تواتر الله نعمه عليهم مع انهماكهم في الغي ، فكلما جدد عليهم نعمه ازدادوا بطرا وجددوا معصية ، فيتدرجون في المعاصي بسبب ترادف النعم ، ظانين أن متواترة النعم أثرة من الله وتقريب ، وإنما هي خذلان منه وتبعيد ، ( ثم تلا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ) أي : استشهادا أو اعتضادا فلما نسوا أي : عهده سبحانه ، أو تركوا أمره ونهيه ، وهو المعني بقوله : ما ذكروا به أي : وعظوا فتحنا بالتخفيف ويشدد عليهم أبواب كل شيء أي : من أسباب النعم التي في الحقيقة من موجبات النقم حتى إذا فرحوا بما أوتوا أي : أعطوا من المال والجاه وصحة البدن وطول العمر أخذناهم بغتة أي : فجأة بالموت أو العذاب ، فإنه أشد في تلك الحالة فإذا هم مبلسون أي : واجمون ساكتون متحسرون متحيرون آيسون . ( رواه أحمد ) : وفي الجامع عنه بلفظ : " إذا رأيت الله تعالى يعطي العبد من الدنيا ما يحب وهو مقيم على معاصيه ، فإنما ذلك منه استدراج " . رواه الطبراني وأحمد والبيهقي .




الخدمات العلمية