الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
942 - وعن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - قال : قلت : يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي ، قال : " قل : اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ، ولا يغفر الذنوب إلا أنت ، فاغفر لي مغفرة من عندك ، وارحمني ، إنك أنت الغفور الرحيم " متفق عليه .

التالي السابق


942 - ( وعن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - قال : قلت : يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي ) ، أي : عقب التشهد كما قيده بعض علمائنا ( قال : " قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا " ) : في الأذكار : في أكثر الروايات بالمثلثة ، وهكذا ضبطناه ، وفي بعض روايات مسلم بالموحدة ، وكلاهما حسن ، وينبغي أن يجمع بينهما فيقال : كثيرا كبيرا " ، كذا ذكره الأبهري ، ونظيره ما قال أبو يوسف : إن المصلي ينبغي أن يجمع بعد التحريمة بين سبحانك وبين وجهت وجهي ، والأظهر في الجمع أن يقول مرة كذا ومرة كذا ، أو يأتي في الفرائض بالمختار من المذهب ، وبلفظ : " كثيرا " على أكثر الروايات ، وفي النوافل بخلاف ذلك ، وقد اعترض على النووي ابن جماعة ، وتبعه الزركشي وغيره بأنه صلى الله عليه وسلم لم ينطق بهما كذلك ، وإنما يجمع بين الروايتين بأن يقال هذا مرة وهذا مرة ، والاتباع إنما يحصل بذلك لا بالجمع ، وأجاب عنه ابن حجر بما لا يصلح جوابا ، ( " ولا يغفر الذنوب إلا أنت " ) : لأن غفران جميع الذنوب لا يتصور ، إلا منه تعالى ، قاله ابن الملك ، ( " فاغفر لي مغفرة " ) : التنوين للتعظيم ، أي : غفرانا لا يكتنه كنهه ، قال الطيبي : وفي الوصف بقوله : ( " من عندك " ) ، مبالغة في ذلك المعنى المراد بالتنكير ، قال ابن الملك : يريد بذلك التعظيم ; لأن ما يكون من عند الله لا يحيط به وصف واصف ، وقيل : معناه من محض فضلك لا باستحقاق مني ، ( " وارحمني ، إنك أنت الغفور الرحيم " ) : قال ميرك : وهذا الدعاء من الجوامع ; لأن فيه الاعتراف بغاية التقصير وطلب غاية الأنعام ، فالمغفرة ستر الذنوب ومحوها ، والرحمة إيصال الخيرات ، ففي الأول طلب الزحزحة عن النار ، وفي الثاني : طلب إدخال الجنة مع الأبرار ، وهذا هو الفوز العظيم والنعيم المقيم ، رزقنا الله بفضله الكريم ، ( متفق عليه ) : قال ميرك : ورواه الأربعة .

[ ص: 754 ]



الخدمات العلمية