( 1050 ) حدثنا عبد الله بن الحسن بن أحمد بن أبي شعيب ، ثنا ، ثنا أبو جعفر النفيلي ، عن محمد بن سلمة محمد بن إسحاق قال : بدر ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج ابنته أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس زينب ، وكان كان في الأسارى يوم أبو العاص من رجال مكة المعدودين مالا وأمانة ، وكان لهالة بنت خويلد ، [ وكانت ] [ ص: 427 ] خالته فسألت خديجة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزوجه خديجة زينب ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخالفها ، وذلك قبل أن ينزل عليه ، وكانت تعده بمنزلة ولدها فلما أكرم الله نبيه بالنبوة ، وآمنت به وبناته ، وصدقنه وشهدن أن ما جاء به هو الحق ودن بدينه ، وثبت خديجة أبو العاص على شركه ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد زوج عتبة بن أبي لهب إحدى بنتيه رقية أو أم كلثوم فلما بادى رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا بأمر الله وبادوه قالوا : إنكم قد فرغتم محمدا من همه فردوا عليه بناته فاشغلوه بهن فمشوا إلى فقالوا : فارق صاحبتك ، ونحن نزوجك أي امرأة شئت فقال : لا ها الله إذا ، لا أفارق صاحبتي ، وما أحب أن لي بامرأتي امرأة من أبي العاص بن الربيع قريش فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يثني عليه في صهره خيرا - فيما بلغني - فمشوا إلى الفاسق عتبة بن أبي لهب فقالوا : طلق امرأتك بنت محمد ونحن ننكحك أي امرأة شئت من قريش ، فقال : إن زوجتموني بنت ، أو بنت أبان بن سعيد بن العاص فارقتها فزوجوه بنت سعيد بن العاص ففارقها ، ولم يكن عدو الله دخل بها فأخرجها الله من يده كرامة لها وهوانا له ، وخلف سعيد بن العاص عليها بعده ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل عثمان بن عفان بمكة ولا يحرم ، مغلوبا على أمره ، وكان الإسلام قد فرق بين صلى الله عليه وسلم حين أسلمت وبين زينب بنت رسول الله إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يقدر على أن يفرق بينهما ، فأقامت معه على إسلامها وهو على شركه حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي العاص بن الربيع المدينة ، وهي مقيمة معه بمكة فلما سارت قريش إلى بدر سار فيهم [ ص: 428 ] فأصيب في الأسارى يوم أبو العاص بن الربيع بدر وكان بالمدينة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : فحدثني ابن إسحاق يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، عن عباد بن عبد الله بن الزبير صلى الله عليه وسلم قالت : لما بعث أهل عائشة زوج النبي مكة في فداء أسرائهم بعثت صلى الله عليه وسلم في فداء زينب بنت رسول الله أبي العاص وبعثت فيه بقلادة لها كانت قد أدخلتها فيها على خديجة أبي العاص حين بنى عليها فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها رقة شديدة فقال : وردوا عليها الذي لها قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ عليه ووعده ذلك أن يخلي سبيل " إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها [ وتردوا عليها مالها فافعلوا " فقالوا : نعم يا رسول الله ، فأطلقوه ] زينب إليه إذ كان فيما شرط عليه في إطلاقه ولم يظهر ذلك منه ولا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعلم إلا إنه لما خرج أبو العاص إلى مكة وخلا سبيله بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلا من زيد بن حارثة الأنصار مكانه وقال : " كونا ببطح يأجج حتى تمر بكما زينب فتصحبانها حتى تأتياني بها فخرجا مكانهما ، وذلك بعد بدر بشهر أو شيعه فلما قدم أبو العاص مكة أمرها باللحوق بأبيها فخرجت جهرة . قال : قال ابن إسحاق : حدثت عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم زينب أنها قالت : بينما أنا أتجهز بمكة للحوق بأبي لقيتني هند بنت عتبة فقالت : يا ابنة عمي ، إن كان لك حاجة بمتاع مما يرفق بك في سفرك ، أو مال تبلغين به إلى أبيك ، فإن عندي حاجتك ، فلا تضطني مني فإنه لا يدخل بين النساء ما يدخل بين الرجال قالت : ووالله ما أراها [ ص: 429 ] قالت ذلك إلا لتفعل ، ولكن خفتها فأنكرت أن أكون أريد ذلك ، فتجهزت ، فلما فرغت من جهازي قدم لي حموي كنانة بن الربيع أخو زوجي بعيرا فركبته ، وأخذ قوسه وكنانته ثم خرج بها نهارا يقود بها ، وهي في هودجها وتحدثت بذلك رجال قريش ، فخرجوا في طلبها حتى أدركوها بذي طوى ، وكان أول من سبق إليها هبار بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي ، ونافع بن عبد القيس الزهري بقينة بني أبي عبيدة بن عتبة بن نافع الذي بإفريقية فروعها هبار [ بالرمح ] وهي في هودجها ، وكانت [ المرأة ] حاملا فيما يزعمون ، فلما ريعت ألقت ما في بطنها فنزل حموها ونثر كنانته فقال : والله لا يدنو مني رجل إلا وضعت فيه سهما ، فتكركر الناس عنه ، وأتى أبو سفيان في جلة قريش فقال : أيها الرجل ، كف عنا نبلك حتى نكلمك ، فكف وأقبل أبو سفيان فأقبل عليه فقال : إنك لم تصب خرجت بامرأة على رءوس الناس علانية ، وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا ، وما قد دخل علينا من محمد فيظن الناس إذا خرجت إليه ابنته علانية من ظهرانينا أن ذلك من ذل أصابنا عن مصيبتنا التي كانت ، وإن ذلك منا ضعف ووهن وأنه لعمري ما لنا في حبسها عن أبيها حاجة ، ولكن أرجع المرأة حتى إذا هدأ الصوت ، وتحدث الناس أنا قد رددناها ، فسلها سرا وألحقها بأبيها قال : ففعل وأقامت ليالي حتى إذا هدأ الناس خرج بها ليلا ، حتى أسلمها إلى وصاحبه فقدما بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأقام زيد بن حارثة أبو العاص بمكة وكانت زينب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فرق الإسلام بينهما حتى إذا كانت قبيل الفتح خرج أبو العاص تاجرا إلى الشام ، وكان رجلا مأمونا بمال له وأموال لرجال من قريش [ ص: 430 ] أبضعوها معه ، فلما فرغ من تجارته أقبل قافلا فلقيته سرية رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصابوا ما معه وأعجزهم هاربا ، فلما قدمت السرية بما أصابوا من ماله أقبل تحت الليل حتى دخل على أبو العاص بن الربيع صلى الله عليه وسلم فاستجار بها فأجارته ، وجاء في طلب ماله فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصبح كما حدثني زينب بنت رسول الله يزيد بن رومان فكبر وكبر الناس خرجت زينب من صفة النساء وقالت : أيها الناس إني أجرت ، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة أقبل على الناس فقال : أبا العاص بن الربيع محمد بيده ما عملت بشيء كان حتى سمعته ، وإنه ليجير على المسلمين أدناهم " ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل على ابنته فقال : " " يا بنية أكرمي مثواه ولا يخلص إليك فإنك لا تحلين له . قال " أيها الناس أسمعتم " قالوا : نعم قال : " أما والذي نفس : وحدثني ابن إسحاق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى السرية الذين أصابوا مال عبد الله بن أبي بكر : أن هذا الرجل منا حيث قد علمتم وقد أصبتم له مالا ، فإن تحسنوا وتردوا عليه الذي له فإنا نحب ذلك ، وإن أبيتم فهو فيء الله الذي أفاء عليكم فأنتم أحق به " قالوا : يا رسول الله بل نرده ، فردوا عليه ماله حتى إن الرجل ليأتي بالحبل ويأتي الرجل بالشنة وبالإدواة حتى إن أحدهم ليأتي بالشظاظ حتى إذا ردوا عليه ماله بأسره لا يفقد منه شيئا احتمل إلى أبي العاص بن الربيع مكة فرد إلى كل ذي مال من قريش ماله ممن كان أبضع معه ثم قال : يا معشر قريش ، هل بقي لأحد منكم عندي مال لم يأخذه ؟ قالوا : لا وجزاك الله خيرا فقد وجدناك لعفيفا كريما قال : فإني أشهد أن [ ص: 431 ] لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، والله ما منعني من الإسلام عنده إلا تخوفا أن تظنوا أني إنما أردت أن آكل أموالكم فأما إذا أداها الله إليكم وفرغت منها أسلمت وخرج حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم .