المرسل .
120 - مرفوع تابع على المشهور مرسل أو قيده بالكبير 121 - أو سقط راو منه ذو أقوال
والأول الأكثر في استعمال 122 - واحتج مالك كذا النعمان
وتابعوهما به ودانوا 123 - ورده جماهر النقاد
للجهل بالساقط في الإسناد 124 - وصاحب التمهيد عنهم نقله
ومسلم صدر الكتاب أصله 125 - لكن إذا صح لنا مخرجه
بمسند أو مرسل يخرجه 126 - من ليس يروي عن رجال الأول
نقبله قلت الشيخ لم يفصل 127 - nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي بالكبار قيدا
ومن روى عن الثقات أبدا [ ص: 169 ] 128 - ومن إذا شارك أهل الحفظ
وافقهم إلا بنقص لفظ 129 - فإن يقل فالمسند المعتمد
فقل دليلان به يعتضد 130 - ورسموا منقطعا عن رجل
وفي الأصول نعته بالمرسل 131 - أما الذي أرسله الصحابي
فحكمه الوصل على الصواب
.
[
nindex.php?page=treesubj&link=29109معنى المرسل لغة ] : وجمعه " مراسيل " بإثبات الياء وحذفها أيضا ، وأصله كما هو حاصل كلام العلائي : مأخوذ من الإطلاق ، وعدم المنع ; كقوله تعالى : إنا أرسلنا الشياطين على الكافرين [ مريم : 83 ] ; فكأن المرسل أطلق الإسناد ، ولم يقيده براو معروف ، أو من قولهم : ناقة مرسال ، أي : سريعة السير ; كأن المرسل أسرع فيه عجلا ، فحذف بعض إسناده .
قال
كعب :
أمست سعاد بأرض لا يبلغها إلا العتاق النجيبات المراسيل
.
أو من قولهم : جاء القوم أرسالا ، أي : متفرقين ; لأن بعض الإسناد منقطع من بقيته .
[
nindex.php?page=treesubj&link=29109معنى المرسل اصطلاحا ] : وأما في الاصطلاح فـ ( مرفوع ) أي : مضاف ( تابع ) من التابعين إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتصريح أو الكناية ( على المشهور ) عند أئمة المحدثين ( مرسل ) كما نقله
الحاكم nindex.php?page=showalam&ids=13332وابن عبد البر عنهم ، واختاره
الحاكم وغيره ، ووافقهم جماعة من الفقهاء والأصوليين .
وعبر عنه بعضهم كالقرافي في التنقيح بإسقاط الصحابي من السند ، وليس بمتعين فيه ، ونقل
الحاكم تقييدهم له
[ ص: 170 ] باتصال سنده إلى التابعي ، وقيده في " المدخل " بما لم يأت اتصاله من وجه آخر ، كما سيأتي كل منهما .
وكذا قيده شيخنا بما سمعه التابعي من غير النبي - صلى الله عليه وسلم - ليخرج من لقيه كافرا فسمع منه ، ثم أسلم بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - وحدث بما سمعه منه ،
كالتنوخي رسول
هرقل ; فإنه مع كونه تابعيا محكوم لما سمعه بالاتصال لا الإرسال ، وهو متعين ، وكأنهم أعرضوا عنه لندوره .
وخرج بقيد التابعي مرسل الصحابي ; كبيرا كان أو صغيرا ، وسيأتي آخر الباب ، وشمل إطلاقه الكبير منهم ، وهو الذي لقي جماعة من الصحابة وجالسهم ، وكانت جل روايته عنهم ، والصغير الذي لم يلق منهم إلا العدد اليسير ، أو لقي جماعة ، إلا أن جل روايته عن التابعين ( وقيده بـ ) التابعي ( الكبير ) كما هو مقتضى القول بأن مرفوع صغير التابعين إنما يسمى منقطعا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر في مقدمة ( التمهيد ) : المرسل أوقعوه بإجماع على حديث التابعي الكبير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ومثل بجماعة منهم قال : وكذلك من دونهم ويسمى جماعة ؟ .
قال : وكذلك يسمى من دونهم أيضا ممن صح له لقاء جماعة من الصحابة ومجالستهم قال : ومثله أيضا مرسل من دونهم ، فأشار بهذا الأخير إلى مراسيل صغار
[ ص: 171 ] التابعين ، ثم قال : وقال آخرون : لا يعني لا يكون حديث صغار التابعين مرسلا ، بل يسمى منقطعا ; لأنهم لم يلقوا من الصحابة إلا الواحد أو الاثنين ، فأكثر روايتهم عن التابعين .
وإلى هذا الاختلاف أشار
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح بقوله : وصورته التي لا خلاف فيها حديث التابعي الكبير .
قال شيخنا : ولم أر التقييد بالكبير صريحا عن أحد ، نعم قيد
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي المرسل الذي يقبل إذا اعتضد - كما سيأتي - بأن يكون من رواية التابعي الكبير ، ولا يلزم من ذلك أنه لا يسمي ما رواه التابعي الصغير مرسلا ، بل
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي مصرح بتسمية رواية من دون كبار التابعين مرسلة ، وذلك في قوله : ومن نظر في العلم بخبرة وقلة غفلة ، استوحش من مرسل كل من دون كبار التابعين بدلائل ظاهرة .
( أو سقط راو منه ) أي : المرسل ما سقط راو من سنده ; سواء كان في أوله أو آخره ، أو بينهما واحد أو أكثر ، كما يومئ إليه تنكير " راو " ، وجعله اسم جنس ; ليشمل - كما صرح به الشارح - سقوط راو فأكثر ; بحيث يدخل فيه المنقطع والمعضل والمعلق ، وهو ظاهر عبارة
الخطيب ; حيث أطلق الانقطاع ، فإنه قال في كفايته : المرسل هو ما انقطع إسناده ; بأن يكون في رواية من لم يسمعه ممن فوقه .
وكذا قال في موضع آخر منها : لا خلاف بين أهل العلم أن إرسال الحديث الذي ليس بمدلس ، هو رواية الراوي عمن لم يعاصره ; كالتابعين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ،
nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج عن
nindex.php?page=showalam&ids=16523عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ،
ومالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، أو عمن عاصره ولم يلقه ;
كالثوري ،
وشعبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري .
قال : وما كان نحو ذلك ، فالحكم فيه وكذا فيمن لقي من
[ ص: 172 ] أضاف إليه ، وسمع منه ، إلا أنه لم يسمع منه ذلك الحديث - واحد .
وحاصله التسوية بين الإرسال الظاهر والخفي ، والتدليس في الحكم ، ونحوه قول
أبي الحسن بن القطان في " بيان الوهم والإيهام " كما سيأتي في التدليس - : الإرسال : رواية الراوي عمن لم يسمع منه ، وهو الذي حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح عن الفقهاء والأصوليين ، بل وعن
الخطيب ، فإنه قال : والمعروف في الفقه وأصوله أن ذلك كله - أي : المنقطع والمعضل - يسمى مرسلا .
قال : وإليه ذهب من أهل الحديث
الخطيب ، وقطع به ، ونحوه قول
النووي في شرح
مسلم : المرسل عند الفقهاء والأصوليين
والخطيب وجماعة من المحدثين - : ما انقطع إسناده على أي وجه كان ، فهو عندهم بمعنى المنقطع ; فإن قوله : ( على أي وجه كان ) يشمل الابتداء والانتهاء ، وما بينهما الواحد فأكثر .
وأصرح منه قوله في شرح المهذب : ومرادنا بالمرسل هنا : ما انقطع إسناده ، فسقط من رواته واحد فأكثر ، وخالفنا أكثر المحدثين ، فقالوا : هو رواية التابعي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . انتهى .
وممن صرح بنحوه من المحدثين
الحاكم ; فإنه قال في المدخل وتبعه
البغوي في شرح السنة : وهو قول التابعي أو تابع التابعي : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وبينه وبين الرسول قرن أو قرنان ، ولا يذكر سماعه من الذي سمعه ، يعني في رواية أخرى ، كما سيأتي أواخر الباب ، ولكن الذي مشى عليه في علومه خلاف ذلك ، وكذا أطلق
أبو نعيم في " مستخرجه " على التعليق مرسلا .
وممن أطلق
[ ص: 173 ] المرسل على المنقطع من أئمتنا
أبو زرعة ،
وأبو حاتم ، ثم
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ، ثم
البيهقي ، بل صرح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12354لإبراهيم بن يزيد النخعي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري ; بأنه مرسل ; لكون
إبراهيم لم يسمع من
أبي سعيد .
وكذا صرح هو
وأبو داود في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16735لعون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ; بأنه مرسل ; لكونه لم يدرك
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16972لابن سيرين عن
nindex.php?page=showalam&ids=137حكيم بن حزام ; بأنه مرسل ، وإنما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين عن
nindex.php?page=showalam&ids=17408يوسف بن ماهك عن
حكيم ، وهو الذي مشى عليه
أبو داود في مراسيله في آخرين .
وأما
nindex.php?page=showalam&ids=12858أبو الحسن بن القطان من متقدمي أئمة أصحابنا ; فإنه قال : المرسل : أن يروي بعض التابعين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خبرا ، أو يكون بين الراوي وبين رجل رجل .
وقال الأستاذ
أبو منصور : المرسل : ما سقط من إسناده واحد ، فإن سقط أكثر فهو معضل ، ثم إنه على القول بشموله المعضل والمعلق ، قد توسع من أطلقه من الحنفية على قول الرجل من أهل هذه الأعصار : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - كذا .
وكان ذلك سلف
الصفدي ; حيث قال في تذكرته حكاية عن بعض المتأخرين : المرسل : ما وقع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير عنعنة ، والمسند : ما رفع راويه بالعنعنة .
فإن الظاهر أن قائله أراد بالعنعنة الإسناد ، فهو كقول
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب تبعا لغيره من
[ ص: 174 ] أئمة الأصول : المرسل قول غير الصحابي : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فإنه يتناول ما لو كثرت الوسائط .
ولكن قد قال
العلائي : إن الظاهر عند التأمل في أثناء استدلالهم أنهم لا يريدونه ، بل إنما مرادهم ما سقط منه التابعي مع الصحابي ، أو ما سقط منه اثنان بعد الصحابي ، ونحو ذلك ، ويدل عليه قول إمام الحرمين في البرهان ، مثاله أن يقول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا ، وإلا فيلزم من الإطلاق المتقدم بطلان اعتبار الأسانيد التي هي من خصائص هذه الأمة ، وترك النظر في أحوال الرواة ، والإجماع في كل عصر على خلاف ذلك ، وظهور فساده غني عن الإطالة فيه . انتهى .
ولذلك خصه بعض المحققين من الحنفية بأهل الأعصار الأول - يعني القرون الفاضلة - لما صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم .
قال
الراوي : فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة ؟ وفي رواية : جزم فيها بثلاثة بعد قرنه بدون شك ، " ثم يفشو الكذب " .
وفي رواية :
ثم ذكر قوما يشهدون ولا يستشهدون ، ويخونون ولا يؤتمنون ، وينذرون ولا يوفون .
[ ص: 175 ] وحينئذ فالمرسل ( ذو أقوال ) الثالث أوسعها ، والثاني أضيقها ( والأول الأكثر في استعمال ) أهل الحديث ; كما قاله
الخطيب ، وعبارته عقب حكاية الثالث من كفايته إلا أن أكثر ما يوصف بالإرسال من حيث الاستعمال ما رواه التابعي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أما ما رواه تابع التابعي فيسمونه المعضل .
بل صرح
الحاكم في علومه بأن مشايخ الحديث لم يختلفوا أنه هو الذي يرويه المحدث بأسانيد متصلة إلى التابعي ، ثم يقول التابعي : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ووافقه غيره على حكاية الاتفاق .
الْمُرْسَلُ .
120 - مَرْفُوعُ تَابِعٍ عَلَى الْمَشْهُورِ مُرْسَلٌ أَوْ قَيِّدْهُ بِالْكَبِيرِ 121 - أَوْ سَقْطُ رَاوٍ مِنْهُ ذُو أَقْوَالِ
وَالْأَوَّلُ الْأَكْثَرُ فِي اسْتِعْمَالِ 122 - وَاحْتَجَّ مَالِكٌ كَذَا النُّعْمَانُ
وَتَابِعُوهُمَا بِهِ وَدَانُوا 123 - وَرَدَّهُ جَمَاهِرُ النُّقَّادِ
لِلْجَهْلِ بِالسَّاقِطِ فِي الْإِسْنَادِ 124 - وَصَاحِبُ التَّمْهِيدِ عَنْهُمْ نَقَلَهْ
وَمُسْلِمٌ صَدْرَ الْكِتَابِ أَصَّلَهْ 125 - لَكِنْ إِذَا صَحَّ لَنَا مَخْرَجُهُ
بِمُسْنَدٍ أَوْ مُرْسَلٍ يُخْرِجُهُ 126 - مَنْ لَيْسَ يَرْوِي عَنْ رِجَالِ الْأَوَّلِ
نَقْبَلُهُ قُلْتُ الشَّيْخُ لَمْ يُفَصِّلِ 127 - nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ بِالْكِبَارِ قَيَّدَا
وَمَنْ رَوَى عَنِ الثِّقَاتِ أَبَدَا [ ص: 169 ] 128 - وَمَنْ إِذَا شَارَكَ أَهْلَ الْحِفْظِ
وَافَقَهُمْ إِلَّا بِنَقْصِ لَفْظِ 129 - فَإِنْ يُقَلْ فَالْمُسْنَدُ الْمُعْتَمَدُ
فَقُلْ دَلِيلَانِ بِهِ يَعْتَضِدُ 130 - وَرَسَمُوا مُنْقَطِعًا عَنْ رَجُلِ
وَفِي الْأُصُولِ نَعْتُهُ بِالْمُرْسَلِ 131 - أَمَّا الَّذِي أَرْسَلَهُ الصَّحَابِي
فَحُكْمُهُ الْوَصْلُ عَلَى الصَّوَابِ
.
[
nindex.php?page=treesubj&link=29109مَعْنَى الْمُرْسَلِ لُغَةً ] : وَجَمْعُهُ " مَرَاسِيلُ " بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ وَحَذْفِهَا أَيْضًا ، وَأَصْلُهُ كَمَا هُوَ حَاصِلُ كَلَامِ الْعَلَائِيِّ : مَأْخُوذٌ مِنَ الْإِطْلَاقِ ، وَعَدَمِ الْمَنْعِ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى : إِنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ [ مَرْيَمَ : 83 ] ; فَكَأَنَّ الْمُرْسِلَ أَطْلَقَ الْإِسْنَادَ ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِرَاوٍ مَعْرُوفٍ ، أَوْ مِنْ قَوْلِهِمْ : نَاقَةٌ مِرْسَالٌ ، أَيْ : سَرِيعَةُ السَّيْرِ ; كَأَنَّ الْمُرْسِلَ أَسْرَعَ فِيهِ عَجِلًا ، فَحَذَفَ بَعْضَ إِسْنَادِهِ .
قَالَ
كَعْبٌ :
أَمْسَتْ سُعَادُ بِأَرْضٍ لَا يُبَلِّغُهَا إِلَّا الْعِتَاقُ النَّجِيبَاتُ الْمَرَاسِيلُ
.
أَوْ مِنْ قَوْلِهِمْ : جَاءَ الْقَوْمُ أَرْسَالًا ، أَيْ : مُتَفَرِّقِينَ ; لِأَنَّ بَعْضَ الْإِسْنَادِ مُنْقَطِعٌ مِنْ بَقِيَّتِهِ .
[
nindex.php?page=treesubj&link=29109مَعْنَى الْمُرْسَلِ اصْطِلَاحًا ] : وَأَمَّا فِي الِاصْطِلَاحِ فَـ ( مَرْفُوعُ ) أَيْ : مُضَافٌ ( تَابِعٍ ) مِنَ التَّابِعِينَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالتَّصْرِيحِ أَوِ الْكِنَايَةِ ( عَلَى الْمَشْهُورِ ) عِنْدَ أَئِمَّةِ الْمُحَدِّثِينَ ( مُرْسَلٌ ) كَمَا نَقَلَهُ
الْحَاكِمُ nindex.php?page=showalam&ids=13332وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْهُمْ ، وَاخْتَارَهُ
الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ ، وَوَافَقَهُمْ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ .
وَعَبَّرَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ كَالْقَرَافِيِّ فِي التَّنْقِيحِ بِإِسْقَاطِ الصَّحَابِيِّ مِنَ السَّنَدِ ، وَلَيْسَ بِمُتَعَيِّنٍ فِيهِ ، وَنَقَلَ
الْحَاكِمُ تَقْيِيدَهُمْ لَهُ
[ ص: 170 ] بِاتِّصَالِ سَنَدِهِ إِلَى التَّابِعِيِّ ، وَقَيَّدَهُ فِي " الْمَدْخَلِ " بِمَا لَمْ يَأْتِ اتِّصَالُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، كَمَا سَيَأْتِي كُلٌّ مِنْهُمَا .
وَكَذَا قَيَّدَهُ شَيْخُنَا بِمَا سَمِعَهُ التَّابِعِيُّ مِنْ غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَخْرُجَ مَنْ لَقِيَهُ كَافِرًا فَسَمِعَ مِنْهُ ، ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَدَّثَ بِمَا سَمِعَهُ مِنْهُ ،
كَالتَّنُّوخِيِّ رَسُولِ
هِرَقْلَ ; فَإِنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ تَابِعِيًّا مَحْكُومٌ لِمَا سَمِعَهُ بِالِاتِّصَالِ لَا الْإِرْسَالِ ، وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ ، وَكَأَنَّهُمْ أَعْرَضُوا عَنْهُ لِنُدُورِهِ .
وَخَرَجَ بِقَيْدِ التَّابِعِيِّ مُرْسَلُ الصَّحَابِيِّ ; كَبِيرًا كَانَ أَوْ صَغِيرًا ، وَسَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ ، وَشَمِلَ إِطْلَاقُهُ الْكَبِيرَ مِنْهُمْ ، وَهُوَ الَّذِي لَقِيَ جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ وَجَالَسَهُمْ ، وَكَانَتْ جُلُّ رِوَايَتِهِ عَنْهُمْ ، وَالصَّغِيرَ الَّذِي لَمْ يَلْقَ مِنْهُمْ إِلَّا الْعَدَدَ الْيَسِيرَ ، أَوْ لَقِيَ جَمَاعَةً ، إِلَّا أَنَّ جُلَّ رِوَايَتِهِ عَنِ التَّابِعِينَ ( وَقَيِّدْهُ بِـ ) التَّابِعِيِّ ( الْكَبِيرِ ) كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَرْفُوعَ صَغِيرِ التَّابِعِينَ إِنَّمَا يُسَمَّى مُنْقَطِعًا .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي مُقَدِّمَةِ ( التَّمْهِيدِ ) : الْمُرْسَلُ أَوْقَعُوهُ بِإِجْمَاعٍ عَلَى حَدِيثِ التَّابِعِيِّ الْكَبِيرِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَمَثَّلَ بِجَمَاعَةٍ مِنْهُمْ قَالَ : وَكَذَلِكَ مَنْ دُونَهُمْ وَيُسَمَّى جَمَاعَةً ؟ .
قَالَ : وَكَذَلِكَ يُسَمَّى مَنْ دُونَهُمْ أَيْضًا مِمَّنْ صَحَّ لَهُ لِقَاءُ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمُجَالَسَتِهِمْ قَالَ : وَمِثْلُهُ أَيْضًا مُرْسَلُ مَنْ دُونَهُمْ ، فَأَشَارَ بِهَذَا الْأَخِيرِ إِلَى مَرَاسِيلَ صِغَارِ
[ ص: 171 ] التَّابِعِينَ ، ثُمَّ قَالَ : وَقَالَ آخَرُونَ : لَا يَعْنِي لَا يَكُونُ حَدِيثُ صِغَارِ التَّابِعِينَ مُرْسَلًا ، بَلْ يُسَمَّى مُنْقَطِعًا ; لِأَنَّهُمْ لَمْ يَلْقَوْا مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَّا الْوَاحِدَ أَوِ الِاثْنَيْنِ ، فَأَكْثَرَ رِوَايَتِهِمْ عَنِ التَّابِعِينَ .
وَإِلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ أَشَارَ
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابْنُ الصَّلَاحِ بِقَوْلِهِ : وَصُورَتُهُ الَّتِي لَا خِلَافَ فِيهَا حَدِيثُ التَّابِعِيِّ الْكَبِيرِ .
قَالَ شَيْخُنَا : وَلَمْ أَرَ التَّقْيِيدَ بِالْكَبِيرِ صَرِيحًا عَنْ أَحَدٍ ، نَعَمْ قَيَّدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ الْمُرْسَلَ الَّذِي يُقْبَلُ إِذَا اعْتَضَدَ - كَمَا سَيَأْتِي - بِأَنْ يَكُونَ مِنْ رِوَايَةِ التَّابِعِيِّ الْكَبِيرِ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُسَمِّي مَا رَوَاهُ التَّابِعِيُّ الصَّغِيرُ مُرْسَلًا ، بَلِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ مُصَرِّحٌ بِتَسْمِيَةِ رِوَايَةِ مَنْ دُونَ كِبَارِ التَّابِعِينَ مُرْسَلَةً ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ : وَمَنْ نَظَرَ فِي الْعِلْمِ بِخِبْرَةٍ وَقِلَّةِ غَفْلَةٍ ، اسْتَوْحَشَ مِنْ مُرْسَلِ كُلِّ مَنْ دُونَ كِبَارِ التَّابِعِينَ بِدَلَائِلَ ظَاهِرَةٍ .
( أَوْ سَقْطُ رَاوٍ مِنْهُ ) أَيِ : الْمُرْسَلُ مَا سَقَطَ رَاوٍ مِنْ سَنَدِهِ ; سَوَاءٌ كَانَ فِي أَوَّلِهِ أَوْ آخِرِهِ ، أَوْ بَيْنَهُمَا وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ ، كَمَا يُومِئُ إِلَيْهِ تَنْكِيرُ " رَاوٍ " ، وَجَعْلُهُ اسْمَ جِنْسٍ ; لِيَشْمَلَ - كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ - سُقُوطَ رَاوٍ فَأَكْثَرَ ; بِحَيْثُ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُنْقَطِعُ وَالْمُعْضَلُ وَالْمُعَلَّقُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ
الْخَطِيبِ ; حَيْثُ أَطْلَقَ الِانْقِطَاعَ ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِفَايَتِهِ : الْمُرْسَلُ هُوَ مَا انْقَطَعَ إِسْنَادُهُ ; بِأَنْ يَكُونَ فِي رِوَايَةِ مَنْ لَمْ يَسْمَعْهُ مِمَّنْ فَوْقَهُ .
وَكَذَا قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهَا : لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ إِرْسَالَ الْحَدِيثِ الَّذِي لَيْسَ بِمُدَلَّسٍ ، هُوَ رِوَايَةُ الرَّاوِي عَمَّنْ لَمْ يُعَاصِرْهُ ; كَالتَّابِعِينَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ،
nindex.php?page=showalam&ids=13036وَابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16523عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ،
وَمَالِكٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14946الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، أَوْ عَمَّنْ عَاصَرَهُ وَلَمْ يَلْقَهُ ;
كَالثَّوْرِيِّ ،
وَشُعْبَةَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيِّ .
قَالَ : وَمَا كَانَ نَحْوَ ذَلِكَ ، فَالْحُكْمُ فِيهِ وَكَذَا فِيمَنْ لَقِيَ مَنْ
[ ص: 172 ] أَضَافَ إِلَيْهِ ، وَسَمِعَ مِنْهُ ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ ذَلِكَ الْحَدِيثَ - وَاحِدٌ .
وَحَاصِلُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْإِرْسَالِ الظَّاهِرِ وَالْخَفِيِّ ، وَالتَّدْلِيسِ فِي الْحُكْمِ ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ
أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْقَطَّانِ فِي " بَيَانِ الْوَهْمِ وَالْإِيهَامِ " كَمَا سَيَأْتِي فِي التَّدْلِيسِ - : الْإِرْسَالُ : رِوَايَةُ الرَّاوِي عَمَّنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ ، وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابْنُ الصَّلَاحِ عَنِ الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ ، بَلْ وَعَنِ
الْخَطِيبِ ، فَإِنَّهُ قَالَ : وَالْمَعْرُوفُ فِي الْفِقْهِ وَأُصُولِهِ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ - أَيِ : الْمُنْقَطِعَ وَالْمُعْضَلَ - يُسَمَّى مُرْسَلًا .
قَالَ : وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ
الْخَطِيبُ ، وَقَطَعَ بِهِ ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ
النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ
مُسْلِمٍ : الْمُرْسَلُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ
وَالْخَطِيبِ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ - : مَا انْقَطَعَ إِسْنَادُهُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ ، فَهُوَ عِنْدَهُمْ بِمَعْنَى الْمُنْقَطِعِ ; فَإِنَّ قَوْلَهُ : ( عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ ) يَشْمَلُ الِابْتِدَاءَ وَالِانْتِهَاءَ ، وَمَا بَيْنَهُمَا الْوَاحِدَ فَأَكْثَرَ .
وَأَصْرَحُ مِنْهُ قَوْلُهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ : وَمُرَادُنَا بِالْمُرْسَلِ هُنَا : مَا انْقَطَعَ إِسْنَادُهُ ، فَسَقَطَ مِنْ رُوَاتِهِ وَاحِدٌ فَأَكْثَرُ ، وَخَالَفَنَا أَكْثَرُ الْمُحَدِّثِينَ ، فَقَالُوا : هُوَ رِوَايَةُ التَّابِعِيِّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . انْتَهَى .
وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِنَحْوِهِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ
الْحَاكِمُ ; فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْمَدْخَلِ وَتَبِعَهُ
الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ : وَهُوَ قَوْلُ التَّابِعِيِّ أَوْ تَابِعِ التَّابِعِيِّ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّسُولِ قَرْنٌ أَوْ قَرْنَانِ ، وَلَا يَذْكُرُ سَمَاعَهُ مِنَ الَّذِي سَمِعَهُ ، يَعْنِي فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى ، كَمَا سَيَأْتِي أَوَاخِرَ الْبَابِ ، وَلَكِنَّ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ فِي عُلُومِهِ خِلَافُ ذَلِكَ ، وَكَذَا أَطْلَقَ
أَبُو نُعَيْمٍ فِي " مُسْتَخْرَجِهِ " عَلَى التَّعْلِيقِ مُرْسَلًا .
وَمِمَّنْ أَطْلَقَ
[ ص: 173 ] الْمُرْسَلَ عَلَى الْمُنْقَطِعِ مِنْ أَئِمَّتِنَا
أَبُو زُرْعَةَ ،
وَأَبُو حَاتِمٍ ، ثُمَّ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ ، ثُمَّ
الْبَيْهَقِيُّ ، بَلْ صَرَّحَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ فِي حَدِيثٍ
nindex.php?page=showalam&ids=12354لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ; بِأَنَّهُ مُرْسَلٌ ; لِكَوْنِ
إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ
أَبِي سَعِيدٍ .
وَكَذَا صَرَّحَ هُوَ
وَأَبُو دَاوُدَ فِي حَدِيثٍ
nindex.php?page=showalam&ids=16735لِعَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ ; بِأَنَّهُ مُرْسَلٌ ; لِكَوْنِهِ لَمْ يُدْرِكِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنَ مَسْعُودٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ فِي حَدِيثٍ
nindex.php?page=showalam&ids=16972لِابْنِ سِيرِينَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=137حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ ; بِأَنَّهُ مُرْسَلٌ ، وَإِنَّمَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابْنُ سِيرِينَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17408يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ
حَكِيمٍ ، وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ
أَبُو دَاوُدَ فِي مَرَاسِيلِهِ فِي آخَرِينَ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=showalam&ids=12858أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْقَطَّانِ مِنْ مُتَقَدِّمِي أَئِمَّةِ أَصْحَابِنَا ; فَإِنَّهُ قَالَ : الْمُرْسَلُ : أَنْ يَرْوِيَ بَعْضُ التَّابِعِينَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَبَرًا ، أَوْ يَكُونَ بَيْنَ الرَّاوِي وَبَيْنَ رَجُلٍ رَجُلٌ .
وَقَالَ الْأُسْتَاذُ
أَبُو مَنْصُورٍ : الْمُرْسَلُ : مَا سَقَطَ مِنْ إِسْنَادِهِ وَاحِدٌ ، فَإِنْ سَقَطَ أَكْثَرُ فَهُوَ مُعْضَلٌ ، ثُمَّ إِنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِشُمُولِهِ الْمُعْضَلَ وَالْمُعَلَّقَ ، قَدْ تَوَسَّعَ مَنْ أَطْلَقَهُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى قَوْلِ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْأَعْصَارِ : قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا .
وَكَانَ ذَلِكَ سَلَفَ
الصَّفَدِيِّ ; حَيْثُ قَالَ فِي تَذْكِرَتِهِ حِكَايَةً عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ : الْمُرْسَلُ : مَا وَقَعَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ عَنْعَنَةٍ ، وَالْمُسْنَدُ : مَا رَفَعَ رَاوِيهِ بِالْعَنْعَنَةِ .
فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ قَائِلَهُ أَرَادَ بِالْعَنْعَنَةِ الْإِسْنَادَ ، فَهُوَ كَقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ مِنْ
[ ص: 174 ] أَئِمَّةِ الْأُصُولِ : الْمُرْسَلُ قَوْلُ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ مَا لَوْ كَثُرَتِ الْوَسَائِطُ .
وَلَكِنْ قَدْ قَالَ
الْعَلَائِيُّ : إِنَّ الظَّاهِرَ عِنْدَ التَّأَمُّلِ فِي أَثْنَاءِ اسْتِدْلَالِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَهُ ، بَلْ إِنَّمَا مُرَادُهُمْ مَا سَقَطَ مِنْهُ التَّابِعِيُّ مَعَ الصَّحَابِيِّ ، أَوْ مَا سَقَطَ مِنْهُ اثْنَانِ بَعْدَ الصَّحَابِيِّ ، وَنَحْوُ ذَلِكَ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ ، مِثَالُهُ أَنْ يَقُولَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا ، وَإِلَّا فَيَلْزَمُ مِنَ الْإِطْلَاقِ الْمُتَقَدِّمِ بُطْلَانُ اعْتِبَارِ الْأَسَانِيدِ الَّتِي هِيَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ ، وَتَرْكُ النَّظَرِ فِي أَحْوَالِ الرُّوَاةِ ، وَالْإِجْمَاعُ فِي كُلِّ عَصْرٍ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ ، وَظُهُورُ فَسَادِهِ غَنِيٌّ عَنِ الْإِطَالَةِ فِيهِ . انْتَهَى .
وَلِذَلِكَ خَصَّهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ بِأَهْلِ الْأَعْصَارِ الْأُوَلِ - يَعْنِي الْقُرُونَ الْفَاضِلَةَ - لِمَا صَحَّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ .
قَالَ
الرَّاوِي : فَلَا أَدْرِي أَذَكَرَ بَعْدَ قَرْنِهِ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً ؟ وَفِي رِوَايَةٍ : جَزَمَ فِيهَا بِثَلَاثَةٍ بَعْدَ قَرْنِهِ بِدُونِ شَكٍّ ، " ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ " .
وَفِي رِوَايَةٍ :
ثُمَّ ذَكَرَ قَوْمًا يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ ، وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ ، وَيَنْذِرُونَ وَلَا يُوَفُّونَ .
[ ص: 175 ] وَحِينَئِذٍ فَالْمُرْسَلُ ( ذُو أَقْوَالِ ) الثَّالِثُ أَوْسَعُهَا ، وَالثَّانِي أَضْيَقُهَا ( وَالْأَوَّلُ الْأَكْثَرُ فِي اسْتِعْمَالِ ) أَهْلِ الْحَدِيثِ ; كَمَا قَالَهُ
الْخَطِيبُ ، وَعِبَارَتُهُ عَقِبَ حِكَايَةِ الثَّالِثِ مِنْ كِفَايَتِهِ إِلَّا أَنَّ أَكْثَرَ مَا يُوصَفُ بِالْإِرْسَالِ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِعْمَالِ مَا رَوَاهُ التَّابِعِيُّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، أَمَّا مَا رَوَاهُ تَابِعُ التَّابِعِيِّ فَيُسَمُّونَهُ الْمُعْضَلَ .
بَلْ صَرَّحَ
الْحَاكِمُ فِي عُلُومِهِ بِأَنَّ مَشَايِخَ الْحَدِيثِ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَرْوِيهِ الْمُحَدِّثُ بِأَسَانِيدَ مُتَّصِلَةٍ إِلَى التَّابِعِيِّ ، ثُمَّ يَقُولُ التَّابِعِيُّ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَوَافَقَهُ غَيْرُهُ عَلَى حِكَايَةِ الِاتِّفَاقِ .